شهدت علاقة حركة "صابرين /نصرا لفلسطين" مع حركة حماس حالات مد وجزر، ارتباطا بتطور العلاقات الايرانية الحمساوية. رغم أن قيادة الانقلاب الحمساوية، في أكثر لحظات التحالف قوة وزخما كانت تعبئ قاعدتها وانصارها ضد من كانت تسميهم "بالرافضة" الشيعة، وتسمح لاعضائها بالتحريض المعلن والمبطن ضد "الشيعة" ومن يتبعهم في المساجد وعبر إصدار التعاميم، وايضا بكتابة الشعارات على الجدران.
في عام 2011 كان الظهور لافتا للمجموعات المتشيعة في شمال قطاع غزة، خاصة بلدة بيت لاهيا، التي شهدت اول ظهور علني لاتباع الطائفة الشيعية، وشكل عامل استفزاز وتحد لحركة حماس، ما حدا باجهزة امنها، القيام بحملة اعتقالات طالت العشرات منهم، وداهمت بيوت الناشطين، الذين اعتبروا مفاتيح او ضباط الاتصال مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. وكان لسان حال "حماس" لتبرير الحملة، ان فلسطين لم تشهد تاريخيا وجودا للطائفة الشيعية، وضمنيا كانت الاعتقالات تهدف لقطع الطريق على عملية التشيع، لانها تتناقض مع ما "تدافع" عنه حركة الانقلاب السنية.
لكن من يعود لفترة الاعتقالات والملاحقات للمجموعات المتشيعة، يلحظ انها جاءت مع لحظة المد الاخوانية، واهتزاز علاقات حركة حماس مع النظام السوري، حليفها حتى ذلك الحين، بعد اشتعال الثورة وانحياز "حماس" لجانب فروع جماعة الاخوان المسلمين دون مواربة. وحرصت في ذات الوقت، على إبقاء قناة الدعم الايرانية مفتوحة، لتغطية احتياجاتها المالية، إلا ان الدعم الايراني آنذاك تقلص، واقتصر على كتائب عز الدين القسام.
غير أن حركة حماس تراجعت لاحقا عن ملاحقة المتشيعين عموما وحركة "صابرين /نصرا لفلسطين"، بعد اعادة المصالحة مع إيران أخيرا في اعقاب تراجع مكانة الاخوان المسلمين في الربيع العربي خاصة مصر، وبعد اشتداد الهجمة الرسمية العربية على التنظيم الدولي للاخوان، وحركة حماس تحديدا. وكون إيران ربطت عودة المساعدات لحركة حماس ومعها ايضا حركة الجهاد الاسلامي بتخفيف قبضاتها وضغوطها على المتشيعين عموما. وهو ما حصل فعلا.
كما يعلم الجميع، ان حركة حماس، تحرص على إخضاع كل القوى السياسية لمراقبة اجهزتها الامنية، وتضعها تحت المجهر والمتابعة، وتولي القوى المتأسلمة بالوانها ومسمياتها المختلفة اهمية خاصة في المراقبة لجهة ضبط إيقاع تحركاتها، وحتى لا تخرج عن عصا الطاعة. لهذا يقوم ما يسمى "جهاز الامن الداخلي" و"جهاز الامن الخاص" بكتائب عز الدين القسام بمتابعة شؤون تلك القوى. وتضع حركة حماس ذلك تحت يافطة "التنسيق".
وفق مصادر أمنية في القطاع، فإن اجهزة حركة حماس الامنية، اعتقلت عددا من اعضاء حركة (حصن) فور الاعلان عن نفسها في اعقاب مقتل "نزار عيسى". وضيقت الخناق على الحركة. غير انها ايضا تراجعت مرة جديدة ارتباطا بتطور العلاقة مع إيران.
مع ذلك، شهد نفوذ حركة صابرين تحديا لحماس، لانها حظيت برعاية خاصة وسخية من إيران، ما سمح لها بتشكيل شبكة خدمات خيرية مجتمعية، ما ساعدها في توسيع قاعدتها الاجتماعية، وفتح امامها الابواب لاستقطاب عناصر جديدة. لان قيادتها حرصت على إبراز دورها كقوة قي المشهد الغزي، لاسيما وان إيران، ارادت ذلك، لانه احد اهدافها، كونها تريد اختراق الساحة الفلسطينية دينيا (طائفيا)، كون دعمها لكل من حركتي حماس والجهاد الاسلامي، لم يحقق لها ما تهدف إليه، وبقي محدودا ودون الطموح القومي الايراني.
لكن حتى اللحظة السياسية العلاقة بين حركتي حماس وصابرين، مازالت اسيرة تطور علاقات حركة الانقلاب الحمساوية مع جمهورية الملالي الايرانية. بتعبير ادق، علاقة يشوبها الغموض والضبابية. وهو ما يؤكد انتهازية جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين اولا؛ ويعمق الاستنتاجات القائلة، إن الاخوان اينما كانوا، لا يهمهم الموضوع الديني لا السني ولا الشيعي، لان همهم الاساسي حساباتهم الفئوية واجنداتهم الاقليمية والاممية ثانيا؛ وكون لبوسهم الثوب الديني، ليس سوى ستار وغطاء لعوراتهم واهدافهم ومآربهم التخريبية لشعوب الامة العربية والعالم الاسلامي ثالثا.