عائلة رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق رابين، الذي تم اغتياله قبل 26 عامًا، تتهم نتنياهو بطريقة غير مباشرة بأنه هو المسؤول عن عملية الاغتيال، فقد قال "يوناتان بن أرتسي" أحد أفراد عائلة رابين، "إنه بعد إسقاط المجتمع الإسرائيلي لنتنياهو يمكن أن نقول إن مدة الحداد قد انتهت". هذا الكلام بمفهوم عرف الأخذ بالثأر هو اتهام مباشر لنتنياهو أنه كان وراء عملية الاغتيال.. فهل لدى عائلة رابين معلومات أو أدلة أكثر من كونه كان المسؤول عن حملة التحريض التي قادت إلى عملية الاغتيال..؟؟

قال "بن أرتسي": إن الشعب الإسرائيلي انتصر على الدكتاتورية، على نزعة حكم الفرد التي كان يمثلها نتنياهو. مضيفًا أن التحريض هو الذي قاد لاغتيال رابين في نهاية المطاف، وشبه سنوات حكم نتنياهو بأنها الأسوأ في تاريخ إسرائيل.
هذا الكلام بحد ذاته دليل على وجود تيار صهيوني يميني أكثر فاشية يمكن أن يقوم بأي شيء ليكون هو المتحكم وصاحب القرار في إسرائيل، وإذا أنعشنا ذاكرتنا، فإن عملية اغتيال رابين في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1995 لم تنه حكم اليسار الإسرائيلي، وحسب، بل أنهت أيضًا عملية السلام، وأدت مع الوقت إلى تغير بنيوي في المحتمع الإسرائيلي. فمع هذا التغير الذي حرر الاقتصاد إلى أبعد الحدود، تراجع ما كان يطلق عليه المعسكر العمالي، هذا المعسكر الذي أسس إسرائيل وحكمها حتى عام 1977 عندما فاز اليمين للمرة الاولى بزعامة مناحيم بيغن.
على كل حال، اليمين الصهيوني الفاشي كان موجودًا منذ تأسيس الحركة الصهيونية وبشكل موازٍ للمعسكر العمالي. هذا التيار الذي أعلن عن نفسه في عشرينيات القرن العشرين، وكان يطلق على نفسه "الصهيونية التصحيحية".
وفي السياق التاريخي ذاته فقد خرجت من تحت عباءة هذا التيار الأكثر فاشية المنظمات الأكثر إرهابًا مثل "الارغون" و"الشتيرن" التي ارتكبت أبشع المجازر بحق الشعب الفلسطيني قبل وخلال نكبة عام 1948، وكانت من وراء اغتيال ممثل الأمم المتحدة في فلسطين، الدبلوماسي السويدي، الكونت برنادوت، وقامت بنفس الوقت بتفجير فندق الملك داود في القدس. كما أن هذا التيار كان يخطط لعملية انقلاب على بن غوريون، لأنه وافق على قرار التقسيم، وهم كانوا يريدون دولة يهودية تشمل كل فلسطين وشرق الاردن.
وبالمناسبة والد نتنياهو واسمه بن صهيون نتنياهو، كان مؤرخًا يمينيًا متطرفًا للتاريخ اليهودي، وكان مرافقًا لجيبوتنسكي مؤسس الصهيونية التصحيحية، التي هي جذر التيار الأكثر فاشية، فهو سليل هذا الفكر وهذه الايديولوجيا، وهذا ما أرادت عائلة رابين الإشارة إليه وهي توجه إليه إصبع الاتهام.
لا يمكن تقدير مدى تأثير هذه التصريحات الأكثر جرأة في اتهام نتنياهو وتحميله مسؤولية اغتيال رابين، ولكن الأكيد أنها دليل على انقسام عميق داخل المجتمع الإسرائيلي، وهو انقسام له جذور ومبررات وأسباب. وما يهمنا نحن في فلسطين أن نجد في نهاية الأمر يومًا تعترف فيه إسرائيل بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وحقه بأن تكون له دولة مستقلة ذات سيادة.
وحتى ذلك الحين، فإن نضالاً فلسطينيًا يجب أن يتواصل ويستمر بعزم وتصميم حتى نصبح أكثر تأثيرًا في قرار المجتمع الإسرائيلي، ولكي نكون بهذا التأثير، نحتاج أن نكون موحدين ومتماسكين وملتفين حول برنامج وأهداف سياسية واحدة.

المصدر: الحياة الجديدة