في ظل حملة التحريض، التي يتعرض لها الرئيس محمود عباس، ولتأجيجها وصب الزيت على نيرانها، قامت القناة العبرية الثانية في التلفزيون الاسرائيلي بالإعلان عن خطة سياسية مفبركة ومختلقة، حسب قول مراسلها اعدها قبل سنوات الرئيس الاسرائيلي الراحل شمعون بيرس مع الرئيس محمود عباس "تنص" على الابقاء" على غالبية المستوطنات بالضفة في الضفة بعد الانسحاب الاسرائيلي.

ووفق ما ذكره مراسل القناة "أودي سيغل" في مقال نشر بموقع "معاريف" العبري مساء السبت الماضي، اي بعد تشييع الرئيس الاسبق حتى تستقيم أكاذيب اجهزة الامن الاسرائيلية، التي يعمل لصالحها المراسل المذكور، فقد سمح بنشر تفاصيل الخطة المذكورة، التي عرقلها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. مع ان "سيغل" يقول، ان غير المأسوف على رحيله حصل على تفويض من زعيم الائتلاف الحاكم للبحث عن "مخرج سياسي" للاستعصاء القائم. وإذا كان الامر كذلك، لماذا عرقلها صانع القرار الاسرائيلي؟

وتقوم ركائز الخطة المسخ المختلقة، التي نشرها "سيغل" على الاتي: إقامة دولة فلسطينية وظيفية، اي دولة "مؤقتة". السماح ببقاء الكتل الاستعمارية فيها، وهي: معاليه ادوميم، غوش عتصيون وأريئيل. ليس هذا فحسب، انما الابقاء على كتل استعمارية اخرى، وهي كتلة مستعمرات "عوفرا، بيت إيل، مستعمرات الخليل وكتلة عيلي وجيلو. واضاف رجل المخابرات الاسرائيلية "المراسل" المذكور، كما تشمل الخطة الابقاء على عدد آخر من المستعمرات داخل الدولة الفلسطينية، وجرى الاتفاق على وجود فرق تدخل سريع خاصة بالجيش الاسرائيلي لحماية المستعمرات. واضاف "سيغل" إن الخطة تم إحباطها بعد تدخل نتنياهو لمنع توجه بيرز للقاء عباس بالاردن.

حين يقرأ اي مراقب سياسي ما نشره مراسل القناة الثانية في التلفزة الاسرائيلية سيضحك ملىء شدقيه. ويستهين بالعقلية الامنية الاسرائيلية. ويعيد النظر فيما جرى إشاعته في الاوساط العالمية عن "كفاءة" و"دهاء" تلك المؤسسة. ويعتبر انها ليست اكثر من فقاعة كبيرة او بالون منفوخ. وكل ما حققته ليس بكفاءة رجالها بل من خلال الدعم اللوجستي، الذي تقدمه لها الدول الرأسمالية الغربية وخاصة الولايات المتحدة من معلومات مستقاة من اقمارها الصناعية او اجهزتها الامنية او نتاج تعاونها مع اجهزة امن الدول الاقليمية.

هل ما تقدم، هو ردة فعل ام نوع من التقليل من "اهمية" و"كفاءة" اجهزة اسرائيل الامنية؟ في الحقيقة لا هذه ولا تلك. انما هو قراءة موضوعية إرتباطا بما نشره المراسل "سيغل". لان اي متابع للتطورات السياسية على المسار الفلسطيني الاسرائيلي، يعلم ان الرئيس عباس يعلن موقفه ورؤيته السياسية بذات اللغة والمفردات والمحددات داخل وخارج الغرف نفس الشيء. ولو كان الامر كما جاء في خطة "سيغل" المفبركة لكان من زمن بعيد أُقيمت الدولة "ذات الحدود المؤقتة" وبشروط افضل مما اوردها المراسل المتعوس.

فضلا عن ذلك، ماذا جاءت به الخطة الكاذبة؟ وما هو جديدها؟  هل غيرت من واقع الحال القائم؟ واي المستعمرات أُزيلت من الدولة الهزيلة المذكورة؟ مرة اخرى، على القيادة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة ومؤسستها الامنية ان تغزل بغير هذه المسلة. لان الرئيس ابو مازن ومعه كل اركان القيادة الفلسطينية، لا يقبلوا من حيث المبدأ باي دولة "مؤقتة" مهما كان محتوها، فإما دولة كاملة السيادة تضم كل الاراضي الفلسطينية المستعمرة في الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وبتواصل إداري وسياسي وجغرافي، مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194. وبحيث يتم الانسحاب الكلي الكامل دون بقاء جندي او مستعمر إسرائيلي واحد في دولة فلسطين، ووفق جدول زمني محدد وواضح لا يحتمل الالتباس او الغموض او لا سلام مع دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. هل تتوقف اجهزة الامن الاسرائيلية الغبية والساذجة عن نشر اكاذيبها، وتكف عن صب الزيت على حملات التحريض الغرضة، التي تقف خلفها، لان القيادة الفلسطينية تملك الكثير من الاوراق لتلقي بها في وجه قادة إسرائيل الاستعمارية.