إن مقومات استمرارية أي ثورة في العالم تعتمد على تلاحم الجماهير مع قيادة تلك الثورة. والزخم السياسي والانتصارات الدبلوماسية التي احرزتها القيادة الفلسطينية في المحافل الدولية، هو بفضل الالتفاف الجماهيري حول هذه القيادة التاريخية.

عندما إستعرت الهجمة الشرسة على المسجد الأقصى من قبل قطعان المستوطنين، المدعومين من قبل جيش الإحتلال، هبّت جماهير شعبنا الفلسطيني للدفاع عن القبلة الأولى للمسلمين وعن المقدسات الإسلامية والمسيحية في كل مدن وقرى الضفة وخاصة شعبنا المرابط في القدس وفي المسجد الأقصى.

وجماهير شعبنا الفلسطيني في الشتات وخاصة في لبنان المقاوم، فمنذ لحظة الإعتداء الاولى على شعبنا والمقدسات الدينية تداعى مع الشعب اللبناني وهبوا بتنظيم النشاطات التضامنية الداعمة لشعبنا في الوطن، والمستنكرة للجرائم الصهيونية التي ترتكب بحق المدنيين والأطفال الأبرياء، المترافق مع صمت عربي ودولي مذل ومهين.

ولعل ليس آخرها المسيرة الجماهيرية الحاشدة التي انطلقت عقب صلاة الجمعة 9 تشرين الأول 2015 من أمام مسجد الإمام علي (رضي الله عنه وأرضاه) باتجاه مثوى شهداء الثورة الفلسطينية عند مستديرة شاتيلا، التي دعت اليها فصائل الثورة والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية والحملة الأهلية لنصرة قضايا الأمة، وشارك فيها سعادة سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، كما شاركت فيها الى جانب قادة الفصائل الفلسطينية واللبنانية، جماهير شعبنا الفلسطيني في مخيمات بيروت وخارجها، وقادة الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، والمؤسسات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني واللبناني، وقوى الأمن الوطني الفلسطيني في بيروت، واللجان الشعبية، وحشد من رجال الدين والمشايخ وشخصيات سياسية ووطنية لبنانية وفلسطينية والفرق الكشفية والموسيقية للفصائل الفلسطينية.

هذا وتقدّمت المسيرة الفرقة الكشفية والموسيقية، خلفهم سار حملَة الاعلام الفلسطينية التي غيّبت أعلام التنظيمات والفصائل الفلسطينية بينما وحّدتهم بالمصير والهدف، وجمعت كافة أطياف الشعب الفلسطيني بكل انتماءاته ومشاربه السياسية والعقائدية والدينية.

كلمة منظمة التحرير الفلسطينية القاها أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير في لبنان فتحي ابو العردات، وجاء فيها "اليوم فلسطين توحّدنا والبوصلة باتجاهها ستبقى لن تحيد عن هدفها فلسطين، والقدس هي عاصمتنا الابدية شاء من شاء وابى من ابى كما قال شهيدنا الكبير ابا عمار.  الف تحية لكم ايها المرابطون والمرابطات في الضفة والقدس وغزة وكل منطقة تتعرض اليوم لهذا العدوان الصهيوني الغاشم اليوم.

ننتفض هنا اليوم كما انتم تنتفضون في فلسطين، انتفاضتكم ونضالكم وتحرككم ومقاومتكم الشعبية هي التي ستدحر الاحتلال بإذن الله. وحدتنا الوطنية  الفلسطينية التي تجسدونها اليوم على ارض الواقع ارض الصراع لأننا نحن في منظمة التحرير الفلسطينية وفتح وكل الفصائل كنا نقول دائماً ان الوحدة الحقيقية هي التي تتجسد فوق ارض الصراع وان الأرض للسواعد التي تحررها. اليوم ايها الأخوة المنتفضون في فلسطين انتم لستم وحدكم نحن هنا امام مثوى الشهداء في بيروت، هذا المثوى الذي يضم جثامين هؤلاء الشهداء والقادة من كل الطوائف والاحزاب من ثورتنا الفلسطينية المعاصرة. نعاهدهم ونعاهدكم ان نبقى الاوفياء دائماً لفلسطين وللقدس عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة".

وختم ابو العردات قائلاً: نقول اليوم لمن يريد ان يسمع ان هذا العلم الفلسطيني الذي نتوحد تحت رايته والذي رفع بالأمس امام مبنى الامم المتحدة  يجب ان يرتفع فوق اسوار القدس وكنائس القدس باذن الله وان الاحتلال مهما طال الى زوال  ونحن حتما منتصرون لأننا اصحاب قضية واصحاب حق ولأننا يجب ان تبقى قضيتنا هي القضية المركزية للأمة العربية كما الأحرار في العالم .

ثمّ كانت كلمة الحملة الاهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة ألقاها منسقها الأستاذ معن بشور جاء فيها: "كما هي بيروت مشتاقة لأن تستعيد وجهها المتمسك بفلسطين وبكل قضية من قضايا الأمة، كما هي الطريق الجديدة مشتاقة لأن تستعيد وجهها الوطني القومي في وجه كل محاولات تزييف ارادتها وصوتها. كما هي مخيماتنا لاسيما في صبرا وشاتيلا حيث المجزرة الأضخم في القرن الماضي، يلتقون اليوم مع كل ابناء المخيمات في بيروت ليجددوا العهد لشعبنا الفلسطيني. ان ما يجري اليوم في فلسطين هي انتفاضة ثالثة، وكل انتفاضة لها اسلوبها وشكلها.

وأكد بشور: "ان إستمرار المواجهات في كل مدن فلسطين، وفي كل قرى فلسطين وفي كل مخيمات فلسطين، انما هي انتفاضة ستدحر المحتل باذن الله، فهذا المحتل لا يفهم الا لغة القوة وما  اخذ بالقوة لا يسترد  بغير القوة، كما قال يوماً زعيمنا الخالد جمال عبد الناصر".

أمّ كلمة تحالف القوة الفلسطينية فألقاها ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة حيث قال: "نلتقي اليوم هنا في بيروت المقاومة وأمام مثوى شهداء فلسطين، أمام مثوى الشهيد امين الحسيني وابو يوسف النجار والكمالين عدوان وناصر وغسان كنفاني وشفيق الحوت وابوماهر اليماني وعدنان قيس وكل شهداء شعبنا هنا في لبنان نبرق التحية الى هناك الى شهداء القدس وكل فلسطين الى الشهيد مهند الحلبي الى الدوابشة الى الشهيد عبد الرحمن عبيد الله الى الشهيد امجد الجندي الى وسام فرج الى كل الشهداء الذين واجهوا  ويواجهون قطعان المستوطنين في المسجد الأقصى المبارك، في القدس في اريحا في الخليل  ورام الله في طولكرم ونابلس وجنين وقلقيليه وتل ابيب ويافا والناصره لهم منا الف تحية".

وتابع بركة: "ان هذه المسيرة اليوم، هذا الحشد اللبناني الفلسطيني يؤكد ان لبنان سيبقى دائماً الى جانب فلسطين، الى جانب الانتفاضة والمقاومة في فلسطين فهي رسالة الى العدو الصهيوني ان الشعب الفلسطيني في الداخل  ليس وحيداً وان الاقصى ليس وحيداً ان المساس بالاقصى،  وان تنفيذ مخطط حكومة نتنياهو بالتقسيم الزماني والمكاني هذا المخطط الجهنمي لن يمر الا على اجسادنا، هذا المخطط الصهيوني تصدى له اليوم شباب القدس شباب فلسطين فتحية الى كل الشباب المنتفض اليوم. تحية الى ثورة الغضب الفلسطينية.  تحية الى انتفاضة القدس المتواصلة التي دخلت امس اسبوعها الثاني فكلنا خلف هذه الانتفاضة الثالثة، وان الوحدة الوطنية والانتفاضة والمقاومة هم الطريق للتحرير والعودة والاستقلال".

واستطرد بركة قائلاً: "اننا نؤكد اننا سنبقى على العهد عهد الشهداء الابطال سنبقى متمسكين بالعودة الى كل فلسطين ونرفض كل مشاريع التوطين والتهجير والوطن البديل وان بقاء هذا الشعب المنتفض وان وجود شبل واحد من ابناء فلسطين يحمل الحجر والبندقية، هذا يعني ان الاحتلال الى زوال لأن هذا الشعب المنتفض اليوم لن يتوقف حتى زوال الاحتلال. فكما انتفض سابقاً في العشرينات والثمانيات ضد الاحتلال البريطاني وواصل طريق المقاومة والانتفاضة في الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات ها هي الانتفاضة تتجدد لكنها تجمع كل اشكال المقاومة كل اشكال الانتفاضات السابقة فالتحية لأهلنا وشعبنا.

كلمة الاحزاب اللبنانية القاها سمير شركس جاء فيها: "ها نحن قد قدمنا من بيروت عاصمة المقاومة والصمود قدمنا في وحدة واحدة لبنانيين وفلسطينيين، جئنا الى اضرحة الشهداء المقاومين على طريق تحرير كل فلسطين لكي نؤكد على العهد والوعد، العهد على ان نبقى على طريق فلسطين مناضلين محررين رافعين راية التحرير والبندقية في مواجهة الاحتلال حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني. نؤكد امام اضرحة الشهداء ان نبقى متوحدين في مواجهة الاحتلال اليوم وغداً وكل من مات منا مات على طريق التحرير".

كلمة سعادة سفير دولة فلسطين  في لبنان اشرف دبور استهلّها بما قاله نائب وزير الحرب الاسرائيلي بن دهان ان "على الفلسطينيين ترك هذه البلاد". ورد السفير دبور: "خرج شعبنا الفلسطيني هنا في لبنان في يافا وعكا والرملة في الناصرة ورام الله في غزة والخليل في نابلس وجنين وطولكرم في كل اماكن تواجده ليقول لهذا المتغطرس :"انك انت سترحل عن هذه الارض وعن هذه البلاد".  وردد السفي دبور"ثورة ثورة حتى النصر ثورة ثورة حتى النصر".

وبعدها جال الجميع في المقبرة وقرؤوا الفاتحة لأرواح الشهداء. وعند النصب التذكاري لشهداء مخيم تل الزعتر، القى عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية علي فيصل كلمة وجّه فيها التحية للشهداء والأسرى وللشعب المنتفض في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة داعياً لإستعادة الوحدة الوطنية، والى بناء قيادة ميدان موحدة لمواجهة الإحتلال ودعم الإنتفاضة، واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين.

                                                                                         حسن بكير