منذ نهاية الشهر الماضي وموقع الرئاسة اللبنانية شاغر لعدم تمكن قطبي السياسة (الثامن من آذار والرابع عشر من آذار) من التوافق على رئيس يقبل القسمة على جميع القوى.
وما زال التجاذب قائما بين الطرفين، لكن حتى الآن دون تحقيق أي تقدم يذكر في هذا الشأن،الأمر الذي يفتح الأفق على المجهول، ويسيء لوحدة الشعب اللبناني.
ومما لا شك فيه، ان طرح تيار الرابع عشر من آذار للمرشح جعجع، ترك آثارا سلبية على المستويات الوطنية والقومية، لا سيما وان سمير جعجع، متهم بالقتل للبنانيين قبل الفلسطينيين، اضف الى انه ليس مقبولا على الصعيدين القومي والاقليمي، حتى لو لم تعلن بعض الدول والقوى مواقف صريحة من ترشحه، لأن سجله الشخصي والسياسي قاتم.
وفي السياق، فان تيار الثامن من آذار لم يطرح للحظة السياسية الراهنة مرشحا له، مع ان الطافي على السطح فيما بين اقطاب التيار، التوافق المبدئي على الجنرال ميشال عون، مع ان بعض مصادر حزب الله تشي بأن هناك مرشحا بديلا له.
معركة الرئاسة في لبنان، لم تكن يوما من الأيام منذ عام الاستقلال 1946، وحتى الآن شأنا لبنانيا صرفا، بل كانت محل تجاذب لقوى قومية واقليمية ودولية، ولهذا فان المعركة الحالية، لم تخرج عن دور القوى ذات النفوذ في الساحة كما يعلم الجميع فان حكومة تمام سلام، لم تر النور الا بعد أخذ الضوء الاخضر من ايران والسعودية. وانتخابات الرئاسة ايضا لن ترى النور ان لم يتم التوافق بين الاقطاب الاقليمية بما فيها القومية على شخص رئيس توافقي.
ولا يستطيع قطب من الاقطاب الداخلية او صاحبة النفوذ في لبنان فرض رئيس على القوى الاخرى الأمر الذي يملي على الجميع الخروج من النفق المعتم، الذي دخلته أزمة موقع الرئاسة، وهذا يفرض على تيار المستقبل أولا وتيار الرابع عشر من آذار التخلي عن مرشحه، لأنه لا يقبل القسمة على أحد، والعمل على ايجاد قواسم مشتركة ولو مؤقتا بين ايران والعربية السعودية لدعم مرشح ماروني مقبول من الجميع مع ضرورة استمزاج القوى الدولية المعنية بالمسألة اللبنانية وخاصة فرنسا واميركا وروسيا حول شخص الرئيس القادم والدفع بالتئام مجلس النواب لانتخابه وافساح المجال لاملاء الفراغ الرئاسي.