هل قال واحد من الناس للأستاذ الجامعي والقيادي في حماس صلاح البردويل إن الفلسطينيين الذين لا ينتسبون ولا يناصرون حماس يتكلمون العبرية أو السنسكريتية مثلا؟!!
أي مبادرة هذه؟! فما طرحه البردويل ليس أكثر من تنسيق كلام ، باحت الجملة الأولى بتأصل العداء والخصومة عنده وعند جماعته، فهو رغم اجتهاده البالغ والظاهر إلى حد الفيضان إلا أن لسانه خانه، فكتب: "إخواننا في الوطن وخصومنا في اللغة والمفاهيم"، إلا اذا قصد أنه وجماعته حماس خصوم لمفردات ومصطلحات لغة الشعب الفلسطيني وثقافته وعاداته النبيلة وقيمه الأخلاقية، فالرجل ينكر على الشعب الفلسطيني حتى وحدة اللغة والمفاهيم، وهذا ليس بغريب على جماعة تعتبر مفاهيمها مطلقة وما دونها مجرد خصوم وأعداء!.
لا يمكن احتساب ما جاء في كلام البردويل الفيسبوكي مراجعة ولا إقرارا أو اعترافا بالخطايا والجرائم، ولا محاولة لتقديم النوايا الحسنة على السيئة الخبيثة، وإنما كلام شبيه بفقاعات الصابون التي تبدو فيها ألوان قوس قزح، والتي يلهو بها الأطفال، أو تلك التي يستخدمها لاعبو السيرك بمهارة لنيل تصفيق وإعجاب الجمهور.
لو كان البردويل صادقا فيما سماها (مبادرة) لتحدث بأسلوب المتكلم وكف عن مخاطبة الآخر بالصورة نفسها التي يرى فيها ذاته، أما دس السم في (معسل) الكلام الذي لا يصلح إلا ليكون كـ(تنباك) بطعم الفاكهة، تحت جمر ملتهب، يتلذذ بدخانه من شاء، ويكركع بالماء الملوث في مجالس جماعته وقتما شاء.
يتحدث البردويل عن انحراف دلالات الكلمات، فيما لا ذكر في مبادرته لانحراف جماعته بقاطرة المشروع الوطني عن السكة منذ اول يوم سلمناهم مقاليد التشريعي والحكومة رسميا وفق الأصول، فهو يتحدث عن انكسار الميزان ولم يتحدث عن انقلاب جماعته الدموي، فالأستاذ الجامعي كما يصف ذاته باتت بالنسبة له مؤامرة جماعته على المشروع الوطني، وتمزيق أوصال الوطن جغرافيا وسكانيا وسياسيا وسلطويا، ومحاولات تشويه الهوية الوطنية العربية الانسانية للشعب الفلسطيني، مجرد كيد وخصومة!!.. حتى أن القارئ يكاد يتوه في معنى الخصومة التي قصدها.
انظروا إلى ابتدائه باتهامنا في القتل وفي كل فعل شائن نحن حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وكيف أنه جعل ما فعلته حماس بمثابة رد فعل، فهو قد كتب: "قتلتم منا، وقتلنا منكم، واتهمتمونا في وطنيتنا، واتهمناكم"، وكلام كثير عن كبائر وأفعال يعرف البردويل أن جماعته ارتكبوها عن سابق تصميم وترصد وتخطيط.
يعترف البردويل بجريمة انقلاب حماس دون الإفصاح عن الفاعل، فانقلابهم كان على كل ما يجمع الشعب الفلسطيني، الوطن، منظمة التحرير، الدولة، أما قوله"أما آن للدين واللغة والقيم أن تجمعنا"، فهذا دليل دامغ على أنهم يوم انقلبوا علينا اعتبرونا اعداء للدين واللغة والقيم، ولو أردنا سرد ما قالوه فينا فإن ألف مساحة كمساحة مقالنا هذا لا تكفي لعشر ما قالوه ونشروه عن الوطنيين في هذا البلد.
يود البردويل الابقاء على الانقلاب وتداعياته وآثاره والجرائم التي ارتكبتها حماس الى يوم القيامة لذا كتب: "تعال نطوي صفحة الماضي والله يتولى الحكم بيننا في ما مضى فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء" ؟؟؟!!! .. وهذا منسجم تماما مع مماطلات وتعطيلات وعراقيل وتفجيرات جماعته على سكة المصالحة.
بعد ثانيا وثالثا ورابعا يأتينا البردويل في خامسا ليلهو بذاكرتنا، وكأن اتفاق القاهرة، وما تلاه من اعلانات وآخرها التوقيع على بروتوكول تنفيذ اتفاق القاهرة وآليات تطبيقه في العام 2017 مجرد (لعب عيال)، فهو كأي واحد من مشايخ جماعة الاخوان المسلمين ينسفون كل شيء ويعودون إلى نقطة الصفر كلما أدركوا أن الحق سينال من باطلهم.
فهو قد كتب: "نبدأ بوضع كل الأوراق التي اتفقنا عليها على الطاولة، ونراجعها ونؤكد إيماننا بجدواها، ونكمل ما نقص من آليات تطبيقها" .. وهنا نسأله: "ألم يتضمن اتفاق اكتوبر 2017 آليات التطبيق وقد وقعتم عليه بشهادة الأشقاء المصريين حتى أن يحيى السنوار قائدك في غزة قال إنه سيضرب بيد من حديد كل من يخالف الاتفاق أو يعرقله ؟!..فإذا بكم تفجرون موكب رئيس الوزراء السابق الحمد الله ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج.
لماذا يريد البردويل أن يكون "الحوار سريا بعيدا عن الإعلام"، وهل هناك ما يخشون ظهوره إذا كانت نواياههم خالصة لله والوطن، أم تراهم يتحاشون الانكشاف أمام مشغليهم أو الوقوع في حرج أمام مشايخهم الذين أفتوا لهم بشرعية الانقلاب ومولوه وأمنوا له أسباب الديمومة حتى الآن؟!.
يبقى السؤال الأخير للبردويل..هل عرضتم خطة الانقلاب والعمل لصالح أجندات خارجية وقوى اقليمية في استفتاء على الشعب؟! لماذا لا تخرجون للشعب وتقرون بالجريمة، وتعتذرون لعائلات الضحايا وللشعب الفلسطيني، وتسلمون قطاع غزة للحكومة الشرعية، ثم تذهبون إلى انتخابات، حينها سيكون الاستفتاء الحقيقي وسيتبين لكم فظاعة وخطورة ما جنيتم على هذا الشعب، فالانتخابات هي الاستفتاء الحقيقي.
سمعنا منكم ما سمعنا ورأينا ما رأينا، ولا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين، أما وقد لدغتمونا مئة مرة، فإننا سنبقى نحاول بلا نهاية، فقط من أجل تحرير مليوني مواطن فلسطيني من قيودكم بما فيهم المنتسبون لصفوفكم والمناصرين لكم، فغزة جزء من أرض فلسطين، وسكانها جزء لا يتجزأ من شعب فلسطين، لا خصام بين فلسطيني وفلسطيني أبدا، أما نهجكم فهو الذي لا يصلح لأن يكون منهج حياة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها