لماذا راى نتنياهو أبي مازن كأخطر زعيم واجهته اسرائيل ؟! أ لأن ابو مازن  ادرك معادلة الصراع بشكل سليم وصحيح ، فصاحب الحق لايكفي أن يكون مؤمنا بحقه ومقتنعا بالتضحية لأجل استعادته وحسب بل  يجب خوض معركة اقناع الآخرين بهذا الحق ليحكموا لك باستعادته ولينتصروا لك ، فان كانت الكلمة هي البدء  فان خط البداية للانطلاق يجب ان يكون من مركز ميدان الخصم . نحن فخورون بقول نتنياهو أن :' محمود عباس ابومازن هو اخطر زعيم واجهته اسرائيل ' ، فتقييم بنيامين نتنياهو – الأهم - أمام اللوبي اليهودي هو في الحقيقة شهادة ثلاثية الأبعاد ، فأن يكون قائد حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية خطرا على المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني فهذا يعني أن فتح والمنظمة ووليدتها السلطة بصحة وعافية وطنية وأن العقلانية والواقعية السياسية المرتكزان على ايمان مطلق بالحقوق  التاريخية والطبيعية ، والقيم الانسانية الحافظة للانسان كرامته وقيمته , وثقافة  المقاومة المشروعة السلمية  والشعبية هي اخطر على المشروع الصهيوني الاستيطاني من كل الأسلحة التكتيكية والاستراتيجية معا .لايخشى صانع الأسلحة ومبتكرها ، الممسك بمفاتيح مستودعات ذخيرتها الأسلحة النارية ، فهو قادر على ردعها وتدميرها على الأرض ، اذ يعلم اسرار فاعليتها وتأثيرها ومخابئها ايضا ، فهو ان كان حذرا جدا تجاه تسلح  خصومه بالفولاذ والنار الا انه يخشى عقلا فلسطينيا عربيا يمتلك ارادة المواجهة في ميادين المقارعة بالمنطق والحقائق ، فالكذبة الصهيونية الكبرى التي قامت على انكار وجود الشعب الفلسطيني منذ فجر التاريخ في ارض فلسطين لا يمكن لنيران الجيوش المتحاربة في ميادين المعارك تأكيدها وتكريسها كحقيقة ، كما لايمكنها تفكيك درع الباطل الذي تالفت منه ..يعلم نتنياهو  ان حركة التحرر الوطنية الفلسطينية بقيادة ابو مازن تشن هجوم السلام في زمن صحوة المجتمع الدولي ، وانتهاجه مسار الانتصار لحقوق الانسان ، وهنا الفرق ، اذ أن اصحاب المشروع الصهيوني قد انتهزوا فرصة انشغال العالم بحربين عالميتين  مدمرتين  منذ العام 1914 حى العام 1945 ليرتكبوا جريمة تهجير مليوني فلسطيني في العام 1948 تحت ارهاب السلاح  ، لكنهم قبل ذلك كانوا قد اشتغلوا بدبلوماسية نشطة على اقناع حكومات الدول الكبرى  المستحكمة بمصير العالم بمشروعهم وبالمصالح المشتركة من فوائده وعائداته ،  واستطاعوا من خلال السيطرة بالمال على ماكينة الاعلام  والتثقيف من تكوين راي عام اوروبي وأميركي وعالمي ساند المشروع  الصهيوني في ترسيخ ركائزه  القائمة حتى اليوم .يخشى نتنياهو ثورة تكنولوجيا الاتصال وتحرر الرواية الاعلامية  الفلسطينية والعربية - ولو بحدود بسيطة حتى الآن - من هيمنة وسائل الاعلام الموجهة بالمال الصهيوني ، وتمكنها من التسلل باتجاه بصيرة الجمهور في الغرب  عموما والولايات المتحدة خصوصا ، كما يخشى ثورة التواصل مع كبار عقلاء اليهود المتميزين التي انتهجها ابو مازن واستطاع احداث اختراقات وتحقيق انجازات في قلاعهم العصية ، فنتنياهو يعلم أن مصالح كبار اليهود في العالم وتحديدا في اميركا واوروبا وأميركا اللاتينية اوثق مع مصالح بلدانهم الأصلية حتى وان كان دعمهم لحكومات اسرائيل بلا حدود ، لذلك طلب منهم – حسب ويكيليكس – التأثير في دوائر القرار ألأميركي لاضعاف مكانة ابو مازن !. لاتخشى اسرائيل الحروب لذلك تستدرجها لكنها تخشى السلام الذي لاتتمكن من تحويلة الى تسليم بالأمر الواقع واستسلام يضيع الحقوق ، فحكومات اسرائيل تريد سلاما مع الفلسطينيين والعرب لكنها لاتريده قائما على قناعة الاسرائيليين بحقوق الفلسطينيين  في ارضهم ووطنهم . تخشى حكومة اسرائيل من وصول جمهورها الى قناعة  أنهم  مواطني دولة احتلال ، فحكومة اليمين المتطرف تسعى لتكريس الاحتلال والتمييز العنصري  كمفهوم  ممكن التعايش معه في عصر انطلاق الحريات الانسانية ، لكنها في معضلة  ذلك أنها لاتقوى على تأمين المجتمع الاسرائيلي من تاثير الحق الفلسطيني الذي يسطع اشعاعه في كل يوم جديد اقوى من سابقه ، كما لاتستطيع حجب الحقيقة  التاريخية الفلسطينية عن شعوب العالم ، فصانع القبة الحديدية لاعتراض القذائف يظن واهما انه يستطيع تغليف العالم بالمعادن المضاد للحقيقة .فان كان الرئيس ابو مازن هو اخطر زعيم واجهته اسرائيل فان الشعب الفلسطيني الذي بوأ ابو مازن موقع القيادة  ومنحه الثقة سيبقى الزعيم الأخطر ’ الأقوى . فالحق يجعل من صاحبه زعيما ولو من غير تاج .