منذ الإعلان عن تحديد 30 نيسان الحالي لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، لاحظنا الكثير من وجهات النّظر والاجتهادات حول ضرورة انعقاد المجلس أو عدمها، واشتراطات البعض حتّى يشارك في الاجتماع، ورفض البعض الآخر للاجتماع مسبقًا، ومع أنّ من حقّ أيّ تنظيم أو حزب أو شخص عاديّ أن يطرح وجهة نظره حسب قناعاته، إلّا أنّ المراقب لما يجري على السّاحة الفلسطينيّة، لا يحتاج إلى كثير من الذّكاء في تحليل هذه المواقف المتباينة، فبعض من وضعوا اشتراطات لحضور الاجتماع لهم أهداف أقلّ ما يمكن أن يقال فيها أنّها مزايدات لا مبرّر لها، ولو تمّ القبول باشتراطاتهم لما شاركوا في الاجتماعات؛ لأنّهم مرتبطون بأجندات خارجيّة لا يستطيعون القفز عنها، والبعض الآخر معروف عنه أنّه يرفض المشاركة في مؤسّسات منظمّة التّحرير، والسّلطة الفلسطينيّة من منطلقات عقائديّة وسياسيّة ثابتة، وهو لا يضع شروطًا ولا يهاجم من يشاركون ولا من يرفضون المشاركة، وهذا موقف يحمدون عليه. وهناك من يرفضون المشاركة لتسجيل المواقف ظنًّا منهم أنّهم برفضهم هذا يحقّقون مكاسب تتمثّل بكسب الرّأي العامّ ويعتقدون أنّهم سيقطفون ثماره في أيّ انتخابات تشريعيّة قادمة.

وما بين الّداعمين والرّافضين والمهاجمين والمشترطين و"الحردانين" يجدر التّذكير أنّ الأكثريّة المطلقة منهم رفضت اتفاقات أوسلو الموقّعة بين إسرائيل ومنظّمة التّحرير عام 1993 والتي ذبحتها إسرائيل من الوريد إلى الوريد، لكنّهم ما لبثوا أن شاركوا في انتخابات الرّئاسة والمجلس التّشريعيّ والمجالس البلديّة والمحلّيّة وجميعها من إفرازات أوسلو، وأبرز هؤلاء هي حركة حماس التي حصدت غالبيّة أعضاء المجلس التّشريعيّ في انتخابات العام 2006، لكنّها انقلبت في العام 2007على الشّرعيّة الدّستوريّة، وفصلت قطاع غزّة عن الضّفّة الغربيّة،؛ لتقيم "إمارتها" في قطاع غزّة رغم ما يعانيه من مشاكل لا حصر لها، ودون الأخذ بعين الاعتبار لاحتياجات ما يقارب من مليوني شخص يعانون من ويلات الحصار والبطالة وحتى حدود المجاعة، والأنكى من ذلك أنّها تحاول تصدير ما تسبّبت به وتحميل وزره لغيرها.

ومّما يلفت الانتباه أنّ هناك أشخاصًا مستقلّين أو محسوبين على اتّجاهات فكريّة، انتظروا دعوتهم للمشاركة في اجتماعات المجلس، ولمـّا خابت توقّعاتهم بدأوا هجومهم على المضاد والمعارض لاعتقادهم بأنّ لهم شعبيّة تؤهلّهم بأن يكونوا ندّا لتنظيمات عريقة!

ورغم أنّ الدّافع الرّئيس لدعوة المجلس الوطنيّ للانعقاد هو قرار الإدارة الأمريكيّة الاعتراف بالقدس الشّريف كعاصمة لإسرائيل، وما يمثّله ذلك الاعتراف من خطر على دول وشعوب المنطقة جميعها، إضافة إلى كونه التفاف على حقوق الشّعب الفلسطيني وحقّه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف، إلا أنّ ذلك لم يوحّد الموقف الفلسطينيّ مع الأسف، وبغضّ النّظر عن الاختلاف في المواقف إلا أنّ التساؤل يبقى حول الفوائد المرجوّة من المقاطعة؟ فهل هي تصبّ في المصلحة العامّة أم لا؟ ولماذا لم يشارك المقاطعون ليطرحوا مواقفهم من على منبر المجلس؟