تفتقت عقلية بنيامين نتنياهو في اجتماع الحكومة الاخير عن عامل توتير جديد، يضاعف من شدة الحراك الشعبي، وعنوانه سحب الهويات "الزرقاء" من سكان القدس الشرقية، كشكل من اشكال العقاب الجماعي ضدهم، مع ان المنطق، يقول على رئيس حكومة اليمين المتطرف التخفيف من غلوائه وبطشه، حتى يحول دون التصعيد في القدس وعموم الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967. مما يشير إلى ان زعيم الائتلاف الحاكم، ليس بوارد التخفيف، بل يذهب بعيدا في جرائمه وانتهاكاته الخطرة لمصالح الشعب الفلسطيني، ويؤجج حدة المواجهات لفرض خياره الاستعماري.
وكأن نتنياهو، اراد ان يقول للرئيس محمود عباس والقيادة والشعب الفلسطيني، انني أخذت غطاءا وضوءا اخضرا من الولايات المتحدة وممن يسير في أثرها من دول العالم بما في ذلك العرب، بمواصلة استباحة الدم الفلسطيني. والتنفيذ التدريجي لمخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى، وتهويد القدس الشرقية وتبديد خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. ولا سبيل امامكم سوى "القبول" بما طرحه كيري وبان كي مون عليكم، اي: "وقف" حراككم الشعبي؛ التفاوض من اجل التفاوض؛ عدم الموافقة على اي تواجد دولي لا في القدس ولا في الاراضي المحتلة عام 1967؛ عدم الافراج عن الاسرى لا القدامى ولا الجدد. وبالتالي رئيس وزراء إسرائيل يعلن من خلال تصعيد إنتهاكاته الخطيرة لعملية السلام، وآخرها الدعوة لسحب الهويات من المواطنين المقدسيين، ان الحراك السياسي الاخير، جاء متوافقا مع رؤيته، لاسيما وان رئيس الديبلوماسية الاميركية، عمل بشكل سافر على تهميش الدور الفلسطيني في معالجة التطورات الجارية على الارض، وحصر اللقاء مع الرئيس محمود عباس، بالاستماع لوجهة النظر الفلسطينية، وللضغط عليه للاستجابة للرؤية الاميركية الاسرائيلية، والبقاء في حالة إنتظار لما شاء الله.
مع ان الضرورة كانت، ومازالت تملي على الولايات المتحدة وغيرها من اقطاب العالم دون حصر الامر بالرباعية الدولية، الضغط على إسرائيل لايقاف جرائمها ووحشية قواتها ومستعمريها ضد ابناء الشعب الفلسطيني، والعمل على الانسحاب الاسرائيلي الكامل من اراض الدولة الفلسطينية المحتلة عام 67، وليس سحب الهويات. فلتذهب الهويات الاسرائيلية إلى جهنم وبئس المصير، ولتحرق، ولكن قبل ان تحرق وتلقى في سلة المهملات، على دولة الاحتلال الاسرائيلية، إزالة إحتلالها بشكل كامل، لانه جذر الارهاب المنظم، وعنوان كل مظاهر التهويد والمصادرة وبناء الجدران العنصرية والقتل  والحرق والاعتقال والحواجز  وغيرها من السلسلة الطويلة من اشكال القهر والاستغلال والظلم القومي.
وما لم يعمل العالم وخاصة الشرعية الدولية على إزالة الاحتلال الاسرائيلي، فإن الشعب العربي الفلسطيني، سيبقى رافعا راية المقاومة الشعبية، ولن يوقف حراكه وتمرده على الاحتلال الاسرائيلي بكل الوسائل المتاحة للدفاع عن حقوقه السياسية والقانونية وهويته الوطنية بالتناغم مع قيادته الشرعية لحماية المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وسيلجأ لمجلس الامن والمنابر الاممية المختلفة للتأكيد على حقوقه الوطنية، وسيعمل على التطبيق الفعلي للقرارات، التي تبناها المجلس المركزي في 4و5 آذار/مارس الماضي دون تردد او خشية لما قد ينجم عن ذلك.
وعلى القيادة الفلسطينية، ان لا تنتظر كثيرا لا اجتماع اوباما مع نتنياهو ولا غيره من الاجندات الاميركية الاسرائيلية، التي تهدف لمواصلة سياسة التسويف والمماطلة حتى تتمكن حكومة نتنياهو من تنفيذ مخطط التصفية الكاملة للمشروع الوطني الفلسطيني. لا بد من خطوة شجاعة وحكيمة لالقاء الكرة في ملاعب كل الاقطاب والاطراف العالمية والاقليمية والعربية، التي تريد وأد القضية والاهداف الوطنية.