أجمعسياسيون فلسطينيون على أنَّانفتاحالرئيس المصري محمد مرسي على حركة "حماس" في قطاع غزة وتقوية العلاقة معهايقيده بضغوط داخلية وخارجية يتعرض لها منذ توليهالرئاسة، مؤكدين أنَّ "حماس" كانت تتوقع انسجاماً أكبر في علاقتها بالنظامالمصري الجديد.

وفيتصريحات لوكالة الأناضول للأنباء، استبعد المحللون أن تتغير علاقة الرئيس مرسي بحركة"حماس" خلال الفترة القليلة القادمة لما يواجهه من هموم ومشاكل داخلية تعطلهعن الاهتمام بالشؤون الخارجية، موضحينَ أنَّ الرئيس محمد مرسي المنتمي للإخوان المسلمينوالتي تمثل حركة "حماس" ذراعها العسكري بفلسطين المحتلة- بحسب الميثاق التأسيسيللحركة- يتجنَّب في الفترة الحالية أيَّ صدامٍ مع القوى المصرية أو الدول الغربية التيتصنِّف "حماس" ضمن المنظمات الإرهابية. 

منجهته رأى الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر أنَّ طبيعة العلاقة بين حركة "حماس"ومصر تربطها المصالح السياسية المشتركة حيثُ ترغب مصر أن تكون غزة منطقة آمنة حتى لاتمثِّل ثغرةً أمنيةً تُخترَق خلالها الحدود المشتركة، لافتاً إلى أنَّ حماس بدورهاترى مصر في العهد الجديد كنافذةٍ لفك حصار غزة وتحاول من خلالها فتح المزيد من النوافذإلى العالم الخارجي بعد سنواتٍ من الحصار.

وأشار أبو عامر إلى أنَّ بعض الاعتبارات المصريةالداخلية والخارجية تمنع الرئيس مرسي من تنفيذ وعوده تجاه قطاع غزة ومنها تواجد فلولالنظام السابق في مفاصل الدولة وبعض العلاقات الخارجية مع الولايات المتحدة الأمريكيةودول المنطقة، معلِّقاً بالقول: "مرسي يتخوف من أن يكون رئيساً إخوانياً قبل أنيكون رئيساً مصرياً لذلك ليس بالضرورة عليه أن ينفذ وعوده تجاه غزة دفعة واحدة،خصوصاً في ظل وجود بعض الضغوط الداخلية والخارجية الواضحة عليه ما يجعله متردداً بعضالشيء في تحقيق وعوده"، لافتاً إلى وجود نوع من العتب والاستياء لدى حركة "حماس"والشعب الفلسطيني في غزة من الدولة المصرية، ومنوهاً بإمكانية تراجع هذا العتب فيحال تمكَّنت مصر من تجاوز أزماتها الداخلية والخارجية والتخلص من الضغوط الواقعة عليها. 

مضيفاًبأن "على حماس والفلسطينيين أن لا يحمّلوا المصريين فوق قدرتهم فهم لديهم اعتباراتداخلية وخارجية، ومرسي هو رئيس مصري وليس رئيساً فلسطينياً ويجب منحه الوقت الكافيليدير شؤونه على نارٍ هادئةٍ وعلى "حماس" أن تقتنع أنَّ الرئيس المصري إذاكان قوياً داخلياً فسيكون قوياً خارجياً".

قالرئيس تحرير صحيفة الرسالة المقربة من حركة "حماس" وسام عفيفة: " اكتشفت"حماس" أنَّ سقف التفاؤل الذي وضعته عندما فاز مرسي بانتخابات الرئاسة المصريةكان عالياً وأنه من المبكر الحديث عن رفع لحصار غزة وتسهيلات أكبر فيما يتعلق بطبيعةالعلاقة بين حماس ومصر".

وأضاف"بعد تولي مرسي لم تتغير أشياء كثيرة على صعيد العلاقات الفلسطينية المصرية فالحصاربقي على ما هو عليه ولم تقدِّم القيادة المصرية تسهيلاتٍ كبيرةً على معبر رفح، بل بدأتبهدم الأنفاق الحدودية، لذلك وصلت رسالة لحماس أنَّ المتغيرات لن تكون سريعة كما توقعواسابقاً"، مشيراً إلى أنَّ "حماس" لا تريد وضع الرئيس مرسي في حرج لإدراكهاأنَّه يتعرض لضغوط خارجية وداخلية كبيرة تمنعه من تنفيذ وعوده المتعلقة بالقضية الفلسطينيةبشكل عام وقطاع غزة على وجه التحديد.

وأوضح عفيفة أنَّ "هناكالكثير من الأطراف المصرية والعربية والدولية التي تحاول أن تصطاد المواقف للرئيس محمدمرسي وخاصةً تلك المتعلقة بحركة حماس"، متوقعاً تحسن طبيعة العلاقة بين حركة "حماس"ومصر مستقبلاً في حال استقرار حكم الرئيس مرسي وتقلُّص حجم التهديدات والأخطار الداخلية،ولافتاً إلى أنَّ "حماس تنتظر تحسناً أكبر في العلاقات مع مصر في المستقبل رغمأنَّ الحاضر والواقع اليوم لم يمنحها شيئاً مما كانت تأمله في الماضي"، ومشيراًإلى أن "القوى الدافعة للرئيس مرسي والداعمة له وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمينفي مصر تعتبر أنَّ هناك التزاماً أخلاقياً ووطنياً تجاه القضية الفلسطينية وقطاع غزةعلى وجه التحديد و"حماس" تتفهم هذا الأمر وتتوقع تحقيق انجازٍ كبيرٍ في العلاقةمع مصر مستقبلاً". 

ونوَّهعفيفة إلى أن "مرسي لديه هموم وأزمات ومشاكل داخلية كبيرة ومتصاعدة ومتشابكة تمثلأهم أولوياته في الوقت الحالي"، مستبعداً أن يكون ملف قطاع غزة وحركة "حماس"يحتل أولوية كبيرة بالنسبة للرئيس المصري حالياً، ومتابعاً: "هناك العديد من المحاذير التي تحكمعلاقة مصر بالملف الفلسطيني بشكل عام وحركة "حماس" بشكل خاص وأهمها خصومهالداخليون والإرث الثقيل الذي خلفه له النظام السابق وطبيعة علاقات مصر مع العالم الخارجي". 

ورأىعفيفة أنَّ "مرسي يحاول تجنب أي صدام الآن مع الجانب الأمريكي أو الأطراف الداخليةبسبب مواقفه من الفلسطينيين ومن حركة "حماس" التي لا زالت تُعد جماعةًإرهابيةً بنظر الولايات المتحدة الأميركية والغرب، وهو بذلك يتَّبع سياسة النَّفَسالطويل في علاقاته مع حركة "حماس" والقضية الفلسطينية ويعتبر أنَّ التغييرلا يتم في ليلة وضحاها". 

منجانبه، قال القيادي في حركة "حماس" يحيى موسى: "نحن نقدِّر أنَّ مصرتعاني من ظروف معقدة جداً في الداخل وأنَّ هناك صعوباتٍ تواجه الثورة المصرية، وعليهفإنَّ هذه الصعوبات تنعكس بشكل أو بآخر على العلاقة بين فلسطين ومصر"،متابعاً "فهناك أطراف دولية تضغط في اتجاه إبقاءهذا الحصار وهناك أطراف فلسطينية ممثلة برئيس السلطة محمود عباس تحاول أن تُقنع القيادةالمصرية أنَّ أيَّ انفراج في العلاقة مع قطاع غزة سينعكس سلباً على المصالحة وسيكونله آثار سلبية على الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية".

 

وأكدموسى أنَّ "هناك عناصر في الأجهزة الأمنية المصرية لازالت تابعة للنظام السابقولم تغادر مواقعها ولديها استراتيجية تعتبر أنَّ أيَّ انفراجٍ في العلاقة مع غزة يعنيأن تُلقى الأخيرة في أحضان مصر"، موضحاً أنَّ "حماس" تحاول تطوير علاقتهامع القيادة المصرية، وخاتماً بالقول: "كلما امتلكت مصر إرادتها السياسية وتعافتاقتصادياً، كلما كانت على علاقة أكبر مع الشعب الفلسطيني".