ربما سيكون عملياً أكثر، النظر الى خيارات التشكيل، بمنظور واقعي، يأخذ في الاعتبار أن صعوبة العثور على مستقلين فلسطينيين، لا ميول فصائلية لهم، هي جزء من حقائق المشهد الفلسطيني، وما يزيد هذه الحقيقة صدقية، أن "فتح" و"حماس" عندما تقدم كل منهما كشفاً بالأسماء التي تقترحها، يصبح أمر الاستقلالية أبعد منالاً، لأن كل اسم سيكون مسكوناً بالامتنان للطرف الذي أدرجه في كشفه، وهذا بحد ذاته كاف لخلق مظنة الموالاة لطرف محدد. لذا، والحالة هذه، يصبح من الأفضل التعويل على التكنوقراط المحترفين والأكاديميين، معلومي الانتماء، بدل دفن الرؤوس في الرمال والتعامي عن حقائق الميول. ما تبقى تتكفل به قيم العمل العام لدى التكنوقراط والأكاديميين. وفي حال الأخذ بخيار التكنوقراط، ينبغي إشراك الفصائل، ليس باسمائها الفاقعة والسجالية، وإنما بكادرها المؤهل.
الحكومة الوفاقية الانتقالية، ذات الصلاحيات، والتي ستقود عملية التوجه الى انتخابات عامة، سوف تضطلع بمهمة صعبة، وبحكم معرفتنا لإيقاع الزمن الفلسطيني؛ نجزم أن المسائل لن تمضي وفق جداولها الزمنية المفترضة، وبالتالي يمكن أن تمكث الحكومة المنتظرة زمناً أطول، وحبذا لو جرى التعويل عليها لكي تباشر فوراً عملية إصلاح إداري في الجهاز الحكومي، لكي تنتقل المسؤولية لمن يختارهم الشعب، في شكل وضع حكومي نابض ويتمتع بالحيوية، وليس في شكل ركام. وسيكتشف المكلفون بالمهمة الانتقالية ما اكتشفه د. رامي الحمد الله من بؤس في الأداء على كل صعيد، بسبب غياب المؤسسة الدستورية المعنية بالرقابة والمساءلة والتشريع. فلم يعد هناك مجال لترف إهدار الوقت، والاستهتار بحقائق الواقع الصعب وتحدياته.