لم تكن تعلم رجاء (اسم مستعار) ان صورتها التي ارسلتها لفارس احلامها في لحظة ضعف عاطفية أعطته فيها الثقة والحب والحنية والصدق ،معتقدة انه انسان موثوق ولطيف وحريص عليها، وانه يبادلها الحب كما بادلته وأخلصت له.
رجاء شابة في مقتبل العمر، سلمت صورها طواعية ودون إكراه أو تردد لشاب أحبته بصدق، وتسامرت معه لساعات طويلة تبادلا فيها الحب والغزل واستمعت منه للكلام المعسول عبر الـ"فيسبوك" والـ "واتسآب" لكنه مغموس بالمكر والغش والحقد والتخطيط للإيقاع بضحيته الجديدة كغيرها من عشرات الضحايا ..هي تحبه وهو يمكر لها..هي تَصدُقه المشاعر وهو يكذبها ويتفنن في طرق اذلالها..هي تفرح لسماع صوته ومشاهدة صوره وترسم وتخطط لتشق طريق حياتها مع زوج المستقبل وهو يتنغص ويتذمر ويتململ لطول الوقت قبل حصوله على اداته لابتزازها بهدف جمع المال منها أو وصوله لجسدها.
لحظات وتبادل للكلمات المعسولة في محادثة عبر الـ "فيسبوك" في صدفة جمعت رجاء "في عالم افتراضي" مع شاب عبر الـ "فيسبوك" ولم تره ولم تلتقه ولم تعرفه سابقا ولكن وَعدها بأحلام اليقظة ووعدها بالزواج وببيت مستقل ومركبة جديدة ورغد العيش في بيت الزوجية.. احبك اعشقك .. كلمات نزلت على قلب رجاء كالصاعقة، صدقتها صدمتها.. آمنت بها، غمرتها فرحة كبيرة، وشعرت بان قلبها توقف بسهم جاءها وأصابها في فؤادها، كيف لا!! وهي لم تسمعها من قبل.. فوالدها مشغول بالعمل والزيارات وتبادل النكات مع أصدقائه .. والأم منهمكة في عمل البيت وتربية الأبناء.
رجاء عندما سمعت هذه الكلمات اعتقدت ان ملاكا من السماء نزل ليأخذها لملكوت الحب والجمال والحنان.. ولم تلتفت للنصائح ولكل ما ترامى لمسامعها من إرشادات وتحذيرات وقصص معتقدة ان الحب لهذا الوحش المتمثل في انسان خلوق مؤدب اسمى من كل ما يحيط بها وأنبل من كل المثاليات.. ففيه ترى المستقبل، وفيه ترى فارس الأحلام، وفيه ترى أبناءها وحياتها .. ولم تفكر ولم تتردد في تنفيذ ما يطلب منها وترسل صورها ومعلوماتها عبر الـ"فيسبوك" والـ "واتسآب" وكانت على استعداد للقائه في أي مكان، كيف لا! وهو الحبيب والصديق والقريب والأخ والأب كما نظرت إليه واعتقدت.. لكنه هو المتربص الطامع الذي يطمع ويطمع لأن الصور لا تكفي ويريد مشاهدتها بفيديوهات مسجلة وهي لا تتردد في تنفيذ مطالبه في لحظات ظنت أنها أجمل اللحظات التي تعيشها في حياتها ولكنها لم تكن تعلم انها ستكون نفس اللحظات التي ستجلب لها الويلات...
رجاء سعيدة جدا بهذا الحب وهذا الحبيب، ولكن فجأة يغيب الحبيب وتغيب معه الأحلام ويختفي لأيام قليلة عاشتها رجاء بقلق ونكد وخوف شديد على الحبيب ولا تعرف عنه شيئا ولم تكن تعلم ان غيابه كان للتدبير والتخطيط وتجهيز ما لديه من صور ومعلومات ليبتزها ويدمر حياتها..
عشرة ايام لا اتصال ولا رسالة اطمئنان ولا سؤال ولا معلومات.. مرت وكأنها عشر سنين.. وفجأة ... تصل رسالة من هذا الغائب ولكنها رسالة الويلات والتهديدات.. رسالة وصلتها نظرات رجاء بسرعة البرق لتقرأ كلمات الغزل المعتادة ولكنها لم تكن كذلك.. وكانت بمثابة الصاعقة المدمرة، انها رسالة التهديد والوعيد اما الدفع بأموال كبيرة واما تسليم الجسد للمصير المحتوم والانزلاق في وحل لا تعود منه.. رسالة قلبت حياتها رأسا على عقب وحولتها من حياة الحب والفرح والسرور لحياة الغم والهم والحزن والنكد والجحيم. كما هو حال آلاف الفتيات والشبان الذين وضعتهم ظروفهم وتصرفاتهم واستسلامهم في نفس الظروف التي وضعت بها رجاء .. وبدأت افكار تراودها وتحاورها بين قلبها وعقلها واهلها الذين لو علموا بالتأكيد سيقتلونها وتُلصق بهم العار للابد، وبعد طول تفكير انحسرت خياراتها بأمرين احلاهما مر اما الاستسلام ودفع المال والجسد والشرف واما الانتحار والرحيل عن هذه الدنيا..
ولكنها تختار الطريق الاخر الأسلم والانجع وفيه تنقذ نفسها واهلها، وهو المواجهة والتحدي والابلاغ عنه وعدم السكوت وتتوجه للشرطة لتحضره ويقبع في السجن. كيف لا وهو من قتل فؤادها وقتل مشاعرها كما قتل معنوياتها وروحها المرحة الفرحة لكن! لم يقتل جسدها ولم تمت وبقيت على قيد الحياة متعظة بعد درس عظيم تعلمت منه الكثير .. فلكل شابة وشاب.. لا تسلموا صوركم ولا تثقوا بالعالم الافتراضي المسمى "فيسبوك".
قُتلت ولكنها لم تمت
04-07-2019
مشاهدة: 209
لؤي أرزيقات
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها