في كل عام وفي الذكرى السنوية لاتفاق بلفور الكارثي "إصدار بريطانيا لوعد بلفور"، يكرر الفلسطينيون مطالبهم بأن تقوم بريطانيا، الاستعمار القديم لفلسطين، بالاعتذار عن هذا الاتفاق وبالتالي تحمل كافة المسؤوليات، والتداعيات جرَّاء "بلفور"، وتعمل بريطانيا تارة بالتهرب، وتارة أخرى تذّر الرماد في العيون ببعض "الإنشائيات" التي لا تقدم ولا تؤخر في واقع الاحتلال والنكبات التي أثرت على حياة السكان الفلسطينيين وعملت على تشريدهم في كل العالم، وأعطت "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" ، وفي نفس الوقت تقف الإدارة الأمريكية عاجزة تماما عن وضع أي بصمة سياسية تجاه إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية أو إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وناهيك عن انحيازها السافر لكيان الاحتلال، واعتبار "أمنه" أمر حيوي ومصيري لأمريكا، وتعمل على رفع مستوى الدعم العسكري والاقتصادي بما يكفل كما يقول المسؤولون الأمريكيين "بقاء إسرائيل الأقوى في المنطقة".

أمام هذا المشهد الدولي، نجد أن الأمم المتحدة ماكنة نشاط لا حدود لها طالما أن الأمر بعيدا عن (اسرائيل) أو يخدم تمددها، ويتحول هذا المشهد الى واقع صعب استيعابه، ومع ذلك يستمر الحديث عن "المرجعيات الدولية" لأنه لا بديل عنها، ومن خلال قراءتنا الفلسطينية لعقود من المعاناة والصراع والظلم التاريخي نجد أن المنظمة الدولية ليست فاشلة في كيانها، بل أن دول مجلس الأمن وخاصة "الكبار" من يملكون حق النقض "الفيتو" هم من يستخفون بالعالم، ويقفون عثرة وحائل دون نجاح أي قرار يخص القضية الفلسطينية، بل يعملون على "إجهاض" أي توجه دولي نحو بعض المعالجات بما يخص الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ووقف كافة انواع الانتهاكات التي تتعمد "اسرائيل" ارتكابها من خلال الاستيطان والتهويد والحصار والعزل والعدوان العسكري والاقتصادي ومحاولة "نشر الفوضى" في الأراضي الفلسطينية.

هذا الفيتو هو نتاج الحرب العالمية الثانية، ويعتبر "حصانة" ضد خروج القرارات الدولية وخاصة "تنفيذها" عن رغباتهم واراداتهم ومصالحهم في العالم، وبهذا تحول العالم اليوم بكل قضاياه مرهون بهذه الحرب وبتائجها واسبابها، وكأن الشعوب بإختلافها يجب ان تدفع الثمن لهذه القوى العالمية العظمي.

وبرغم كل ذلك يتمسك الفلسطينيون بوسائل نضالهم المشروع ومنه الحراك الدولي والدبلوماسية النشطة ومخاطبة دول العالم عبر هذا المنبر العالمي وتذكيرهم بالشعب الفلسطيني والظلم التاريخي الذي لحق به، وأن أطول وآخر احتلال في العالم (اسرائيل) لازال يدير ظهره لهذه المنظمات ولهذه المرجعيات وقراراتها التي قام عليها وبنى دولته وفق قراراتها ووعود الاستعمار القديم واعترافه بها، فماذا يريد العالم من الفلسطينيون قبل فوات الأوان ..؟!