يوم الثلاثاء 2019/8/27 انطلقت الفعاليات الفلسطينية في أرجاء الوطن، وستمتد إلى مختلف أماكن التواجد الفلسطيني في الداخل والخارج، وهناك وقفات وطنية متعددة تحت شعار متواضع ذات طابع سياسي حاد، وإِن كانت صياغته الظاهرة تحتمل البعد الانساني وهو"بدنا أولادنا". وهناك جثامين 304 شهداء في مقابر الارقام، وفي الثلاجات، ومن هذه الجثامين ما هو موجود في مقابر مجهوله، وتعمَّد الاحتلالُ إخفاءها حتى يقطع الأهالي الأمل من المطالبة.
الاحتلال الصهيوني يتعمَّد عدم تسليم الجثامين، من أجل تعذيب الأهالي، وكيِّ عواطفهم ومشاعرهم بالحسرة، ونيران العاطفة، وجحيم الاشتياق. فالاحتلال حرم الأهالي حتى من نظرة الوداع، أو من قُبلة على الجبين مغموسة بالدموع.
لقد فاتَ المجرمين بأنَّ أرواح الشهداء تصعد إلى السماء، إلى جنات الخلد، وأهلُهم مطمئنون لذلك، ولكن من حق شهدائهم عليهم، وعلى شعبنا أن نكمل الواجب بدفن الشهداء، لإنَّ إكرام الشهيد دفنه على الطريقة الفلسطينية والاسلامية والعربية، وإلقاء نظرة الوداع.
إن إصرار الاحتلال على عدم تسليم الجثامين، وهي موجودة منذ السبعينات وما قبلها عمل إجرامي يتعارض مع ما ورد في اتفاقية جنيف الأولى المادة (7)، وهي التي تُلِزم الدولَ المتعاقدة باحترام جثامين ضحايا الحروب، وتمكين ذويهم من دفنهم وفقاً لتقاليدهم الدينية والوطنية.
ولكن، ولأنَّ الكيان الصهيوني هو كيان عنصري يمارس الاجرام والبطش، والقتل الميداني، واحراق العائلات في بيوتها (آل الدوابشه) وإحراق الأطفال وهم أحياء (الشهيد محمد حسين أبو خضير)، فهو كيان يمارس الإجرام، والوحشية، والسلوك الدموي دون أي رادع، ودون مساءلة من كافة الهيئات الدولية، وهو محميٌّ من رأس الارهاب والاجرام والعنصرية ترامب الاميركي الصهيوني.
واليوم قررت جثامين الشهداء سواء منهم من أصبح جسده رفاتاً في مقابر الارقام، أو من تحللت جثثهم في التراب، أو من ما زالت جثثهم غضَّة وطرية في الثلاجات، أن يرفعوا أصواتهم ليقولوا لنا، ها نحن هنا، وها نحن نصرخ في وجوهكم يا أهلنا، لقد نسيتم أن لكم أبناء، وآبَاء، وفتيات تحت التراب يناشدونكم أن تتوحدوا على قلب رجل و احد، وأن تصرخوا بوجه الاحتلال: أُخرجوا من حياتنا، أخرجوا من أرضنا، أُخرجوا من مقدساتنا، إرفعوا أيديكم عن جثامين شهدائنا، وإلاَّ فالغضب قادم. نحن جثامين الشهداء، نحن أحياء عند ربهم يُرزقون، نحن نشكل حالة رعبٍ وخوف دائمين لضباط الاحتلال وجنوده لأنهم يعرفوننا جيداً، يعرفون تاريخنا، ويتذكرون أنَّ هؤلاء الشهداء نشروا الرعب والهلع في المعارك التي خاضوها، فدلال المغربي ورفاقها شهداء عملية كمال عدوان الذين نزلوا على الساحل الفلسطينية، وصعدوا الباص الذي أقلهم بقوة الرصاص إلى أهم مركز عسكري قيادي على الساحل، ولقنتهم دلال ورفاقتها درساً قاسياً لن ينساه قادة العدو.
—أرواح هؤلاء الشهداء سواء في مقابر الأرقام، أو في الثلاجات، أو في مقابر أخرى متناثرة هي اليوم أرواحها مستنفرة، وتثير الرعب في نفوس وقلوب هذا الجيش الجبان، والذي أدَّبته عهد التميمي بقبضتها الفلسطينية وفارس عوده بحجارته. هذه الارواح التي سكنت أجساد هؤلاء الجثامين عندما كانوا أحياء، هي نفسها التي تتولى بإذن الله زرع الرعب والهزيمة في نفوس الأعداء. وهي أيضاً الأرواح التي ترفرف فوق الشعب الذي ضحت من أجله، وهي اليوم تعود لتعيد إلينا الأمل والايمان بأنَّ النصر لنا، والهزيمة لأعدائنا، وأن معركة الجثامين التي إنطلقت اليوم لها مهمتان: الاولى هي تجسيد الوحدة الوطنية، والثانية هي أن الأحياء سيتسلَّحون بأطياف وأمجاد الشهداء حتى تكتمل حلقة النصر المؤزر.
فلتكن معركة الجثامين هي معركة تكريم الشهداء، وارهاب الاعداء.
الحاج رفعت شناعة
عضو المجلس الثوري لحركة فتح
28/8/2019
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها