هذا هو المصير الحتمي لكل من يستهين بالقضية الفلسطينية، ولكل من يستهين بالشعب الفلسطيني، السقوط في قلب الإعصار والذهاب الى مزبلة التاريخ، وهذا ما اكد عليه رأس شرعيتنا الفلسطينية الرئيس أبو مازن من خلال خطابه التاريخي في الامم المتحدة، حين اكد على ثوابتنا العادلة والمحقة، لا بديل عن دولتنا المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ونمد ايدينا للسلام من اجل ذلك، وما عداه فهو الباطل والحماقة والفشل، مثلما حدث مع "ورشة البحرين" ومؤتمر وارسو و"صفقة القرن".

ما اكد عليه رأس شرعيتنا الفلسطينية مدعم هذه المرة بحجم المأزق الذي دخلت اليه اسرائيل بقيادة نتنياهو، انتخابات للمرة الثانية في خمسة شهور يتعمق خلال نتائجها الفشل والمأزق، نتنياهو كلف بتشكيل الحكومة وعينه على الإفلات من المصير الأسود، السقوط، والسجن الذي سيقوده الى سجن آخر، وكان يتعالى على ذلك من خلال حجم الجرائم التي يرتكبها بحق شعبنا، وتباهيه بالهدايا السامة التي كان يتلقاها مجانا من حليفه ترامب، التباهي سرعان ما يتحول الى نواح، ذلك ان ترامب نفسه مقدم الهدايا، وهو صورة طبق الأصل من سابقه بلفور الملعون "من لا يملك يعطي من لا يستحق" ترامب هذا بغباء منقطع النظير، واستهتار غير مسبوق في تاريخ الرؤساء الاميركيين، يعطي من حقوق الفلسطينيين ومن دمائهم ومن آلامهم لحليفه نتنياهو، ظنا منه انه سيأخذ لقاء ما أعطى، فجاءت النتيجة بعكس ما حلم الاثنان، فترامب يعاني الآن مهانة الاقتراب من السقوط والعزل، ليتفرغ للمحاكمة على قراراته الحمقاء.

وعلى سقطته الاخيرة التي عنوانها انه من خلال مكالمة تلفونية مع الرئيس الأوكراني، طلب تدخل دولة اجنبية بالتدخل الفظ في انتخابات 2020، والذي كشف السر هو ضابط مخابرات اميركي، وتسجيل الاتصال اكد وقوع الجريمة، والعزل هو المصطلح المتداول الان في اروقة السياسة الاميركية، فمهما صرخ نتنياهو باكيا فلن يكون بوسع ترامب ان يساعده وهو عاجز عن مساعدة نفسه، ومهما صرخ ترامب فلن يكون بامكان نتنياهو ان يساعده وهو الذي خدعه ببراعة على مدى ثلاث سنوات- كما قال ترلسون وزير الخارجية الأول في ادارة ترامب.

المشهد يستحق المتابعة، والصمود الفلسطيني يستحق الإعجاب، والدرس الأول الذي يجب ان يعيه جميع الفرقاء الفلسطينيين ان قوة الحق وقوة المعرفة وقوة التجربة التي يمتلكها رأس شرعيتنا الفلسطينية هي أثمن ما نملك في هذه المعركة التي نخوضها بحدها الأقصى.

ممنوع الهروب من معركتنا الفلسطينية الى معارك الآخرين، وممنوع هروبنا من أولوياتنا لنكون مجرد نجوم من صفيح على صدور الآخرين، فلسطين قالت بالفم الملأن انها هي القضية الأهم، هي السلم والحرب، في خضمها نحتشد، وليس بمبادرات كلامية تنتج ضجيجا فارغا، واكبر مدخل لهذا الانخراط الفلسطيني هو الانتخابات التي اشار اليها قائد المعركة وليس اي شيء آخر.