عندما هاجم المغول الدولة العباسية وقاموا باحتلال وتدمير بغداد، قام حاكم الكرك المغيث عمر بالتماس الأمان من هولاكو، فأرسل ابنه العزيز فخر الدين الذي اجتمع بهولاكو وطلب تعاونه معهم، حيثُ هاجمت جيوش المغول عاصمة الدولة العباسية وعاثت فيها خراباً وفساداً ودماراً استمرت آثاره لقرون عدة، ولم يستطع بعدها العرب والمسلمون إقامة دولتهم الخاصة التي تناثرت أشلاءً بفعل الخيانات والانقسامات والاصطفافات التي كانت نتيجتها أن يفقد العرب والمسلمون أهم مصادر قوتهم.

 بعد قرون طويلة من هذا الحدث الأليم يعيد التاريخ للأذهان هذه الواقعة، ولكن بشكل آخر وبطريقة مختلفة. فاتّفاق أبراهام الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية في واشنطن، الدولة التي لا تعترف بأي حقوق للشعب العربي الفلسطيني، ولا حتى لأقدس مقدسات المسلمين، وكانت شريكةً مع إسرائيل الدولة المعتدية على كل الدول العربية -بما فيها الإمارات ذاتها- هذه الدولة التي قامت إسرائيل باغتيال محمود المبحوح على أراضيها غير مبالية بأي أعراف أو قوانين، وهي تمعن في قتل الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والعراقيين وما زالت تهاجم كل من يحاول أن يبني قواعد وأسسًا لدولة قوية متينة مهما كان وأياً كان، وحتى وإن كان هذا خلف البحار فهي تعتدي عليه بحجة أمنها القومي والحفاظ على السلم والأمن الدوليين. هذه الدولة التي ما زالت تخترق كل قواعد القانون الدولي والأعراف الإنسانية بالجملة، فهي لا تقيم وزنًا لأي عرف أو قانون مهما كان، تحديداً مع هذا الكيان تأتي دولة الإمارات وتوقع اتفاق أبراهام بادّعاء حرصها على مصلحة الشعب الفلسطيني وأنها سعت من خلال هذا الاتفاق للحفاظ على الأرض الفلسطينية، التي وقفت الإمارات صامتة وهي تستباح ويستباح شعبها، واليوم تأتي لتقول إنَّ اتفاقها هذا هو لخدمة هذه البلاد وهذا الشعب. 

إنَّ هذا الادعاء الباطل لا يرقى لمستوى الرد ولا يستحق أن يُقال فيه كل هذا الذي قيل، فالحقيقة الثابتة أنَّ الإمارات وغيرها ممن وقعوا في المصيدة الأمريكية والصهيونية العالمية التي خططت لسنوات طويلة للوصول لهذا الهدف لاعتقاد الإمارات وشيوخها أن البوابة الأمريكية قد تشرِّع أمامهم بعد هذا الاتفاق، هذا الاعتقاد الخاطئ بامتياز، والذي سنرى في الأشهر القريبة القادمة كيف ستصبح الإمارات أكبر الخاسرين بعدما يوقع الاتفاق بين أمريكا وإيران وكيف أن الأموال لن تعيد الهيبة والكرامة لحكام خسروا كل شيء ولم يبقَ لهم إلا استجداء الأعداء لحمايتهم والحفاظ على ممالكهم الخاوية والضعيفة.