كل اشتباك ميداني مهما كانت ادواته، ومهما كانت حدته سيوصلنا في نهاية المطاف الى المسرح السياسي الذي تتحكم فيه المعطيات الرئيسية وطبيعة القوى صاحبة القرار في هذا العالم، وغضبة الاقصى التي امتدت بتلقائية وشجاعة وكفاءة الى عموم الارض الفلسطينية، وأعادت لمبدأ وحدة القضية اعتباره الأصلي، هذه الهبة الجماهيرية التي لعبت فيها اجيال القدس دورا مبهرا أثار اهتمام الجميع أوصلتنا الى طاولة الحوار السياسي من جديد، سواء على الصعيد الفلسطيني وعلاقاتنا الوطنية, أو على الصعيد الاقليمي وقدرة النظام الاقليمي العربي على الاستفادة من هذه الهبة او اهمالها والتعامل معها بفتور، لان الحسابات الضاغطة لا تزال تدور حول المصير العربي نفسه، الذي يتقاتل بالنيابة عن الاخرين، ويرقص في أعراس الآخرين بينما هو الذي يدفع الثمن، لان الصراع الدولي يدور على ارضنا في العراق وسوريا وفي ليبيا واليمن ومناطق اخرى، وان التوقعات لا تشير حتى الآن الى سرعة الخروج من الحلقة المفرغة.

أما على المستوى الدولي:

فإن القوى الدولية هي التي تفرض مبادراتها على الأرض لانها أولا تملك القوة, ولانها ثانيا تملك الرؤية والمشروع، سواء تمثل هذا المشروع في تقسيم جديد في المنطقة، أو إيجاد صيغة توازن جديدة بين اللاعبين الرئيسين.

قي هذا لسياق ولدت غضبة الأقصى، لديها ما يبررها بعمق وهو بقاء الاحتلال الإسرائيلي وما ينتجه هذا الاحتلال من استفزازات وممارسات مذلة وانغلاق للأفق وعدم قدرة على الاحتمال.

الاستجابة الدولية لهذه الغضبة حتى الآن كانت جيدة، أي ان فلسطين على طاولة البحث، لكن هل الغضبة قادرة على تغيير كل قواعد اللعبة؟؟؟ هذا ما يجب ان نتحاور فيه فلسطينيا بصدق كبير، لأن التسرع في القرارات، وعدم الدقة في الحسابات، وتضخيم الذات اكثر مما يجب قد يجعلنا نقع ضحية ونفقد كل ما حققناه من انجازات.

كيف نبقي على روح الغضبة، وكيف لا نعود الى انتاج خلافاتنا التي عشنا ضحايا لها منذ اثنتين وعشرين سنة واستشرت بعد الكيف نبقي على روح الهبة، وكيف لا نعود الى انتاج خلافاتنا التي عشنا ضحايا لها منذ اثنتين وعشرين سنة واستشرت بعد النقسام؟؟؟

كيف ننتج نحن فلسطينيا معادلة جديدة للبقاء، ومعادلة جديدة للتداول والتفاعل؟؟؟

هذه هي أسئلة الزمن الفلسطيني الراهن، تحت وهج الغضبة المقدسة التي منحتنا حضورا عظيما بعد طول غياب، ووحدتنا بعد طول انقسام، والخبر الجيد أن العجز العربي والعجز الاسلامي لي كله سيئ، فلقد اعفانا هذا العجز من قسوة التدخلات السلبية، واعادنا الى قضيتنا وأعاد قضيتنا الينا.