إن اللبنانيات على الرغم من الظروف القاسية التي يشهدها لبنان، يساهمن، كل بطريقتها، في بناء السلام وتحقيق العدالة المجتمعية، وفي خضم الأزمات والصراعات المتعددة أصبحت الجهود المستمرة التي يبذلنها أكثر أهمية من أي وقت مضى. فتلك المرأة، التي ما زالت تعاني بعنفوان تداعيات الحروب كما يحصل اليوم في جنوب لبنان، وتتعرض لمختلف أنواع العنف في أوقات السلم، نجدها لا تستسلم للقوانين البالية بل تسعى جاهدة إلى إبراز دورها التوعوي والتثقيفي في الميادين المختلفة.

انطلاقًا مما تقدم، وفي بصيص نور وأمل، أعلنت "مؤسسة المرأة العالمية" فوز الرئيسة التنفيذية رئيسة تحرير صحيفة "النهار" اللبنانية نايلة تويني بجائزة "بطلة المرأة العالمية" المدرجة في جدول أعمال "دافوس المرأة العالمية" في 20 حزيران الجاري في مدينة كانّ الفرنسية. وتكرم تويني "تقديراً لإسهاماتها البارزة في مجال حرّية الصحافة ودفاعها الدؤوب عن حقوق المرأة والمساواة"، ولكونها صوتاً لا يعرف الخوف في السعي وراء الحقيقة والعدالة، وقد جعل منها التزامها الثابت لحرّية الصحافة وموقفها الشجاع ضد الفساد رمزًا للأمل والتمكين للمرأة في منطقة الشرق الأوسط".

واعتبرت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "جائزة بطلة المرأة" روبا داش، في هذا الإطار أن تفاني نايلة تويني في العمل الصحفي ودفاعها عن حرية الصحافة وحقوق المرأة يجسّدان روح جائزة المرأة البطلة. 

وأضافت: "تلهمنا ريادتها وشجاعتها على السعي من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافًا، ويشرفنا أن نكرّم إنجازاتها في أجندة المرأة العالمية في كانّ".

كذلك، سجلت المرأة اللبنانية إنجازًا من نوع آخر، إذ حازت الدكتورة آمنة علي فرحات من بلدة عنقون الجنوبية، شهادة "الرئيس التنفيذي المعتمد للابتكار"، وهي شهادة مهنية معتمدة عالميًا  تصدر عن معهد الابتكار العالمي وتعتبر أعلى شهادة مهنية دولية في مجال التخطيط وإدارة الابتكار المؤسسي، وفرحات أول من يحصل عليها من بين العاملين في القطاع العام في لبنان.

يذكر أن الدكتورة فرحات كانت حائزة أيضًا شهادة محترف الابتكار المعتمد، ومحترف التفكير التصميمي المعتمد، واستراتيجي الابتكار المعتمد، كما أنها تشغل منصب النائب الأول لرئيس رابطة معهد الابتكار العالمي لشمال أفريقيا ونائب الرئيس للشؤون القانونية والعلاقات العامة والإعلام ومدير الإدارة وتطوير الأعمال.

من جهة أخرى، وبالعودة إلى واقع المرأة في لبنان، يُشهد للنساء اللبنانيات بمدافعتهن الشرسة عن التكافل، ومطالبتهن بعالمية الحقوق والسلام والمبادئ التي تشكّل أساس ميثاق الأمم المتحدة، التي تتعرض للتهديد حاليا أكثر من أي وقت مضى.

يذكر أن لبنان اعتمد خطة عمل وطنية لتطبيق القرار الرقم 1325 الصادر عن مجلس الأمن للأمم المتحدة عن المرأة والسلام والأمن عام 2019 (لفترة 2019-2023) التي ركّزت على زيادة مشاركة المرأة في صنع القرار.

وتعزّز الخطة حماية المرأة من العنف في أثناء النزاع ومشاركتها في جهود الإغاثة والإنعاش. ويعكف لبنان حاليًا على تطوير خطة عمل وطنية أخرى، استنادًا إلى الخبرات والدروس المستفادة من تنفيذ خطة العمل الوطنية الأولى.

توازيًا، تعتبر رئيسة "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" كلودين عون، في ما يتعلق بضرورة مشاركة المرأة في الأعمال اللائقة، أنه بات من الثابت عالميًا أن العمل اللائق هو من الشروط الضرورية لتحقيق التنمية، وهو متلازم مع النمو الاقتصادي، ويمثل معه واحداً من الأهداف الـ17 في أجندة التنمية المستدامة للعام 2030 التي يسعى العالم إلى تحقيقها، وتتطلع دول العالم إلى التوصل إليها للنهوض بشعوبها. والعمل اللائق هو الذي تتأمن في إطاره الحقوق الأساسية للفرد كإنسان، وهو الذي يضمن حقوق العاملين مع مراعاة الإنصاف والسلامة الجسدية والمعنوية. وتتكفل القوانين عادة، وبخاصة قوانين العمل وقوانين الحماية الاجتماعية، في تحديد واجبات العاملين وأرباب العمل وحقوقهم. وقد تطورت هذه القوانين مع مشاركة النساء في القوى العاملة، وتم إقرار تدابير خاصة في معظم دول العالم بحماية الأمومة لإتاحة العمل أمام الأمهات.

لا بد من التذكير في الختام بأن المرأة في لبنان، تسجل في هذه المرحلة أدنى مستويات المشاركة في القوى العاملة مقارنة بالمنطقة والعالم. فنجدها عرضة للبطالة مرّتين أكثر من الرجل، ومن أسباب انخفاض مستوى مشاركتها في الحياة الاقتصادية مثلا تجزّؤ القوانين والأنظمة أو سوء تفسيرها، فضلاً عن هيمنة النظام الذكوري المتجذّر.