عندما يكشف المستشار السياسي لعضو المجلس التشريعي عن حركة حماس اسماعيل هنية لوسائل الإعلام أن حركته تقدمت بطلب من قناة الجزيرة الفضائية لفتح تحقيق بالتقرير الذي بثته القناة حول الإضراب عن الطعام للمعتقلين من حركة فتح في سجون ميليشيا حماس بقطاع غزة والذي أعدته المراسلة جيفارا البديري، وعندما ينشط فجأة الناطق بإسم حركة حماس سامي أبو زهري ويصحى من سباته ليطالب قناة الجزيرة الفضائية بفتح تحقيق حول التقرير ذاته، وحين تتطوع منتديات حماس على الانترنت بإعلان روابط الكترونية للاحتجاج على تقرير قناة الجزيرة وتطالب مناصريها بمن فيهم أعضاء مليشياتها بتوجيه الانتقادات ضد التقرير المذكور حتى وإن لم يشاهدوه، فإننا نقرأ في ذلك انزعاج كبير بل احساس بالخطر نتيجة التقرير الذي كشف زيف ادعاءات حماس وبيّن جرمها بحق المناضلين الفلسطينيين في معتقلاتها، وزيف ادعائها حول وجود معتقلين سياسيين في الضفة الغربية.
ولعل هذا التقرير الإعلامي ليس الأول الذي يفضح أكاذيب حماس وزيف ادعاءاتها ويثبت براءة السلطة الوطنية الفلسطينية من الاتهامات التي تُعد وتنسق مع جهات غير فلسطينية، لكنه بلا شك الأول الذي تبثهه قناة الجزيرة القطرية المعروفة بولائها المطلق لحركة الإخوان المسلمين والأسرة الحاكمة في دولة قطر الغنية مادياً.
ما سر "الفزعة" الحمساوية الذي فاق ردة فعلها عن تصريحات نتنياهو التي تستهدف شعبنا الفلسطيني أو حتى حادثة الإرهاب الطائفي في مصر؟ السر هو أن قناة الجزيرة هي السبب الوحيد للوجود السياسي لحركة حماس. فحركة حماس التي تصرف على حضورها ومقاومتها الكلامية الإعلامية من حساب أسر الشهداء والجرحى والأسرى، ومشاريع تفيد المجتمع الفلسطيني، تاركة أبناء شعبنا في غزة تحت نير الحصار والانقلاب، هذه الحركة لم يتبقى لوجودها أية سبب منطقي في ظل هدنتها المجانية مع الاحتلال وانعدام أفقها السياسي وغياب برنامجها واخفاقها في إدارة القطاع المغتصب سوى حضورها الإعلامي الذي تشكل قناة الجزيرة القطرية عموده الفقري. لذلك تراها لا تحتمل تقريراً يكشف عورتها أكثر وخاصة إذا كان صادراً عن الجزيرة بالذات.
لا بد أن نتذكر أن حماس اعتمدت على تقارير قناة الجزيرة المسيئة لشعبنا الفلسطيني وقيادته من أجل بث الشكوك لدى المواطن في الداخل والشتات حول المشروع الوطني الفلسطيني ونضالات أبناء شعبنا وانجازاته المتمثلة بالاعترافات الدولية والوضعية السياسية العالمية غير المسبوقة التي وصلنا اليها وبناء المؤسسات وازدهار اقتصاد ضفته الغربية. وأن هذه الشكوك المصحوبة في كثير من الأحيان بعبارات التخوين والتكفير هي إرث حركة حماس ورصيدها السياسي الوحيد التي تحاول من خلاله تبرير أفعالها وتسويق أجندات المتحكمين بها في طهران بريموت كنترول المال وغيرها.
فلهذه الأسباب لا نجد منطقاً في الاستغراب من ردة فعل حركة حماس الشاكية من تصرف سبب وجودها الوحيد. المفيد أن حماس قد دفعت بموقفها هذا آلالاف من أبناء شعبنا للاطلاع على التقرير ومتابعة انتهاكاتها لحقوق المواطن الفلسطيني وجرائمها مما زاد رقعة تغطيته الطبيعية بعشرات المرات وعلى هذا نقول لحماس شكرا.