وفيق الهواري

خاص- مجلة القدس

أدت السياسة الارتجالية لوزارة التربية والتعليم العالي، بخصوصتأمين الكتب لطلاب المدارس الرسمية حتى الصف التاسع، إلى بلبلة بين أوساط الطلاب وإلىسوء تفاهم بين ادارات المدارس الرسمية في منطقة صيدا وأهالي الطلاب الملتحقين بها منخلال حرمان الطلاب غير اللبنانيين من الحصول على كتبهم المدرسية مجاناً أسوة بالطلاباللبنانيين.

تعاميم الوزارة

وقد تسلمت ادارات المدارسالرسمية يوم 10 تشرين الأول2012 تعميماً يحمل الرقم 35/م/2012 ويقضي باستفادة الطلابغير اللبنانيين من الحصول على الكتب مجاناً، وهو التعميم الذي أصدره وزير التربية حساندياب يوم 05/10/2012. عطفاً على التعميم الأول الذي أصدره في 17/09/2012 والذي حملالرقم 32/م/2012 وحصر توزيع الكتب بالطلاب اللبنانيين. لكن دياب عقد مؤتمراً بتاريخ19 أيلول 2012 أعلن فيه أن الوزارة "باشرت تطبيق القانون المتعلق بتأمين الكتابالمدرسي لتلامذة المدرسة الرسمية مجاناً حتى الصف التاسع الأساسي، للمرة الأولى منموازنة الدولة اللبنانية وذلك تطبيقاً للقانون وتقيداً بالزامية التعليم ومجانيته التيالتزمها لبنان حتى نهاية التعليم الأساسي، وسوف يتم تأمين الكتب على شكل مجموعة أورزمة كاملة لكل تلميذ تسجل في مدرسة رسمية". لكن كلامه كان يتعارض مع مضمون التعميمالذي أصدره قبل يومين من مؤتمره الصحفي.

ماذا على أرض الواقع ؟

تقول مديرة إحدى المدارس:"لم يكن أمامي خيار آخر، التزمت بالتعميم، ووزعنا الكتب على الطلاب اللبنانيينفحسب. على الرغم من وجود نحو 300 طالب فلسطيني في المدرسة، كنت محرجة، ولكن ماذا أفعل؟أعرف أني أوجدت هوة بين الطلاب ومارست تمييزاً واضحاً بينهم، لكن المسؤولية تقع علىوزارة التربية، وقد طلبت من الآخرين شراء الكتب لبدء الدراسة.

لكن مديرة أخرى تحوي مدرستهانحو مئة طالب وطالبة، لم تجد حرجاً من تحمل المسؤولية وأقدمت على خطوة جريئة:"لقد طلبت كتباً لجميع طلاب المدرسة، عندي نحو 37 طالباً وطالبة من جنسيات غيرلبنانية، ولما كان الدفع للمكتبات يتم من صندوق المدرسة ثم نرفع الفواتير للوزارة لتسديدها،فأقدمت على هذه الخطوة. اذا دفعت الوزارة، تكون المدرسة لم تخسر شيئاً واذا لم تدفعيكون أهالي الطلاب جميعاً تحملوا نفقة شراء الكتب للجميع".

مدير آخر لم يجد مخرجاًلنفسه سوى الالتزام بالتعميم الصادر عن وزير التربية. لكن موقف المدراء لم يكن واحداً،فإن معلمة في إحدى المدارس تقول :"عليهم أن يشتروا الكتب، ألا يكفي أننا أمنّالهم مقاعد للدراسة؟ وهذه ليست مسؤوليتنا، عندهم مدارس الأونروا، لماذا لا يذهبون إليها؟

وقد تحركت جمعيات حقوقيةوأهلية رسمية وفلسطينية وأجرت اتصالات مع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ورئاسة الوزراء،أثمرت بصدور التعميم الجديد الذي حمل الرقم 35/م/2012. ولكن ماذا كانت النتيجة؟

المشكلة الحالية

معظم المدراس وقع في مشكلةأن معظم طلابهم اشترى الكتب ولم يعد بحاجة إلى كتب الوزارة. والادارة لا تستطيع أنتدفع مباشرة إلى الأهالي ولا أن تطلب من المكتبات استعادة الكتب منهم، وخصوصا"أنالتعميم يطلب اعادة الكتب آخر العام. وهذا جعل من التعميم الجديد خطوة اعلامية لا قيمةلها في الواقع.

يعلق أحد المدراء:"يبدو أن وزير التربية لم يقرأ التعميم الأول بتمعن، أو أنه وقّع عليه من دونمراجعته، هذا اذا رأينا أنه حسن النية". ثم يعود ويستطرد :"أو بعض المستشارينله موقف عنصري جاول تمريره. على كل حال هذه هي نتيجة السياسات الارتجالية التي لا تؤديإلا إلى مزيد من العنصرية تجاه الآخر".