بات العالم على يقين بأن قرارات حكومة منظومة الاحتلال الاستيطاني العنصري الإسرائيلي بمنح قوات جيش الاحتلال والمستوطنين المجرمين الضوء الأخضر لشن حملات قتل وتنكيل واعتقالات بحق المواطنين الفلسطينيين في مدن وقرى الضفة الفلسطينية، أدت لانزلاق الأحداث، وجرت المنطقة إلى مربعات مواجهات خطيرة، ستؤدي إذا ما تصاعدت وتيرة العدوان على الشعب الفلسطيني إلى أوضاع ونتائج غير محسوبة أو متوقعة.

أما جرائم سلطات الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي اليومية بحق المواطنين الفلسطينيين العزل الأبرياء، التي ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، فتعتبر السبب الأول والأخير لتوسع نطاق المواجهات الشعبية في عموم أرض الوطن، في سياق تصميم الشعب الفلسطيني على الدفاع عن مقدساته، وأرضه، وكرامته بالوسائل المشروعة والمكفولة في الشرائع والمواثيق والقوانين الدولية، وانتزاع حقه غير المنقوص في الحرية والاستقلال.

لقد حذرت القيادة الفلسطينية من النتائج الخطيرة المترتبة على جرائم سلطة الاحتلال الإسرائيلي والأخطار الشديدة الناجمة عن انعدام قدرة السلطة القائمة بالاحتلال (حكومة إسرائيل) على كبح جماح عدوان ضباط وجنود جيشها والمستوطنين، وإمعانهم في استفزاز مشاعر المواطنين الفلسطينيين، والمساس برموز مقدساتهم الدينية خلال شهر رمضان المبارك، وتنفيذ اقتحامات مسلحة عنيفة لباحات الحرم القدسي والمسجد الأقصى، ونعتقد أن الغزاة المستوطنين المجرمين قد أصيبوا بنكسة كبيرة بعد هزيمتهم في معركة (ذبح القرابين اليهودية داخل الحرم القدسي)، ونؤكد في هذا السياق أن سلطات الاحتلال أو ما يسمى (قيادة الجبهة الداخلية) قد أخذت القرار بمنع أعضاء ما يسمى (جماعة العودة إلى الهيكل) من الدخول إلى الحرم القدسي وذبح قرابينهم، بعد استشعار واستطلاع الآثار الدموية والقرابين البشرية التي ستدفع ثمنا لهذا التطرف والإرهاب المغلف بطقوس ومناسبات أعياد دينية، فالحرم القدسي والمسجد الأقصى مكانان ورمزان دينيان تاريخيان، وهما ملكية خالصة للشعب الفلسطيني ومقدسة للمسلمين في العالم، وكل ذلك مؤكد في نصوص القرارات الدولية المتعلقة بهذه القضية..، آخرها القرار الصادر عن المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" في منتصف شهر أكتوبر من عام2016 حيث نص على: "وبشأن المسجد الأقصى المبارك، فقد أكد المجلس التنفيذي في القرار على أن المسجد الأقصى/ الحرم الشريف موقع إسلامي مقدس مخصص للعبادة للمسلمين، وأن باب الرحمة وطريق باب المغاربة والحائط الغربي للمسجد الأقصى وساحة البراق جميعها أجزاء لا تتجزأ من المسجد الأقصى/الحرم الشريف".

لا يمكن لوطني فلسطيني السكوت على أفعال وجرائم وانتهاكات جيش الاحتلال وأجهزته العسكرية المشتركة والمنسقة مع المستوطنين المجرمين في القدس الهادفة لإخضاع الشعب الفلسطيني عبر السيطرة على روحه وسر وجوده المرتبط بالمقدسات المسيحية والإسلامية، وبالمسجد الأقصى خصوصا باعتباره مكونا أساسيا في ثقافة الفلسطيني الإنسانية والوطنية والروحية الدينية.

نعتقد أن تأمين التغطية السياسية والقانونية والإعلامية في المحافل الدولية والمنظمات الدولية، والعمل المنظم لتقديم المجرمين الإسرائيليين الذين سفكوا دماء المواطنين الفلسطينيين الأبرياء إلى المحكمة الجنائية الدولية، وكشف الطبيعة الإجرامية للسلطة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) وحشد المساندة والتضامن من المحيطين العربي والدولي لشعبنا الصامد كان وما زال على رأس جدول أعمال القيادة الفلسطينية، والمهمة التي لا يتقدم عليها أي ملف على طاولات بحث القادة الوطنيين والسفراء وكل من يستطيع أخذ دور لاستكمال متطلبات هذه القضايا.. ولعلنا نستطيع حث والقوى والأحزاب والمنظمات المناهضة للتمييز العنصري والاحتلال والاستيطان الإسرائيلي في العالم على موقف حازم وصلب وعملي لمحاسبة حكومة منظومة الاحتلال الإسرائيلي ومعاقبتها وفق أحكام القانون الدولي على جرائم الحرب، لكن ليس قبل رفع مستوى أداء التنظيمات الفلسطينية، وبلوغها نقطة الجاهزية لتنفيذ مهمة خدمة الشعب الفلسطيني والدفاع عن مصالحه العليا.. وتبوء المناضلين والكوادر والأطر القيادية مكان الصدارة في فعاليات الصمود والمواجهة مع الاحتلال والاستيطان الإرهابي الإسرائيلي في ظل بقاء القيادة في حالة اجتماعات مفتوحة لتقييم ومناقشة التطورات على الصعيد الوطني وانعكاساتها على الدائرتين العربية والدولية.

لقد برزت خلال الأيام الماضية صور صمود وعنفوان وانتصار للمقدسات وللكرامة الوطنية، وكذلك الفخر والاعتزاز الذي جسده ذوو الشهداء والجرحى والأسرى رغم آلامهم وهم يودعون أبناءهم الشهداء، ما يطمئن بأن الإرادة والانتماء الوطني، أسلحتنا القوية في مواجهة إرهاب دولة الاحتلال الإسرائيلي المسلح وحملاتها الدموية.. وأن تطوير الحالة النضالية في منهج مقاومة شعبية، تحت علم فلسطين بأكبر قدر من التنظيم والوحدة والعمل المشترك، سيمكن شعبنا من إبهار العالم بإصراره على انتزاع حقوقه وحريته واستقلاله وجدارته بقيام دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

 

المصدر: الحياة الجديدة