بعدما سقطت الخطة "المبادرة" التي اطلقها وزير الخارجية الاميركية جون كيري التي كانت معروفة باسم الخطة الاقتصادية القائمة على تقديم مساعدات مالية كبيرة لانعاش المفاوضات المتوقفة ما بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي نتيجة لتعنت الحكومة الاسرائيلية ورفضها الاعتراف بالحقوق التاريخية والوطنية للشعب الفلسطيني ورفضها وتنكرها لكل القرارات الدولية وبما فيها المبادرات الاميركية ذاتها ونتائج المؤتمرات الخاصة وفي مقدمها مؤتمر مدريد للسلام التي اضيفت بدورها الى مجموعة القرارات والمبادرات الاميركية والعربية والاوروبية التي كانت تحاول ايجاد صيغة ملائمة ومناسبة للتوصل الى حل دائم وعادل لقضية الشرق الاوسط وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية.

وبعد هذا الفشل والسقوط الذريع عاد وزير الخارجية الأميركية جون كيري بما يشبه المبادرة الجديدة وصفتها الصحف الاسرائيلية بـ "الحل الابداعي" باعتبارها اقتربت أكثر نحو القضايا الخلافية الهامة والساخنة لدى الطرفين اي ارتكازها على الحديث ولأول مرة عن حدود الرابع من حزيران من العام 1967 ويهودية اسرائيل كأساس لقيام الدولة الفلسطينية مع تبادل للاراضي مع حرية الطرف الاسرائيلي على الاعتراض حول حدود الرابع من حزيران والطرف الفلسطيني على يهودية اسرائيل ومن خلال القراءة المتأنية لتفاصيل خطة كيري "الجديدة" والتي تتضمن العديد من الجمل المنسقة و"المغرية" المرتبة على شكل مبادئ واهداف لهذه الخطة وعلى سبيل المثال الحديث عن تجميد الاستيطان وليس "وقفها" وكذلك تحدثت الخطة عن اطلاق ما يقارب الـ 103 اسرى ومعتقلين منذ ما قبل اتفاق اوسلو 1993 خلال مراحل تمتد على مدى 6 أشهر وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية في الاراضي الفلسطينية وكذلك على ثلاث مراحل. وعلى ثلاثة مستويات عاجلة ومتوسطة الأجل وبعيدة المدى يحددها الطرف الفلسطيني على ان تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة.

جاءت خطة كيري على شكل قالب الحلوى المطبوخ بالسم خصوصاً وان الادارة الاميركية تدرك جيداً مدى الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني الذي يقف بدوره على حافة الانهيار الشامل من هنا فان الطرف الفلسطيني الذي التقى مع فريق عمل الوزير الاميركي لن يجد نفسه الا في موقف اعادة تكرار وتأكيد المواقف الفلسطينية والتمسك بها. وهي

1-  الانسحاب الاسرائيلي الفوري والشامل من الاراضي الفلسطينية المحتلة والتراجع الى حدود ما قبل 1967.

2-  الوقف الفوري لكل اشكال عمليات الاستيطان وازالة كل المستوطنات غير الشرعية وخصوصاً تلك الموجودة في عمق المناطق الفلسطينية.

3-  قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف الخالية من اي مستوطنات ومستوطنين.

4-  اطلاق جميع الاسرى والمعتلقين الفوري والشامل والبالغ عددهم ما يقارب الـ 8 آلاف معتقل وأسير.

5 - اقامة السلام الشامل والعادل على اساس القرارات الدولية وعودة اللاجئين الى اراضيهم وقراهم التي هجروا منها.

ووضع هذه المبادئ غير القابلة للمبادلة او التفريط بين يدي وزير الخارجية كيري وفريق عمله والتأكيد عليها واعتبارها سلة واحدة وهي الحد الادنى المقبول فلسطينياً.

والتأكيد على ان الخيارات الفلسطينية البديلة جاهزة وموجودة المتمثلة بالمفاوضات تحت اشراف الامم المتحدة وعلى اساس قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 194 و 338/ 242 التي تتحدث عن دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس على كامل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وبقيادة الممثل الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية وترجحة قرار قبولها لفلسطين عضواً في الامم المتحدة على الارض واعتبارها دولة محتلة بما يعني ذلك تطبيق القرارات الملزمة في مثل هذه الحالات وتحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يصبح فيه العالم مطالباً بالتدخل عسكرياً لتنفيذ الشرعية الدولية وبالقوة. وكذلك التوجه الى كل المحافل الدولية بما فيها محكمة العدل الدولية ومحكمة لاهاي ومواجهة اسرائيل هناك باعبتارها دولة ارهابية ترتكب يومياً الجرائم بحق الشعب الفلسطيني مثل الاستيطان وهدم البيوت واقتلاع السكان الاصليين من اراضيهم كما حدث ويحدت هذه الايام في المناطق الصحراوية في صحراء النقب دون ان ننسى ان وضعية فلسطين الجديدة في الامم المتحدة يعطيها الحق في التقدم بشكاوى أمام مختلف الهيئات والأطر القانونية والانسانية في وجه اسرائيل واظهارها كدولة مارقة وخارجة على القانون الدولي. وهي قضية كثير من الدول يقف الى جانب فلسطين في مثل هذه الحالات والقضايا. وعلى هذا الاساس المطلوب من المفاوض الفلسطيني ان ينقل لوزير الخارجية كيري وفريق عمله الشروط الفلسطينية لاستئناف اي عملية تفاوض مستقبلية وقادمة.