في السباق بين قادة الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم على تصفية خيار السلام ووصد الابواب أمام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967، اعلن بنيامين نتنياهو، أثناء ترؤسه جلسة الحكومة يوم الاربعاء الماضي عن البقاء في مدينة الخليل إلى الابد. وذلك حين تحدث عن قتل المستوطن غينادي كاوفمان. ومما قاله: "لمن حاول اقتلاعنا من مغارة المكقيلا (...) نحن نتواجد هناك منذ قرابة 4000 سنة، وسنبقى هنا إلى الابد، لن تتغلبوا علينا". 
بالتأكيد ما جاء على لسان رئيس وزراء إسرائيل، ليس مفاجئا لاحد. لأن زعيم الليكود مسكون بسياسة وفلسفة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين العرب. ومشبع بتعاليم التزوير للتاريخ والحقائق. وهو وريث أفكار والده، البرفيسور بن تسيون نتنياهو، اللتواني الاصل اليمينية المتطرفة. ومنذ أن دخل معترك السياسة، وهو يعمل على التأصيل الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية. ورغم إدعائه بالموافقة على حل الدولتين، إلآ انه عمل ويعمل بلا كلل على تدمير هذا الخيار دون ان يرف له جفن. وما حديثه عن مدينة الخليل الفلسطينية العربية إلآ تأكيدا على الاستنتاج. ويعكس رؤيته السياسية التاريخية تجاه عملية التسوية السياسية. 
أضف إلى ان الكنيست الاسرائيلي، لم تشهد في تاريخها منذ تأسيسها مطلع 1949 نزوعا فاجرا نحو العنصرية المنفلتة من عقالها، كما حصل زمن الحكومات والائتلافات الاربع، التي قادها بنيامين نتنياهو. وهو مؤشر بالغ الدلالة السياسية على برامج عمل حكوماته. ولعل ما اشار له قبل ايام، عن تمييزه للارهاب الاسرائيلي عن "الارهاب" العربي إلآ شكلا من الايغال في الدفاع عن ارهاب حكومته وقطعان المستوطنين الصهاينة المنظم ضد ابناء الشعب الفلسطيني. وذلك للتخفيف من ملاحقة الارهابيين الاسرائيليين، الذين حرقوا عائلة دوابشة، وايضا لاعطاء الضوء الاخضر لمواصلة تلك العمليات والمحارق ضد المواطنين الابرياء والعزل في داخل الداخل او في الاراضي المحتلة عام 1967. 
طبعا للتصويب الكفاح الشعبي الفلسطيني، لا يمكن إدراجه تحت اي بند من بنود الارهاب. بل هو يقع في دائرة الدفاع المشروع عن الحقوق الوطنية. وهو نضال كفله القانون والمواثيق والشرائع الاممية. وبالتالي محاولة رئيس الائتلاف الحاكم في إسرائيل الزج بالكفاح الوطني التحرري في نطاق المقارنة مع الارهاب الاسرائيلي المنظم، إنما هي محاولة فاشلة وغبية، لانه لا يجوز من حيث المبدأ المقارنة بين الكفاح المشروع وارهاب دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية وقطعان مستوطنيها.
الربط بين العنصرية الاسرائيلية وتشريعات الكنيست وتفوهات نتنياهو عن البقاء في مدينة خليل الرحمن، عميقة الصلة. ولا يمكن الفصل بينها. لأن الاحتلال، هو جذر الارهاب والعنصرية، وهو النقيض المطلق للسلام والتسوية السياسية. ومدينة الخليل ليست بحاجة إسوة بكل المدن والقرى في فلسطين التاريخية للدفاع عن هويتها العربية. والادعاء النتنياهوي بان له تاريخ على امتداد 4000 سنة فيها، ليس سوى كذبة كبيرة. لانه اساسا لا يوجد في التاريخ ما يسمى بالشعب الاسرائيلي. وإن افترض ان قبول القيادة الفلسطينية بخيار التسوية السياسية، بانه تخلي عن الرواية التاريخية للشعب الفلسطيني وحقه في كامل ارضه على مساحة ال(27009) كم2، فهو مخطىء ولا يفقه في علم السياسة. ويحتاج إلى تأهيل، هو وأقرانه من غلاة التطرف الصهيوني. لأن التسوية السياسية، هي الحل الامثل لانقاذ شعوب المنطقة من ويلات الحروب، وفتح صفحة للتعايش والسلام والتنمية. وتعامل مع شروط الواقع برؤيا منفتحة بتغليبها لغة العقل على لغة الارهاب والاحتلال وتجلياتها المختلفة. 
لذا لن تبقى في الخليل ولا في غيرها. وستعود وامثالك من القتلة المجرمين الاسرائيليين قطعان المستوطنين إلى حيث يفترض ان تعودوا. فاما السلام او الدفاع المستميت عن الحقوق الوطنية كاملة دون نقصان.