يوم الأحد الماضي الموافق 26 حزيران الحالي شهدت خربة المجاز بمسافر يطا جنوب الخليل مؤتمرا رسميًا وشعبيًا لدعم صمود أهالي الخرب والتجمعات السكانية الفلسطينية الثمانية في المسافر المهددة باقتلاع سكانها في عملية تطهير عرقي على مرأى ومسمع من العالم، والتي يتراوح عدد السكان فيها ما بين 1200 نسمة، وبعض المصادر تؤكد أنه ضعف هذا الرقم؛ أضف إلى أن سلطات الاستعمار ممثلة بقوات جيش الحرب والموت الإسرائيلي والجهات الصهيونية الأخرى تسعى بخطى حثيثة وباستخدام وسائل وأساليب مفضوحة لمصادرة أراضي المسافر، التي تتراوح ما بين 25 و30 ألفًا من الدونمات بذريعة التدريب، وتحويلها لمرمى إطلاق نار، إضافة لمنع سلطات الاحتلال من البناء الفلسطيني في المنطقة، وواصلت بتواتر في عمليات الهدم للعديد من البيوت، والبركسات وإغلاق المغر بذرائع شتى لتحقيق الهدف الحقيقي الذي يتمثل في مصادرة وتهويد أراضيها، ووضع اليد الصهيونية الاستعمارية عليها.
تأخر انعقاد مؤتمر "التحدي والصمود" كثيرًا، رغم أن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ولجان المقاومة الشعبية في محافظة الخليل أولت منذ البداية قضية المسافر الاهتمام الذي تستحق، ونظمت العديد من الفعاليات الشعبية، وقام عدد من الشخصيات الرسمية والشعبية بزيارة جبهة التحدي في المسافر وخربها وتجمعاتها المختلفة، إلا أن انعقاد المؤتمر برعاية سيادة الرئيس محمود عباس، وحضور عدد من القيادات الوطنية، ومشاركة د. محمد اشتية، رئيس الوزراء وعدد من الوزراء ومسؤولي الهيئات الرسمية ذات الاختصاص بدعم وإسناد أبناء الشعب في المنطقة، الذين رحبوا بالحضور، واعتبروه حضورا مهما، عكس مدى اهتمام الجهات الرسمية والشعبية بقضيتهم، قضية الشعب الفلسطيني كله.
وعكس الحضور الرسمي والشعبي للمؤتمر حرص قيادات فصائل منظمة التحرير وفي مقدمتها قيادات حركة فتح وكوادرها على الارتقاء بالدفاع عن أبناء الشعب في المسافر وفي كل بقعة من أرض فلسطين المهددة بالتهويد والمصادرة والتطهير العرقي، وأيضا حرصها على تعزيز وارتقاء المقاومة الشعبية أسوة بقرى بيتا وبرقة وبزاريا وبيت دجن وكفر قدوم وأحياء العاصمة الفلسطينية الأبدية، القدس والأغوار وغيرها من المدن والقرى والخرب.
ومما لا شك فيه، أن العرض الذي قدمة اشتية بما قدمته الحكومة من دعم وتسهيلات لأبناء الشعب في مسافر يطا، وما ستقدمه لاحقا حمل في طياته اهتماما حكوميا إيجابيا. غير أن الحكومة حتى تكون جزءا من حالة المقاومة الشعبية تفرض الضرورة على أركانها ووزرائها ورؤساء هيئاتها وكوادرها الإسهام أكثر فأكثر بدورهم الكفاحي، وغرس بذار المقاومة في كل بقعة، وتوسيع وتعميق السيادة والنفوذ الوطني في المناطق المصنفة C كي يحصد الشعب وحكومته ثمارا حقيقية لكي وعي الجيش والشرطة وقطعان المستعمرين الصهاينة جميعًا، وقيادتهم السياسية؛ ولوضع المداميك الحاملة لركائز مقاومة شعبية واسعة ومنظمة وشاملة في كل الأرض الفلسطينية.
نعم كان المؤتمر نقطة ضوء إضافية وضرورية، وخطوة متقدمة للأمام في مسار المقاومة الشعبية. كما كانت روح الشهيد الشيخ سليمان الهذالين أيقونة المقاومة الشعبية في المسافر كلها وقريته أم الخير خصوصا، الذي اغتالته قوات شرطة العصابات الصهيونية مطلع العام الحالي 2022 تظلل المؤتمر، وعكست روحه المقاومة، الذي لم يترك فعالية ومواجهة مع المستعمرين الصهاينة إلا وكان في مقدمتها حتى يوم دهسه من سيارة الشرطة في 5 كانون الثاني الماضي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه على القوى والحركات والفصائل التي لم تشارك لا في المؤتمر، ولا من حيث المبدأ في المقاومة الشعبية في مختلف المحافظات والمدن والمخيمات والقرى والخرب الفلسطينية، وتدعي ليل نهار أنها عنوان "تيار المقاومة"، أين هي من المقاومة الشعبية؟ وهل فعلا هي معنية بتصعيد وتطوير المقاومة؟ وكيف؟ وعلى أي أساس يمكن تصنيفها أنها جزء من المقاومة، إن لم تكن جزءا من الفعاليات الشعبية في المسافر والقدس ونابلس وجنين ورام الله والبيرة وطولكرم وقلقيلية .. إلخ؟ وما هي معايير المقاومة عند تلك القوى، التي ترفض تحت ذرائع واهية وأجندات هدامة ومتناقضة مع روح المقاومة تشكيل قيادة وطنية ميدانية، ولا أقول قيادة وطنية موحدة عامة؟ وما هي أسس الشراكة التي تريدها، إن لم تكن جزءا من الفعل المقاوم إلا برفع الأعلام في الجنازات، أو في باحات المسجد الأقصى من خلال قوى فلسطينية من أم الفحم أو غيرها من المدن والبلدات الفلسطينية في الـ48؟
دون الخوض في التفاصيل، وترك الصيغة ذات صبغة عامة، على كافة فصائل العمل السياسي وقطاعات الشعب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية والإعلامية والصحية والتربوية الإسهام المباشر في رفع سقف المقاومة الشعبية، وتعزيز روح الشراكة الميدانية والسياسية للنهوض بعمليات المجابهة مع المستعمرين الصهاينة في كل بقعة من فلسطين حتى تحريرها، وإزالة الاستعمار الصهيوني عن ثراها وترابها بشكل كامل.
المصدر الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها