تمضي المرأة الكويتية بثبات وعزم قدمًا إلى الأمام على طريق تمكينها في شتى ميادين التنمية المستدامة والنهوض بالمجتمع والوطن استنادًا إلى عقود طويلة من النضال والعمل المضني لنيلها حقوقها وبناء على ما تحظى به من نصيب وافر من الحقوق في الدستور الكويتي دون تمييز بينها وبين الرجل.

ولم تأت مسيرة المرأة الكويتية من فراغ بل كانت ثمرة سياسات وطنية استمرت منذ تأسيس الكويت وإيمانًا من القيادة السياسية الرشيدة عبر السنوات المتتالية بأن المرأة الكويتية جزء أساسي وأصيل من المجتمع ومفتاح التقدم والنمو ويشهد تاريخ البلاد تسجيل المرأة الكويتية إسهامات كثيرة في كل المجالات وقدمت نموذجا يحتذى في النضال والكفاح منذ ما قبل ظهور النفط وتأسيس الدولة ونهضتها بعد ذلك.

وتميزت المرأة الكويتية في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية وكانت رائدة فيها فهي الوزيرة والمديرة والدكتورة والمهندسة والدبلوماسية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر فقد اتخذت دولة الكويت العديد من القرارات لتعزيز مكانة المرأة محليًا ودوليًا ودعمت العديد من مشاريع القوانين في المؤتمرات والاجتماعات في الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها وفي المحافل الدولية.

كما تبنت الكويت مجموعة من المبادرات كان لها الأثر في تمكين المرأة وإبراز مكانتها واعتبارها جزءاً مكملاً لمجتمعها فهي تشكل 58 في المئة من إجمالي القوى العاملة الوطنية مما يبرهن إسهامها في بناء بيئة مجتمعية إيجابية ومثمرة ولم تنس الكويت دور المرأة باعتبارها من ركائز السياسات التنموية في الدولة وفقًا لخطة التنمية (كويت جديدة 2035) والتي تهدف إلى تحويل الكويت بحلول عام 2035 إلى دولة رائدة إقليميًا في المجالات المالية والثقافية والمؤسسية.

وكان تاريخ السادس عشر من مايو كل عام يومًا مفصليًا وعلامة تاريخية فارقة في المسيرة الديمقراطية الكويتية ونقطة تحول في حياة المرأة الكويتية من خلال نيلها حقوقها السياسية انتخابًا وترشحًا وتمكينها لتتبوأ مناصب قيادية في مراكز اتخاذ القرارات.

ففي السادس عشر من مايو عام 2005 أقر مجلس الأمة الكويتي رسميًا الحقوق السياسية للمرأة تتويجًا لمبادرة أطلقها أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه وجاءت ايمانا منه بأهمية دور المرأة وتقديرًا لعطائها في نهضة الكويت في شتى المجالات جنبًا الى جنب مع اخيها الرجل.

وعلى إثر ذلك شهدت انتخابات مجلس الأمة عام 2006 أول مشاركة للمرأة الكويتية ترشحًا وانتخابًا فيما شهدت انتخابات مجلس الامة عام 2008 تقدم 27 امرأة بطلبات الترشح وحققن أرقامًا قياسية تقدمن فيها أحيانًا على عدد من المرشحين الرجال.

وفي انتخابات مجلس الأمة عام 2009 استطاعت المرأة الكويتية تحقيق انجاز تاريخي في مسيرة الحياة الديمقراطية في البلاد اذ فازت أربع نساء بمقاعد في مجلس الأمة الكويتي من بين 17 مرشحة هن الدكتورة معصومة المبارك والدكتورة أسيل العوضي والدكتورة رولا دشتي والدكتورة سلوى الجسار.

ولذلك تحتفل الكويت في السادس عشر من مايو كل عام بيوم المرأة الكويتية تأكيدًا وإظهارًا لدورها الإيجابي والريادي وعطائها المستمر في بناء المجتمع وتطوره ضمن بيئة متميزة راعية لها متمثلة بالمنظومة التشريعية والاجتماعية كما منحها مناخ الحرية السياسية والاقتصادية الذي تمتعت به ثقة كبيرة اثمرت ابداعًا وتميزًا في مختلف الميادين.

وعامًا تلو آخر تزداد مكاسب المرأة الكويتية إذ شهدت الكويت مؤخرًا إنجازًا جديدًا يضاف الى رصيد المرأة الكويتية بفوز الدكتورة ريم الشمري بجائزة سيدة الأمن السيبراني للوطن العربي لعام 2024 حيث يعد هذا التكريم الإقليمي الأول من نوعه وذلك في مؤتمر "جيسيك" العالمي لتكريم النساء المتميزات على مستوى الوطن العربي واللواتي امتد أثر انجازاتهن وعطائهن الى مختلف الأقطار.

وعلى صعيد المناصب القيادية فقد وصلت نسبة تمثيل المرأة كوزيرة ووكيلة وزارة ووكيلة مساعدة 28 في المئة في جميع قطاعات الدولة العام 2023 وتضاعفت أعداد النساء في القطاعات الأبرز مثل السلك الشرطي وقطاع السلك الدبلوماسي والنفطي والقضائي.

كما سجلت المرأة الكويتية حضورًا في القطاع الاقتصادي حيث وصلت نسبة شغلها من المناصب القيادية والاشرافية في بنك الكويت المركزي 41 في المئة كما بلغت نسبة شغلها بالوظائف القيادية والاشرافية في القطاع المصرفي 26 في المئة و35 في المئة من قوة العمل في البنوك الكويتية.

وصدر في 11 مايو 2024 مرسوم أميري بتشكيل الوزارة الجديدة وضمت "13" وزيرًا بينهم سيدتان هما الدكتورة نورة المشعان وزيرة الأشغال العامة ووزيرة البلدية والدكتورة أمثال الحويلة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وشؤون الأسرة والطفولة ووزيرة الدولة لشؤون الشباب.

وبهذا الشأن قالت الدكتورة معصومة المبارك وهي أول وزيرة في تاريخ الكويت (2005) وإحدى أربع نائبات كن أول من فزن في انتخابات مجلس الأمة الكويتي (2009)، إن "المرأة الكويتية مثلها مثل الرجل لها ما لها من حقوق وعليها ما عليها من واجبات وهي قامت بدورها وانخرطت في السلك التعليمي ثم في مختلف المجالات الوظيفية لتشكل نسبة لا يستهان بها في قطاعات الدولة خصوصًا في التربية والتعليم والصحة".

وأضافت الدكتورة المبارك: أنه "بالإجمال قامت المرأة الكويتية ومازالت تقوم بأدوارها المناطة بها والمأمولة منها وليس هناك أي نوع من التقاعس أو التقصير منها بل هي تقوم بواجبها على أكمل وجه لأن الوطن أعطاها كل الفرص للتعلم وتاليا أن تضع ثمرة هذا التعلم في خدمة الوطن وأبنائه ومساهمتها الحقيقية في التنمية المستدامة".

وتابعت: أن "المرأة الكويتية تم تمكينها في شتى المجالات متسلحة بالتعليم والتأهيل والتدريب ليؤتي ذلك ثماره في الدور الذي تؤديه والمواقع التي تتولاها في كل القطاعات سواء بالقطاع العام أو الخاص علاوة على أنها أثبتت نجاحاتها المبهرة وتميزها وأنها مؤهلة علميا ومهنيا في شتى المجالات".

وقالت: أن "المرأة الكويتية موجودة وفاعلة وتمثل نسبة كبيرة في قطاعات العمل والأخص الحكومي لكن ذلك أقل من الطموح لذا نتطلع لأن تكون مساهمتها أكبر وإفساح المجال أمامها أكثر وتمكينها وأن تزداد نسبة شغلها المراكز القيادية".

وأشارت، إلى أن ما نشهده من تغيير إيجابي في الكويت حاليًا يجعلنا نأمل أن يكون فيه تحفيز لإعطاء المرأة فرصا في المناصب القيادية أكثر مما هو عليه الآن إذ تصل نسبتها في المناصب القيادية في حدود 10 إلى 12 في المئة وهي نسبة منخفضة لا تتلاءم مع إمكانيات المرأة التي أثبتت نجاحها وقدراتها ودورها في تحقيق التنمية المستدامة.

وأوضحت الدكتورة المبارك، أن تمكين المرأة له شقان الأول يتعلق بالمرأة ذاتها أن تسعى وتناضل والثاني يقع على عاتق المؤسسات وأصحاب القرار والقوانين لكن بالأساس يجب أن تشعر المرأة بالثقة بذاتها وألا يكون التمكين شعارًا يرفع لفترة معينة بل أن يكون عملية مستمرة لتطوير القدرات النسائية والاستفادة منها وتعزيز نجاحات المرأة وأن يكون عملية مستمرة سياسيًا ومجتمعيًا واقتصاديًا وفي كل المجالات بحيث يؤدي تمكينها إلى وضع الطاقات النسائية الصحيحة في مكانها الصحيح.

من جهتها قالت رئيسة بعثة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل) الخليج والكويت الدكتورة أميرة الحسن: إن "المرأة الكويتية تمارس دورًا محوريًا في نهضة الوطن والتنمية المستدامة إذ تشارك بفعالية في مختلف المجالات التعليمية والمهنية والاقتصادية والسياسية كما تساهم بشكل كبير في القطاعات العامة والخاصة على حد سواء وتتبوأ المراكز القيادية بكفاءة واقتدار وإن كنا نطمح بالمزيد من حيث الكم والكيف".

ولفتت الحسن، إلى أبرز العوامل التي جعلت المرأة الكويتية تحقق الإنجازات وإثبات وجودها في كل الميادين منها الدعم المطلق الذي لقيته ويبرز في هذا السياق المرسوم الأميري الذي أصدره الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه في مايو عام 1999 والذي مكن النساء لأول مرة من الاقتراع والترشح إلا أنه لم يحز دعم مجلس الأمة.

وأوضحت أن الأمر عاد إلى الواجهة مرة أخرى في مرحلة لاحقة ففي دعم أبوي من أمراء الكويت الراحلين الشيخ جابر الأحمد والشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراهما لدعم المرأة الكويتية للحصول على حقوقها السياسية توجت هذه الجهود بموافقة مجلس الأمة الكويتي في 16 مايو 2005 بأغلبية "35" صوتًا ومعارضة "23" نائبًا وامتناع عضو واحد على تعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب لتمكين المرأة من ممارسة حقوقها الانتخابية بكاملها.

واستعرضت أبرز الخطوات التي قامت بها الكويت لتعزيز دور المرأة في شتى الميادين ورفع درجة البلاد في المؤشرات العالمية إذ اتخذت الدولة خطوات جادة على الصعيد المهني لتعزيز دور المرأة بسن تشريعات تسهم في حماية حقوقها وتوسيع مشاركتها في الحياة العامة كما يظهر التزام الدولة بمبدأ عدم التمييز من خلال المادة 29 من دستور الدولة المعتمد العام 1962 وتنص على أن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ومتساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين".

ولفتت إلى الجهود لتعزيز مكانة المرأة من خلال تشريعات وقوانين تضمن نهوضها وتمكينها في مختلف المجالات مثل التعليم والوظائف والاقتصاد والأبعاد الاجتماعية وهي متواصلة منذ نشأة الكويت وفي تحسن وتطور مستمر وهذه الجهود أدت إلى تحسين تصنيف الكويت في المؤشرات العالمية المتعلقة بالمرأة وتظهر بوضوح أن مشاركة المرأة في الكويت تزداد يومًا بعد يوم مما يعكس التطور المستمر في السياسات والممارسات الداعمة لحقوق المرأة ومشاركتها الفاعلة في المجتمع.

وذكرت أنه إضافة إلى الدعم الحكومي فقد تضمنت الجهود تطوير السياسات التعليمية والتوعية بأهمية دور المرأة في المجتمع وتعزيز تشريعات حماية حقوقها وتوسيع مشاركتها في الميادين كافة كما شمل الدعم الأسري حرص الأسر الكويتية على توفير أفضل التعليم والتأهيل لبناتها مما يعكس الرعاية الشاملة التي تمتد من قمة الهرم السياسي إلى كل بيت في الكويت هذا التعاون بين القيادة السياسية والأسر الكويتية والسلطة التشريعية يعتبر دليلاً على الالتزام المجتمعي بتمكين المرأة وضمان حقوقها.

وعن مستوى الطاقات النسائية ككل وإمكانياتها على صعيد الوطن وفي القطاعين العام والخاص ولاسيما المراكز القيادية أفادت بأن المرأة الكويتية تتمتع على الصعيد المهني بحق الوصول إلى الوظائف العامة على قدم المساواة مع الرجل حيث تشغل مناصب مهمة في مختلف مؤسسات الدولة في وقت تتميز الطاقات النسائية في الكويت بالتنوع والغنى وهي ملحوظة في القطاعين العام والخاص وتزداد نسبة مشاركة النساء في المراكز القيادية تدريجيًا مما يعكس تطور مستوى الوعي وتوسع الفرص المتاحة لهن مما يدل على تطور مستوى الوعي والفرص المتاحة لهن.

وأوضحت أنه لا يمكن اختصار حقوق المرأة في الكويت في حق الترشح والانتخاب الذي نالته عام 2005 ووصولها إلى المناصب العامة عقب نيلها الحقوق السياسية فحسب بل كانت موجودة منذ فترة طويلة ففي عام 1993 كانت نبيلة الملا أول سفيرة كويتية حازت ثقة القيادة السياسية وفي نفس العام تم تعيين الدكتورة فايزة الخرافي أول مديرة لجامعة الكويت والقائمة تطول بأسماء نساء كويتيات بارزات في مختلف المجالات.

وأشارت الحسن إلى أن المرأة الكويتية تشكل اليوم نحو "30" من السلك الدبلوماسي في الدفعات الأخيرة وتشغل مناصب في الجهاز القضائي والشرطة النسائية والإطفاء والقطاع النفطي بالإضافة إلى النظامين الصحي والتعليمي وغيرها من الأماكن الحيوية وبالفعل أثبتت المرأة الكويتية جدارتها ومكانتها في كل مجال طرقته مشيرة إلى أهمية تمكين المرأة في الجانب السياسي من خلال تعزيز القوانين التي تدعم المساواة بينها وبين الرجل.