بعد مئة سنة على اتفاق (سايكس- بيكو) لتقسيم المنطقة بعد انهيار الإمبراطورية التركية واقتطاع فلسطين لتكون هدية خالصة للحركة الصهيونية، حيث نص الاتفاق على انه يجب مراجعة ذلك الاتفاق بعد مئة سنة لعله يتضح الحاجة الى مزيد من التقسيم، تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وبعد قرابة مئة سنة على وعد بلفور "الخطيئة الأولى" الذي اعطته بريطانيا للحركة الصهيونية، وفرضت انتدابها على فلسطين لتمكين الحركة الصهيونية من خلال ادق التفاصيل على الاستيلاء الفعلي على فلسطين، لا نزال هنا، مليون ونصف المليون فلسطيني داخل الخط الأخضر، هم القومية الثانية بجدارة وهذا هو انجازهم العبقري، ما زلنا هنا في دولة فلسطين المحتلة بالقدس الشرقية وبالضفة وفي قطاع غزة، رغم ان إسرائيل انكرتنا واعتبرتنا مقيمين فقط واطلقت علينا اسم الإسرائيليين العرب وسكان المناطق المدارة، ولكننا هنا جزء من عائلة الشرق الأوسط وجزء عضوي وفاعل من ميراث الامة العربية، ونموذج اشد ايحاء من نماذج الصمود في التاريخ، ولاعب رئيسي على مسرح السياسة الدولية، ننتج انفسنا بأكثر أشكال الوجود جدية ثوابتنا تقودنا، وذكاؤنا يذهب بنا الى خياراتنا الصحيحة، وقوة انتمائنا هي دائما زوادة الطريق.

لم تكن امورنا سهلة أو ميسرة ولا في أي لحظة من اللحظات، وكانت المحاذير كثيرة والانتباهات اليومية محور حياتنا، وكان الأعداء على كثرتهم يكيدون لنا بكل أشكال الكيد والوقيعة، ولكنا بقينا مصدر الالهام، وسر المحاولة المستمرة، وأول ثمر المواسم، ابتداء من مواسم الرصاص الى مواسم الحجارة الى مواسم المفاوضات، لا نتوقف، لا نيأس، تكمن قوتنا الخارقة باستمرار المحاولة، والدفاع عن حقنا المقدس، في ان نجرب ونحاول ونبتدع، وامتلاك القدرة الخارقة على ان نصنع من كل نهاية بداية جديدة.

منذ بداية احداث المنطقة من تونس في نهاية 2010، واندلاق هذه الأحداث بشكل معد سلفا في بداية 2011 في مصر ومنها الى ليبيا وسوريا واليمن وقبلها في العراق وفي فلسطين على هيئة انقلاب على الشرعية وانقسام مرير اسود، أصبحت الأمور أكثر خطورة والتقديرات اشد دقة، ما هي الأولويات امام هذا التهديد الوجودي، القوى الكبرى تتصارع في منطقتنا على أشلائنا، والاحتلال الإسرائيلي يحاول ان يقدم نفسه بانه الحكم او الحليف؟؟؟؟ وجوقات الخونة والعملاء هم الأعلى صوتا، ونحن جزء من المنطقة، بل نحن في صلب المنطقة، إذا هناك أولوية للبقاء وليس للشعارات الخاوية، البقاء على مسرح السياسة، الحضور الإيجابي بكل المبادرات، المشاركة دون خوف، الشجاعة المحسوبة، باقون هنا ونحن الجذر الأول للمستقبل نثق بأنفسنا وبمرجعياتنا وشرعياتنا الوطنية، لعل المراجعات عند الاخرين الذين عاموا على شبر ماء أن يعيدوا مراجعة أنفسهم!!! لعل الذين ذهبوا الى خيارات العدو يثوبون الى رشدهم ويغادرون لعبة الضجيج، ونثق بان فلسطين حين تبدأ في كل مرة فإنها تفتح الطريق للجميع لكي يكونوا كما يجب ان يكونوا وليس مجرد راقصين بالمجان في اعراس الآخرين.