صدر مؤخّرًا كتاب التحول إلى مجتمع المعلومات – الخصائص والتحديات والتأثيرات – دراسات في تكنولوجيا المعلومات والإعلام الجديد للدكتور صالح أبو أصبع، وذلك عن دار مجدلاوي للنشر والتوزيع في الأردن، الطبعة الأولى 2018-2019م، ويحتوي الكتاب 397 صفحة.
يتناول هذا الكتاب بحوث أجراها د.أبو أصبع محورها الرئيسي هو تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ومنتجاتها المرتبطة بالإعلام الجديد في ظل العولمة.
يطرح د.أبو أصبع التحديات التي يواجهها الإعلام للحفاظ على نفسه في ظل هذه التكنولوجيا التي جعلت من كل مواطن صحفي يمكن التصوير من خلال هاتفه الذكي، ويمكنه كتابة وتجميع معلومات وإذا ما توفر له الانترنت يستطيع النشر بسرعة فائقة قد تسبق وسائل الإعلام نفسها، ما يخلق العديد والعديد من التحديات أمام الإعلام والمواد التي يقدمها.
ويربط د.أبو أصبع في كتابه بين التحديات التي تواجه الإعلام من جهة وبين وظائف الإعلام وتحديدًا التنمية، فطرح العديد من النقاط التي تلخص مجموعة من التحديات الاتصالية والتنموية التي يجب أن يلتفت إليها الباحثون في هذا المجال ومن بينها التالي:
- الخصخصة والاندماج: بمعنى ظهور القنوات الخاصة وانتشارها إلى جانب القنوات الرسمية التي لا تحظى بثقة الجماهير، ما يجعل توجه الجماهير إلى الوسائل الخاصة والاجتماعية.
- التعددية في وسائل الإعلام: فلم تعد وسائل الإعلام التي تنشر المعلومات هي تلك التقليدية بل أضيف إلى جانبها وسائل الإعلام الجديد مثل المواقع الإلكترونية ووسائل الاتصال الاجتماعية، وهذا يتطلب معرفة ودراسة كيفية تحقيق هدف التنمية في كل هذه الوسائل الجديدة.
- المبالغة وتضخيم المضمون: وذلك من خلال التلاعب بالنشر سواء للأحداث أو حتى للكلام العادي الذي تحول من الشفهية إلى الإلكتروني.
- تهديد الثقافة الوطنية: وذلك من خلال الانفتاح على الإعلام الدولي والتعرض للمعلومات الخارجية ما يؤثر سلبا على خطط التنمية في الوطن العربي.
- الجرائم الإلكترونية: مع المنع والحظر الذي تمارسه الحكومات العربية لبعض المواقع الالكترونية والتشويش على القنوات والإذاعات ما أظهر افتقادا للأمن الالكتروني وهذا بدوره يقود إلى إعادة النظر في التشريعات الإعلامية.
- الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء إلى البيئة الحضارية وذلك بسبب طغيان الإعلام الغربي بكل مواده.
- المحتوى الرقمي العربي: رغم تدفق المعلومات وتوسع وانتشار المكتبات الرقمية والالكترونية إلا ان المحتوى العربي ظل ضعيفا مقارنةً بغيره من اللغات المختلفة.
- دعم المجتمع العربي المدني والمؤسسات الديمقراطية: بسبب معاناة معظم الدول العربية من العجز المالي والمديونية والتحديات السياسية والاقتصادية وهذا يحتاج على دعم مالي مستمر لتحقيق التنمية.
- معاناة الشعب الفلسطيني: هناك تقصير واضح بطرح القضية الفلسطينية وبالتالي هناك حاجة إلى توفر إعلام ينقل هموم الشعوب وقضاياها وأن يكون ملتزما بالدفاع عن المصالح القومية وأهمها الوحدة.
يضم كتاب د.صالح أبو اصبع فصول ثمانية وهي: (الإعلام الالكتروني الرقمي)، والإعلام الجديد، وتحديات الإعلام الإلكتروني الرقمي للمجتمعات العربية، الفضائيات العربية وتحدياته للهوية الثقافية في ظل العولمة، التواصل عبر الترجمة بين العرب والآخرين، المكتبة الرقمية وتحدياتها في الوطن العربي، تكنولوجيا المعلومات والتعليم الجامعي، تحديات الإعلام الجديد وأولوياته.
وتناول د. أبو أصبع في الفصل الأول خصائص واتجاهات لإعلام جديد وقدم فيه تعريفا لمفهوم الإعلام الإلكتروني، وخصائص وسائل الإعلام الإلكتروني الجديد وأهمها (التلاقي والفورية والتفاعلية والأرشفة والافتراضية وتعدد الوسائط التقنية فيه و...الخ) واتجاهات الاتصال الإلكتروني وتطبيقاته وخلص فيه إلى:
هناك تدفق هائل بالمعلومات، تفعيل دور الأشخاص العاديين من خلال خاصية التفاعلية، نشر الأخبار من قبل الناس العادين وليس من قبل الإعلام الرسمي، تخطي حواجز الرقابة التقليدية، هناك فجوة رقمية بين عالم غني وعالم فقير، ازدياد مساحة الحرية في تداول المعلومات، ستتأثر صناعة الصحافة المطبوعة، سيستثمر التفاعل في الإعلام الإلكتروني بمجالات التعليم والتجارة والحكومة الإلكترونية.
وفي فصله الثاني الإعلام الجديد، وضع د.أبو أصبع عنوانا فرعيا وهو السلطة الناعمة في بيئة العولمة وتحدث فيه عن العولمة وتحدياتها، وعن الإعلام العربي وجوانب ثلاثة للإعلام الجديد وهي الإعلام الفضائي، والفضائيات العربية، والفضائيات الأجنبية، وتحدث عن الشبكة العنكبوتية وشبكات التواصل الاجتماعي، والمدونات الشخصية، كما وتناول فيه تحديات الإعلام المعولم في مجال الحرية، وتحدث عن ظواهر سلبية في الإعلام العربي مثل كونه تقليدي ومبعثر ولا يعتمد على الحقائق الكاملة، وغير مدروس وغير متخصص وغير ديمقراطي وتنقصه الخبرة في حين يسيطر موضوع الربح في القطاع الخاص ما يؤثر على المضامين الإعلامية، كما واقترح أبو أصبع تبني الإعلام العربي لاستراتيجية إعلامية عربية مبنية على سياسات وطنية وقومية فيها تحقيق لمصالح عربية مشتركة.
وفي الفصل الثالث تحديات الإعلام الإلكتروني الرقمي للمجتمعات العربية وتنول فيه أبعاد أربعة لهذه التحديات، البعد القانوني والذي يضم حرية التعبير والرقابة وغزو الخصوصية، والبعد الثاني تنول فيه طبيعة المضمون وعدم التوازن في التدفق الإعلامي الدولي، والبعد الثالث الممارسة والتحكم بالاتصال، والبعد الرابع التحديات السلوكية المتمثلة في: الجريمة الإلكترونية، والانترنت أداة للإرهاب الرقمي، والرسائل المزعجة، والإدمان على الانترنت، والإعلان، وخلص في هذا الفصل إلى عدة أمور أهمها التالي:
فيضان المعلومات عبر الانترنت سيشكل عبئا ثقيلا على المتلقي، سيصبح لمستخدمي الانترنت دور في نشر الأخبار خاصة ما تخفيه وسائل الإعلام، سيوفر الكتاب الإلكتروني نقلة نوعية في تخطي حواجز الرقابة، لا يمكن التعويل على نظام عالمي منفتح الآفاق في ظل وجود فجوة رقمية بين العالمين، ظهور الإرهاب الإلكتروني.
وفي الفصل الرابع الفضائيات العربية وتحدياتها للهوية الثقافية في ظل العولمة، في هذا الفصل ذكر أبو أصبع بعض الأمثلة المعاصرة لأحداث سياسية وكيفية تناول الإعلام لها مثل زيارة السادات لإسرائيل والحرب الأهلية في لبنان، احتلال صدام للكويت، وأحداث الجزائر، وتناول الانتفاضتين الفلسطينيتين وتغطية الإعلام له، وطرح تساؤلا حول ذلك هل ماتت القومية العربية، وهل طغت الهويات الإقليمية عليها؟، وخلص في هذا الفصل إلى بعض التوصيات ومنها التالي:
الاهتمام ببرامج ذات جودة عالية، توفر برامج غنية بالتعليم والأخبار والتسلية، تعزيز الهوية الوطنية والقومية من خلال البرامج المقدمة، تعزيز الدور الثقافي والربط بين الشعب والدولة، ونشر الثقافة الفردية، والحد من السيطرة والاحتكار للشركات والأفراد، وتقديم تحليلات شاملة وموثوقة وعميقة في التغطيات المحلية والدولية.
وفي الفصل الخامس التواصل عبر الترجمة بين العرب والآخرين جسر ذو اتجاهين، طرح د.ابو اصبع عدة تساؤلات وأجاب عليها ومن بينها: ما العوامل التي تؤديها الترجمة كوسيلة للتواصل الفكري والعلمي في الحياة العربية؟ ما علاقة الترجمة بالتدريس والبحث العلمي؟ هل للترجمة دور في معرفة الآخر والصورة النمطية والتفاعل بين الشعوب؟
وفي الفصل السادس المكتبة الرقمية وتحدياتها في الوطن العربي، تناول فيه أبو اصبع تعريف وأهداف المكتبة الرقمية ووظائفها ومزاياها، وخلص على استنتاجات وتوصيات منها: ضرورة دمج المكتبة الرقمية في التقليدية وجعلها أكثر مواءمة للقراء، ضرورة توفر جهود كبيرة للحفاظ على المحتوى الرقمي وسلامة الوثائق وتغذيتها باستمرار، ضرورة الالتزام بكل المتطلبات الأدبية والالتزامات المالية والقانونية خاصة في مجال حقوق الملكية الفكرية، ضرورة الإلمام بالمعلوماتية لدعم المكتبة الإلكترونية.
بينما يطرح أبو أصبع في فصله السابع تكنولوجيا المعلومات والتعليم الجامعي وعد أم إحباط؟ تجربة جامعة فيلادلفيا في استخدام تكنولوجيا المعلومات، وخلص فيه إلى أهمية توظيف تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وتوظيفها في مجال التعليم العالي، كما وشرح أنواع التعليم الإلكتروني والمهارات المطلوب استخدامها، واستعرض بعض المشكلات المرتبطة بالبحث الإلكتروني.
وفي فصل كتابه الأخير تحديات الإعلام الجديد وأولوياته- أجندة للإعلامي المسلم في ظل العولمة (رؤية علمية لصناعة إعلام إسلامي جديد)، تحدث فيه أبو اصبع عن الميزات الأساسية للإعلام الإلكتروني الجديد، وتحديات الإعلام الجديد والعولمة، وتحديات الانتشار والتأثير، والتحديات في بيئة العالم الإسلامي ومنها الداخلية مثل الفقر ونقص الحريات والتطرف الإسلامي وغياب المشاركة الشعبية ومنها الخارجية مثل التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية، وطرح فيه مواصفات الإعلامي المسلم للتعامل مع الإعلام الجديد ومنها امتلاك الرؤية الفكرية المستندة على قيم الإسلام، والالتزام بأهداف المجتمع ومصالحه، والاهتمام بنشر الدعوة الإسلامية والتراث الإسلامي، والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية والتفتح والحوار، والنقد والنقد الذاتي، والشجاعة في التعبير عن الرأي والأمانة العلمية.
وخلص في الفصل الأخير إلى عدة أمور من بينها التالي:
الدفاع عن الحرية الثقافية والإعلامية وحق الناس في الاتصال، والاحتفاظ بالكفاءات الإعلامية والثقافية وعدم السماح لها بالمغادرة، وإزالة العوائق التي تقف أمام التدفق الإعلامي، اعتماد اللغة العربية في نشر الثقافة ونقلها، المطالبة بإصدار تشريعات تضمن حرية الإنتاج الثقافي والإعلامي، وحماية التراث ومقاومة التبعية الثقافية والغزو الثقافي، وتعزيز التعاون مع بلدان الدول النامية.
بقلم: ناريمان شقورة
التحوُّل إلى مجتمع المعلومات
05-07-2019
مشاهدة: 328
إعلام حركة فتح - إقليم لبنان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها