قررت محكمة العدل الفلسطينية إجراء الانتخابات البلدية والمحلية في الضفة وتعليقها في قطاع غزة، لعدم شرعية المحاكم الانقلابية، وضمنا لعدم القبول بميليشيات حركة الانقلاب الحمساوية الاشراف على الانتخابات، لانها ليست مؤتمنة على صوت الشعب. وتركت (المحكمة) لحكومة التوافق الوطني الطريقة والوقت المناسب لاجرائها في المحافظات الجنوبية.

وقبل مناقشة القرار القضائي. يود المرء تسجيل موقفه من حيث المبدا من الانتخابات مجددا. لان مناقشة القرار قد توحي للبعض وجود تناقض بين الاصل والتفاصيل. وبناءا عليه، الانتخابات حق مشروع كفله القانون الاساسي للشعب العربي الفلسطيني، وهي احد اوجه التطبيق الفعلي للديمراطية. لاسيما وان صناديق الاقتراع تكفل للجماهير إختيار ممثليها في الهيئات التشريعية والبلديات والمجالس المحلية والقروية والاتحادات والنقابات الشعبية. ورغم الواقع المعقد الناجم عن وجود الاحتلال الاسرائيلي، الذي يترك آثارا سلبية على العملية الديمقراطية في احد اوجهها، إلآ ان الانتخابات ضرورة تمليها مصالح الشعب لاعتبارين: الاول تأصيل العملية الديمقراطية في اوساط الشعب، والاسهام في نقل المواطنين من الحالة العشائرية إلى حالة المواطنة؛ الثاني تطبيق مبادىء النظام الاساسي (الدسنور) في ارض الواقع؛ وعمليا ثالثا الرد على دولة التطهير العرقي الاسرائيلية عبر إجراء الانتخابات على كل المستويات، كونها تحاول الاساءة لوعي وممارسة الشعب العربي الفلسطيني لحقوقه السياسية والنقابية والادارية، وبالتالي الانتقاص من مكانته وثقافته ودوره الحضاري في قيادة نفسه.

ورغم ان المرء، يدعي انه يعرف الخلفية السلبية، التي املت تحديد موعد الانتخابات السابق في الثامن من إكتوبر 2016، إلآ انه دافع عن المبدأ، وطالب باجرائها، وإفساح المجال امام المواطنين لاختيار ممثليهم في جناحي الوطن. مع ان واقع الانقلاب الحمساوي المر على الشرعية، القى بظلال ثقيلة على العملية الديمقراطية، غير إن المراقب، كان يعتقد، ان على المشرع الفلسطيني ولجنة الانتخابات المركزية عدم إعطاء اي شرعية لما يسمى بالمحاكم في قطاع غزة، ولا يجوز منح ميليشيات حماس اي دور. والبحث عن صيغ إبداعية لاجرائها. لانها مسألة ضرورية لتجسير الهوة بين جناحي الوطن. ومنح الجماهير الفرصة لاستعادة زمام الامور في البلديات والمجالس المحلية في محافظات غزة الخمس من خلال اختيار ممثليها لقيادة ادارة شؤونها الحياتية.

الان في اعقاب صدور القرار المركب امس عن محكمة العدل العليا، الذي يدعو لاجرائها في الضفة دون غزة، ويترك امر إختيار المجالس للحكومة. فإن الضرورة الوطنية تحتم قول كلمة في القرار المذكور، اولا إحترام قرار المحكمة؛ ثانيا الدعوة لاعادة النظر في القرار، لانه غير واقعي الآن، ويضاعف من السلبيات داخل الساحة الفلسطينية؛ ثالثا تأجيل الانتخابات لحين ترتيب عملية المصالحة الوطنية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون قادرة على فرض إرادتها في الضفة (بما فيها القدس العاصمة) والقطاع؛ رابعا الانتخابات المحلية، ليست الانتخابات التشريعية، على اهميتها. بمعنى في حال واصلت حركة حماس المماطلة والتسويف، ورفضت الالتزام بخيار المصالحة، وفي حال إستدعت الضرورات الوطنية ذلك، يمكن عندئذ للقيادة الشرعية والقضاء على حد سواء، تشريع اجراء الانتخابات التشريعية في الضفة مع إيجاد صيغة لتمثيل ابناء القطاع في البرلمان الفلسطيني. لكن الان ليست الهئيات القضائية ملزمة بهذا التوجه. وحتى دعوة بعض الاخوة لحكومة التوافق الوطني بتعيين مجالس محلية وبلدية في المحافظات الجنوبية. غير واقعي، لان حركة حماس، لن تقبل به. وستعمل على إفشاله، رغم ان احد اهدافها من القبول الشكلي بالانتخابات المحلية، هو تحميل السلطة وحكومة التوافق أعباء البلديات والمجالس. لان ادواتها فشلت في إدارة تلك المجالس، وأفتضح فسادها وعدم اهليتها.

باختصار ادعو القضاء ولجنة الانتخابات المركزية والحكومة لتأجيل الانتخابات. وفتح الافق لاحداث نقلة في طريق المصالحة الوطنية خلال الفترة القريبة القادمة. او ايجاد اليات واقعية بعيدا عن تشريع اي جهة انقلابية على الشرعية. ولا يجوز للانتخابات ان تكون مطية للبعض يركبها وقتما يشاء لتصفية حسابات شخصية وعلى حساب الصالح العام.