لو فك كل واحد منا عقدة لسانه وسأل عن مصدر فاكهة الفقراء الصيفية (البطيخ) قبل أن يدفع ثمنها حتى لا يندم إذا علم أن مصدرها مزارع الاحتلال، لو قررت وزارتا الاقتصاد والزراعة التعريف بمصدر كل مادة غذائية وتحديدًا الفاكهة والخضار، لو كثفت الضابطة الجمركية دورياتها وحواجزها وصادرتها ومنعت وقلبت منتجات المستوطنات على عين المكان ، لكنا قد شكلنا جبهة مقاومة سلمية اقتصادية عريضة في هذا السياق على الأقل، ورفعنا قواعد المنتوج الوطني، وساندنا المزارع الفلسطيني في قضية تجذره في أرضه، وساهمنا بتجسيد ما سمته الحكومة (خطة العناقيد التنموية).

لا يحق لأحد في أي موقع كان والمواطن كذلك تقديم المنتج الإسرائيلي على المنتج الفلسطيني تحت أي ظرف كان، ومن يفعل فإننا نعتقد أنه بحاجة الى فحص لقياس المناعة الوطنية لديه، ونتمنى ألا يفسر أحد يعيش على هذه الأرض الطيبة موقفه السلبي بذريعة أن المنتوج الإسرائيلي أطيب وأجود وأحسن فهذا ليس صحيحًا ولا مقبولاً حتى، ذلك ان العبرة في النتيجة، حيث أننا أمام خيارين إما أن ندفع تحت ضغط شهوة بطوننا ثمن الرصاص الذي يقتل بها جنود الاحتلال مواطنين من ابناء جلدتنا، أو أن ندفع ثمن اسمدة وأدوات وفواتير نقل وشحن وأدوية للمزارع الفلسطيني لتطوير انتاجه لتصلنا ثمرات وخضراوات وفاكهة أرضه الطيبة كالبلسم الى قلوبنا، فقد آن الأوان لتقديم فكرة تغذية عقولنا وضمائرنا على سلوك إملاء بطوننا .

تركزت الأضواء في الأيام الماضية على حملات وبرامج ومتطوعين لإنقاذ ودعم موسم البطيخ في مناطق الأغوار الفلسطينية ، وهذا أمر جيد وإيجابي خاصة وأننا جميعا نعلم الخطر الوجودي القادم مع بداية شهر تموز القادم عندما تعلن حكومة منظومة الاحتلال عن ابتداء ضم مساحات من أراضي الأغوار وفرض القانون الإسرائيلي عليها، لكن الشيء المثير في الأمر ما كشفته شكاوى المزارعين عن تقاعس لدى جهات حكومية متخصصة، أدت في بعض الأحيان الى خسائر، وفي احيان أخرى  بقاء الموسم في الأرض بسبب السماح  للبطيخ الإسرائيلي بدخول الأسواق الفلسطينية على حساب البطيخ المحلي ، وهبوط أسعاره الى حد أن المزارع لا يستطيع تحصيل تكلفة النقل، فكيف وقد دفع خلال العام الزراعي فواتير أسمدة وأدوات ومياه وغيرها؟!!.

لا نشكك بصحة وصواب خطة العناقيد التنموية أبدًا، ومنها الزراعية التي طرحتها الحكومة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا ترك مزارعو البطيخ وحيدين في أرضهم مع منتوجهم دون إجراءات عملية تجسد الأفكار والخطط النظرية للحكومة، ومن المسؤول، ولماذا لم تبادر وزارة الزراعة باعتبارها جهة الاختصاص الى إجراءات بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والضابطة الجمركية والجهات الأمنية المختصة وحتى البلديات الكبرى لضمان تسويق موسم البطيخ، خاصة وأن نسبة منه زرع في أراض حكومية ؟!.

نعتقد بوجوب مراجعة الأسباب التي أدت لمنع المزارعين من الابتهاج بنجاح موسمهم وتجربتهم الأولى في زراعة اراض حكومية، ليس هذا وحسب بل تحديد مكامن الخلل والمسؤوليات، ما يعني تجسيد مبدأ المحاسبة عند حدوث فقدان توازن أو خسارة في نتائج الخطط، وتكريس مبدأ استخلاص العبر من  التجارب الناجحة والبناء على الانجازات وتطويرها.

تقصدنا وضع عنوان ملتبس لمقالتنا اليوم بما يعكس واقع الحال الذي لا يمكن التسليم به، لأننا نعتبر ما يحدث لا يعكس عقلية رجل الدولة في شخص رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد اشتية ولا برنامج الحكومة ولا خطة العناقيد التنموية التي استبشرنا بها خيرا.

وما دمنا كتبنا عن النجاح والانجاز فإننا سنجد أنفسنا قد دخلنا أغوار إمتحانات الشهادة الثانوية لهذا العام وشكاوى الطلبة من الامتحانات ابتداء من نمطها وصعوبة انهاء حل مسائل الفيزياء والرياضيات ضمن الوقت المخصص وأمور اخرى نعتقد أن وزارة التربية والتعليم بات لديها ملف مكتمل حول اسباب هذه الشكاوى، ويتوازى اعتقادنا هذا أنها بصدد دراسة وبحث الشكاوى بجدية سواء التي وصلت الوزارة مكتوبة او المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأساليب متعددة، فدموع الطالبات المجتهدات ما كانت لتهدر في صور الشكوى لولا يقينهن أنهن بمستوى يؤهلهن للنجاح .

لا بد أولاً من تثبيت اعتقادنا بوجوب أحداث ثورة في التعليم وتحديدًا في آلية انتقال الطلاب الى مرحلة التعلم في الجامعة ، فقد ثبت انعدام جدوى هذا النظام، لأنه بكل بساطة يتيح لفئة محدودة من الطلاب يملكون القدرة على حفظ المواد المطلوبة تقديم الامتحان عن ظهر قلب، والحصول على درجات ومعدلات تلامس سقف المئة درجة مثل 99،95 مثلا ، فيما فئات اخرى من الطلبة لا تملك هذه القدرات لكن لا يمكن نفي وجود نسبة من هؤلاء تصل الى مستوى الابداع في مادة علمية أو أدبية أو مادتين وأكثر ، وبذات الوقت يجدون صعوبة في تجاوز الامتحانات أو الحصول على معدلات تمكنهم من الالتحاق بالجامعة والتعلم والبحث والدراسة في المادة التي يرى فيها شخصيته وقدراته على الابداع .

ربما تفيدنا دراسات أو بحوث لدى وزارة التعليم أو قد تجريها، لتبين لنا مستوى البحوث والدراسات المحتوية على نظريات أو استكشافات أو خلاصات غير مسبوقة وصل اليها الطلاب المتمتعون بذاكرة قوية وقدرة عالية على تخزين المعلومات في تلافيف أدمغتهم ، فلعل هذه الدراسات التي نطلبها من الوزارة برهان على صواب وصحة المنهج  المقرر ، ومنهجية الامتحانات ، لكن الى أن نصل الى هذه النتيجة فإننا نعتقد بوجوب ظهور وزير التربية والتعليم عبر وسيلة الاعلام المرئية الرسمية ليشرح للطلبة انفسهم ولذويهم المنهج المعتمد في اسئلة امتحانات التوجيهي ، ويقدم إجابات واضحة على تساؤلات المواطنين بخصوص امتحاني الرياضيات والفيزياء بشكل خاص في الفرع العلمي .

لا نريد إلا نجاح الوزارة والحكومة في الارتقاء بمستوى التعليم ، وبمستوى المتعلمين ، لكن هنالك أمر هام لا بد أن تأخذه الوزارة والحكومة معًا على محمل الجد وهو قطع السبل أمام أي واحد يسعى لتوظيف الامتحانات ومعاناة الطلبة في موقفه السياسي العبثي أصلاً، فهنا وهناك متربصون سيخرجون بألف رواية وفرية ، فيسهبون في أحاديثهم العجرة الحامضة المرة عن (بطيخ الفيزياء) وفيزياء البطيخ ، و(أغوار الرياضيات)، وامتحان الأغوار !!!