بقلم: يامن نوباني
"غرقنا" هي الكلمة الأكثر انتشارًا، ووجعًا، هذا الصباح في صفوف النازحين في قطاع غزة، بعد أن استيقظوا على أمطار أتلفت وبللت خيامهم.
ما أن تدخل كاميرا تصوير إحدى الخيام المهترئة بفعل أشعة الشمس أمس، والمبللة بفعل المطر اليوم، حتى يأتي صوت امرأة كبيرة في السن: "غرقنا". الكلمة الأولى لوصف لاحق ممتلئ بتفاصيل المعاناة، ثم تتداخل أصوات معظمها لأطفال يكررون "غرقنا".
أطفال حفاة، وآخرون بملابس خفيفة مستهم رجفة برد، يمشون على رمل تحول بفعل زخات المطر السريعة فجر أمس الأحد، إلى وحل.
الحياة على شواطئ بحر غزة تحولت إلى وحل، وحل كبير ومتصل، يمشي بين الخيام وفي الطرقات، وسط المرضى والجوعى والعجزة والرضع والمبتورة أطرافهم.
لم يدخل موسم الشتاء بعد، إلا أن زخات خفيفة وسريعة من المطر، فاقمت معاناة النازحين في الخيام، فوق معاناتهم اليومية في فقدان معظم مستلزمات الحياة الطبيعية ووسائل العيش الكريم.
عشرات الآلاف من النازحين يطالبون بشوادر جديدة، وخيام تقيهم الشتاء، وأغطية ثقيلة، وملابس، والجميع يطالب بعودته إلى بيته، حتى لو كان مهدما.
يعلو موج البحر، فتدخل مياهه إلى الخيام، التي إن لم تتكسر، يغرق كل ما فيها، فيتلف ما حاولت العائلات جمعه من ملابس وحطب ومواد تموينية ومستلزمات بدائية ضرورية جدًا للحياة.
في أحد مقاطع الفيديو، التي التقطت هذا الصبح، تظهر خيمة لمسنة تشير إلى كيس طحين مبلل بسبب المياه، فيما حاولت المسنة قدر الإمكان حمايته، فهو في غزة يعني الحياة، لكن المياه وصلته، وأتلفته مع سقف خيمتها والأغطية التي كانت تغطي الأرض.
في مقطع فيديو من انتاج "الهيئة المستقلة لحقوق الانسان" يروي شهادات نازحين على بحر شاطئ خان يونس، يرون تفاصيل غرق خيامهم مع تقدم أمواج البحر تجاههم، وتساقط الأمطار على المخيمات.
يقول المواطن ابراهيم البخاري النازح من حي الرمال، قبل عدة أيام جاءت موجة وأخذت معها خيمتان، دخل البحر علينا وبلل ملابسنا، والسواتر التي نصنعها بلا نتيجة.
فيما قالت أحلام ابو طعيمة، وهي تعد سواتر رملية جديدة مع أطفالها: صنعنا سواتر من الرمل، لكنها تهدمت بفعل أو مطره صغيرة شهدها القطاع، ودخلت خيمتنا، لا نعرف ما الذي سنفعله في المنخفضات الجوية الكبيرة وأيام المربعانية.
وتقول نسرين الخواجة، النازحة من حي الشيخ رضوان: علا الموج علينا، جرف السواتر الرملية، رجعنا لورى، لكن خايفين يسحبنا التيار، نبحث عن مكان لجوء جديد، متسائلة: ما الذي بإمكانها أن تفعله خشبة وحرامين؟.
فيما يقول ساهر سمير، ما الذي من الممكن أن تفعله الشوادر؟ هل تصد السيول أم الوحل أو تمنع الريح والبرد.
يُشار إلى أن أكثر من مليون و900 ألف مواطن نزحوا في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني 2023 وحتى اليوم، وتوزعوا على عشرات آلاف الخيام على الشواطئ، وفي مئات المدارس ومراكز الإيواء.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها