يائير غولان ليس شخصية عابرة في اسرائيل، ولا هو من صفوف المعارضة الإسرائيلية، بل هو من صميم النظام الأمني والعسكري في اسرائيل، ومع ذلك فقد أدلى مؤخرا بشهادة استفزت نتنياهو الى حد كبير، واستفزت الكثيرين من اعضاء حكومته المحسوبين على تيار الصقور والتطرف والعنصرية، يقول ان مسلكيات جنود الجيش الاسرائيلي ضد الفلسطينيين لا تقل اجراما عن الممارسات والمحارق النازية ضد اليهود.

هذا الكلام الذي اثار في اسرائيل ما يشبه الهزة الارضية، جاء في سياق حالة من المزايدة الاسرائيلية بين اطراف اللعبة ايهم اكثر تطرفا وارهابا وعدوانية وتعلقا بالوهم بان اسرائيل تعيش في لحظة مثالية لان المنطقة من حولها في شبه انهيار وان العالم من حولها لا يحول اقواله ضد جرائمها الى افعال سياسية، بحيث لا يصدر عن اسرائيل الان الا كل ما هو استهتار دموي وجرائم ضد الانسانية بحق الشعب الفلسطيني بالقدس والضفة وقطاع غزة وداخل الخط الاخضر، كما لو ان اسرائيل في سباق مجنون مع الزمن، وانها اذا لم تتمكن من انجاز اوهامها الان فسوف يبدأ زمن جديد من التراجعات والخسائر.

وفي سياق الحراك الجاد الذي تواصله القيادة الفلسطينية هذه الايام بدفع القضية الى الامام رغم كثير من المنغصات، حيث لدينا مشروعان في مجلس الامن الذي ترأس جولته الحالية الشقيقة مصر، وهومشروع ضد الاستيطان ومشروع توفير الحماية الدولية، بالاضافة للسعي الجاد لدعم المبادرة الفلرنسية نحو مؤتمر دولي جديد للسلام، فان اسرائيل سوف تواجه تقريرا للرباعية الدولية في الخامس والعشرين من هذا الشهر- قبل اقل من اسبوع على اجتماع وزاري بخصوص المبادرة الفرنسية- يحمل ادانة شديدة اللهجة للاستيطان، ووافقت الادارة الأميركية بصفتها جزءا من الرباعية الدولية على صيغة هذا التقرير الذي تخشى اسرائيل من تحويله الى مجلس الامن، ويقول قائل: ان الصيغة شديدة اللهجة في هذا التقرير ضد الاستيطان، وراءها رغبة أميركية بالالتفاف على المبادرة الفرنسية! فحتى لو كان الامر كذلك، فان جهود مندوبنا الدائم في الامم المتحدة الدكتور رياض منصور، واجهود الحثيثة للرئيس ابو مازن مع القادة العرب والمسلمين وقادة المجتمع الدولي، توصلت الى مدى جديد لم تكن تتوقعه اسرائيل واربكت نتنياهو اشد الارتباك.

المهم الا نسمح للوضع الداخلي وخاصة حماس ومعطيات الانقسام ان تجرنا الى الخلف وان تغرقنا في تداعيات سوداء مثل احتراق الاطفال الثلاثة لعائلة ابو هندي في مخيم الشاطئ الذين تتحمل مسؤوليتهم حماس بصفتها صانعة الانقسام وسلطة الامر الواقع في قطاع غزة، والتي تدخلنا في مآزقها المستمرة، ولا تفعل شيئا سوى الصراخ، فالشعب يعرف الحقائق بغض النظر عن طابور المنافقين والشعب ينظر الى الامل بقوة بان دولة فلسطين المستقلة قادمة لا محالة.