من السابق لأوانه معرفة من الفائز، لأن عمليات الفرز لم تنته بعد، وهناك صعود وهبوط بين المرشحين الجمهوري والديمقراطي، وقد تستغرق عملية الفرز أيضًا طيلة اليوم الخميس وحتى فجر الجمعة لتظهر النتيجة النهائية أو شبه النهائية مع تبيان عدد مقاعد كل منهما في المجمع الانتخابي، الذي هو وليس عدد الأصوات من سيحسم الرئيس الفائز. مع فرضية حدوث تطورات غير منظورة حتى اللحظة، والتي بشر بها الرئيس دونالد ترامب بشكل غير مباشر في أكثر من تصريح.

إذا مازالت معركة الرئاسة الأميركية محتدمة، وازداد شد الأعصاب مع ازدياد عمليات التضليل، التي انتهجها الرئيس المنتهية ولايته في البيت الأبيض ضد الشعب الأميركي عمومًا والحزب الديمقراطي وانصاره خصوصًا لدب الرعب في صفوفهم، وللتأثير حتى على لجنة الإنتخابات المركزية، وعلى القضاء الأميركي. 

كما ذكرت أمس، وأعود
لِأَوكد قناعتي، بأن الإتجاه يسير لصالح المرشح الديمقراطي، جو بايدن، رغم التقارب النسبي بينهما. وهذه القناعة لم تأتِ من فراغ، ولا رغبة شخصية، وإن كانت تحاكي نعم انحيازي النسبي لصالح بايدن. مع أن كلاهما ليسا أفضل من بعضهما البعض بالمعايير الوطنية الفلسطينية، وإن وجدت هوامش صغيرة هنا وهناك، فهي مازالت لا تمثل تحولاً بالمعنى الدقيق للكلمة بين الحزبين. لأن الناظم لهما هي الإستراتيجية والمصالح الحيوية الأميركية، التي تتبناها الدولة العميقة. وبالتالي أعود لِأؤكد لبعض القراء أو النخب المتطيرة، أو أصحاب الأراء المغايرة، أن الميل النسبي لهذا المرشح أو ذلك، لا ينطلق من سحابات شخصية، أو من خلال الضرب في المندل، إنما تعود لقراءتي للأحداث الجارية، وما تحمله من آفاق من وجهة نظري. التي قد لا تتوافق مع آراء ومواقف الآخرين وتوجهاتهم. 

وعود على بدء، فإن الرئيس دونالد ترامب منذ بدأت عملية التصويت والفرز للأصوات، وظهور بعض المؤشرات غير المكتملة، وهو يدعي الفوز، وأنه بدأ يعد خطاب النصر!!؟ وهذا مناف للحقيقة العلمية، لأن عمليات الفرز لم تنته، ومازالت جارية. وعاد أمس مساءًا بتوقيت فلسطين، بعدما بدأت عملية الفرز تشير إلى وجود تحول لصالح المرشح الديمقراطي، يشكك بنزاهة عمليات الفرز، والتصويت الفردي والإلكتروني؛ ثانيًا طالب لجنة الإنتخابات في الولايات المختلفة بوقف الفرز، وإعلانه فائزًا!؟ ثالثًا سجل تحفظًا على المحكمة، التي سمحت بفرز اصوات 127 الف صوت في إحدى الولايات، لأنه لا يريد أن يرى النتائج الحقيقة للفرز، ليس هذا فحسب، إنما اتبعها أمس بالتشكيك بنزاهة لجنة الإنتخابات، عندما غرد على توتير، بأنه يتم العمل على إخفاء 500 الف صوت في بنسلفانيا وميشيغن وغيرها. وأضاف أن سير الفرز في ميتشغن وبنسلفانيا وويسكونسن سيء لبلادنا. بتعبير أوضح بدأ يطعن في نزاهة الفرز، وبالتالي سيلجأ للمحكمة العليا!؟؛ رابعًا وهو يدعي الفوز في الانتخابات، في ذات اللحظة والتصريح، قال إنه سيذهب للقضاء؟ لماذا القضاء، إن كنت فائزًا؟ ألا يدلل ذلك على خشية حقيقية من طرفه على هزيمته؟ خامسًا دعوة أنصار الحزب الجمهوري للنزول لمراكز الإنتخابات وفرز الأصوات، لماذا؟ وما هي خلفية هذة الدعوة؟ آلا يعني ذلك إعتبارين، الأول تهديد القائمين على عمليات الفرز، وترهيبهم، والثاني الدعوة غير المباشرة لإرتكاب أعمال مخلة بالأمن والسلم الأهلي؛ سادسًا استخدام لغة البلطجة والتشبيح على الرأي العام وعلى الديمقراطيين خصوصًا، وهو ما يتنافى مع أبسط معايير الديمقراطية. 

كل هذه الملاحظات وغيرها تكشف عن واقع الولايات المتحدة الهابط، والمنحدر إلى مستنقع آسن، وهذا ذكرته أمس، عندما أكدت على أن تاجر العقارات إن فاز أو خسر، فإنه أَصل لتعميق الشرخ الداخلي الأميركي، ومن الصعب على من سيأتي بعده، هذا ان قدر بمجيء رئيس بعده، إصلاح البيت الأميركي بسهولة. لإن ما أرتكبه الجمهوري المنفلت من عقاله ومن خطايا بحق أميركا أكبر بكثير من كل من سبقوه من الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء منذ الحرب الأهلية الأميركية. 

مازال الشارع الأميركي والعالم على حد سواء يعيشون لحظات إنتظار صعبة، وقاسية لبلوغ النتيجة، التي آمل ان لا تكون مفزعة بإعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته.