أعلنَ الحمساويون أنَّهم باشروا تحقيقًا في "حادث" إطلاق النار على مركبة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، مفوّض التعبئة والتنظيم فيها للمحافظات الجنوبية، أحمد حلس، لمعرفة هُويّة الفاعلين والوصول إليهم!!

وكالعادة لن يصل التحقيق الحمساوي هذا لغير التآمر على الحقيقة لطمسها، تهرُّبًا من تحمُّل مسؤولية هذه الجريمة، جريمة محاولة اغتيال أبو ماهر حلس، وربما سيقول التحقيق الحمساوي إنَّ حلس هو من دبَّر محاولة اغتياله كما فعل هذا التحقيق تمامًا، بشأن تفجير موكب رئيس حكومة الوفاق الوطني رامي الحمد الله، ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، في آذار من العام الماضي، والذي خلص إلى أن فرج هو من دبَّر هذا التفجير، وكأنَّ ماجد فرج حسب هذا التحقيق، انتحاري من طراز جديد!!!

ولتحقيقات الأمن الحمساوية مجهولون كثر (!!!) تُلقي عليهم "حماس" مسؤولية العبث الأمني الخطير الذي تمارسه مليشياتها، فالذين فجَّروا العديد من منازل قيادات "فتح" في غزة، ومنصّة إحياء ذكرى رحيل الزعيم الخالد ياسر عرفات في ساحة الكتيبة عام 2014 كانوا مجهولين وما زالوا حتّى الآن!!

أمَّا الذين فجَّروا مكاتب تلفزيون فلسطين في غزّة حسب التحقيقات الحمساوية فكانوا موظّفين من التلفزيون ذاته (!!) لكنهم مجهولون ومازالوا كذلك!!

نورد كلَّ هذه الحقائق لنؤكد لمن ينتظر أن تُجري "حماس" تحقيقًا بشأن محاولة اغتيال عضو مركزية "فتح" في قطاع غزّة المكلوم أحمد حلس، بأنَّ هذا التحقيق لن يخرج عن سياق ما اعتادت "حماس" عليه من الكذب والافتراء والتآمر على الحقيقة بل والسعي لاغتيالها.

لا "مجهولين" في قطاع غزة وسلطة "حماس" تحصي على الناس أنفاسهم هناك ومليشياتها في كل شوارع وحارات القطاع المكلوم تحاول كتم أنفس هذه الشوارع والحارات، لكنَّ "حماس" كلَّما فشلت في غاياتها الحزبية التي تريدها من وراء هذه العمليات الإجرامية، فبركت المجهولين كما تريد، واتّهمت الضحية بمحاولة اغتيال نفسها!! إنّه نهج الجريمة الذي جاءت به "حماس" إلى الساحة الفلسطينية كمثل ورم خبيث، بل إنّه النهج الذي سجَّلته باسمها حصريًّا يوم انقلابها الدموي العنيف على الشرعية الوطنية الدستورية والنضالية عام 2007.

هو نهج جماعة الإخوان المسلمين في كل مكان، وهو في فلسطين نهج المؤامرة التي تريد الإطاحة بالمشروع الوطني التحرري، وتدمير لا الوحدة الوطنية فحسب، بل والنسيج الاجتماعي، والسلم الأهلي أيضًا، في وطننا المطعون بالاحتلال الإسرائيلي ومستوطناته القبيحة!!

ولأنَّ "حماس" لا تنتمي ولن تنتمي سوى لهذا النهج، فإنَّها بما يخطّط وينتج هذا النهج من محاولات إجرامية آثمة، إنَّما تريد ضرب كل مسعى لإنهاء الانقلاب بكل مخرجاته البغيضة، وعلى من يطالب بالتحقيق في جريمة محاولة اغتيال حلس أن يقرأ أنَّ المحاولة هذه جاءت أوّلاً إثر زيارة رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر لغزة للبحث في مسألة إجراء هذه الانتخابات لأنَّها الوسيلة الوحيدة لتصويب الأوضاع الفلسطينية في مثل هذه المرحلة التي تتطلب وحدة الصف الفلسطيني بلا انقسام ولا شرذمة وحيث صناديق الاقتراع كفيلة بحسم هذه الأوضاع وتصويبها على نحو ما يقرِّر الناخب الفلسطيني، محاولة اغتيال حلس إثر هذه الزيارة هي محاولة اغتيال لصناديق الاقتراع هذه باغتيال فرصتها الممكنة التي دعا إليها الرئيس أبو مازن، ثم إنَّ هذه المحاولة الآثمة جاءت كذلك إثر زيارة الوفد الأمني المصري لغزة في محاولة جديدة منه، أن يجد منفذًا لتحقيق مسعاه في التقدُّم بالمصالحة الوطنية التي لم يعد هذا المصطلح الذي يصفها مناسبًا لها، ولهذا فإنَّ محاولة اغتيال حلس هي اغتيال لهذا المسعى المصري أيضًا، ولا يتطلَّب إثبات هذه الحقيقة أيّة دلائل أخرى، لأنَّ طلقات الرصاص في جسد مركبة حلس هي مَن تؤكّد هذه الحقيقة، بقدر ما تؤكّد أنَّها طلقات النهج الحمساوي المريض.

والسؤال الآن بعد كل هذه الخطايا التي ترتكبها "حماس" ضد فلسطين ومشروعها التحرّري، وضد الوحدة الوطنية، وضد السلم الأهلي، والنسيج الاجتماعي لشعبنا وضد منظومته القيمية والأخلاقية الحضارية والإنسانية، وهي تعمل على بث الكراهية والحقد وتأليب الأخ على أخيه فيما تسعى في الوقت ذاته للتهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي عدو الكل الفلسطيني!!! السؤال الآن والذي طالما كان هو السؤال منذ الانقلاب الدموي إلى متى يظل هذا الوضع ممكنًا ولماذا يظل حتى الآن...

لا مجهولين في غزّة، إنَّهم "القيادات" في مكاتب "حماس" وأجهزتها الأمنية والناطقون باسمها والملثمون من عناصر مليشياتها، والاستنكار وحده والحالة هذه، لا يكفي، بل كلمة الحق التي يجب أن تسمعها "حماس" أنَّ هذا النهج الإجرامي لن يسود في الساحة الفلسطينية، ولن يصح في المحصلة غير الصحيح الوطني.