"من يدعي أن الجيش الإسرائيلي هو الأكثر أخلاقية في العالم، عليه إثبات ذلك، فهذا الادعاء لا أساس له "، ثم قال متسائلاً: "من الذي أجرى مقارنة بين جيوش العالم ليقرر ذلك؟!".
هذا تقييم الجنرال الاحتياط غيورا ايلاند رئيس شعبتي العمليات والتخطيط في جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل خمسة عشر عاما، أما شعوره بالعار وهو يسمع أوامر ضابط لجنوده بقنص شاب فلسطيني أعزل عندما يتوقف وتعبيرات الفرحة من جنود الجيش عند إصابة رأسه واستشهاده فورا، فهي شهادة قاطعة على أن الإعدامات الدموية الميدانية للمدنيين الفلسطينيين (لإرعابهم وإرهابهم) هي محور العقيدة القتالية للمنظمات الصهيونية، وبقيت كذلك بعد تأسيس ما يسمى (جيش الدفاع الإسرائيلي) وتنفيذها بأدوات ووسائل وأسلحة متنوعة، وبدافع عنصري دون اعتبار لجنس الضحية وسنها، أو حساب التقديرات بمدى تشكيلها الخطر على الجندي المحتل الغازي المهاجم المدجج بأحدث سلاح كما حدث في مجزرتي (دير ياسين) في 9 نيسان من العام 1948 إي قبل إعلان إنشاء إسرائيل بحوالي شهر ونيف، و(كفر قاسم) في 29 تشرين الأول من العام 1956، أي بعد إنشائها بثماني سنوات ونصف السنة، وكذلك في العدوان على شعبنا في غزة في العام 2014 عندما قضت عائلات بأكملها بفعل انفجارات صواريخ سلاح الطيران الحربي الإسرائيلي، وقذائف دباباته ومدفعيته.
الجنرال ايلاند الذي جعله يشعر بالعار نتيجة ما رآه على شريط فيديو تم تداوله ونشره موقع لصحيفة إسرائيلية كان قد صوره جنود إسرائيليون عبر منظار بندقية قناصة وتظهر فيه تفاصيل جريمة ضد الإنسانية، قال وهو الخبير "في الشريط تظهر عملية قنص غير مبررة أبدًا" !!.. وهذا يمكننا من اعتبار كلامه الموثق إقراراً من جهة اختصاص بوقوع جريمة حرب ما دمنا نتحدث عن عمليات قنص بقصد القتل لعشرات المدنيين العزل.
وزير جيش دولة الاحتلال وحربها افيغدور ليبرمان، أشاد بجريمة ضباطه وجنوده ووسمهم باعتزازه وفخره، وهذا أمر ليس بمستغرب على وارث للجريمة والإرهاب كعقيدة قتالية وسياسية أيضا، ويحث على تطبيقها وتعميمها رغم الدعاية الإسرائيلية الصهيونية الموازية عن إسرائيل (الواحة الديمقراطية) في صحراء الإرهاب!! وعن جيشها "الأكثر أخلاقية بين جيوش العالم"، وهذا برهان قاطع على (صلة الرحم) بين أفراد عائلة الإرهاب في العالم رغم اختلاف مشاربهم وأجناسهم وأعراقهم، أو تلك التي يدعيها زوراً مراجعهم الدينية، ولعل أفظعهم وأشدهم عدائية للانسانية أولئك الذين يبيحون ويحللون لأنفسهم الجرائم ضد الإنسانية تحت عنوان ويافطة الدولة الدينية، وما ليبرمان الغارق حتى أنفه في جرائم أفراد عائلة (إسرائيل اليهودية) إلا بلاء ومرض خبيث بات لازما على المجتمع الإسرائيلي والعالم اجتثاثه بتطبيق مبدأ عدالة القانون الدولي، ومحاكمة المجرمين.
تعلم مندوبة ترامب في الأمم المتحدة نيكي هيلي ما حدث في السادس عشر من شهر نيسان من العام 2003 حينما قتل جنود الاحتلال الناشطة الأميركية راشيل كوري في رفح جنوب قطاع غزة وداسوا جسدها بجنزير دبابة تزن حوالي عشرة أطنان، لأنها جسدت معتقدها الإنساني في حق المدنيين الأبرياء بالحماية، وحقهم في الحياة في بيوتهم آمنين.. ورغم ذلك نراها تصدق انتمائها وولائها لعائلة الإرهاب بتبني وتنفيذ مفاهيم سيدها للإرهاب المادي والسياسي.
الشهيدة راشيل واحدة من رسل الحقيقة الذين قتلتهم الرواية المزورة والمزيفة، فهي ربما صدقت دعاية مقولة الجيش الأكثر أخلاقية بين جيوش العالم، فوقفت وبيدها مكبر صوت لمنع جرافة الجيش الأقوى في الشرق الأوسط من تدمير وهدم بيت لاجئ فلسطيني في مخيم تكاد جدران بيوته لا تصد ريحا ولا تمنع سقوفها الدلف!.. لكن عدائية الذي في الدبابة هرست إنسانيتها.
في 11 نيسان من العام 2006 وبعد أكثر من 3 سنوات من تاريخ الجريمة قرر محققون قضائيون بريطانيون أن الناشط من اجل السلام الانجليزي توم هورندال قد قتل برصاص جندي إسرائيلي في مخيم رفح بقطاع غزة في نيسان 2003.
هيئة المحلفين - عشرة قضاة - أجمعت على أن الرصاصة التي أصابت هورندال "أطلقت عمدا بدافع القتل" أما عائلة الشهيد هورندال فقد طلبت تقديم ضباط إسرائيليين كبار إلى العدالة، ورأت أن الجندي الإسرائيلي الذي أطلق الرصاص كان كبش فداء لأنه نفذ أوامر وسياسة الجيش الإسرائيلي... وهذا ما أكده جنود الاحتلال الذي كانوا في الميدان باعترافاتهم حول إطلاق النار على مدنيين دون مبرر أو وجود خطر.
أصيب هورندال (22 عاما) برصاصة في رأسه في مخيم رفح جنوب قطاع غزة وهو يحتضن طفلة خوفا على حياتها من رصاص جنود الاحتلال العشوائي، لكنه استشهد بعد تسعة أشهر متأثرا بجروحه.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها