طاولاتٌ من وهمٍ مصقول، ..
وأرائكُ من ريشِ الخديعة، ..
تُرتَّبُ بعنايةِ العارفينَ بالفُرقةِ، ..
حروفٌ تُسكبُ في كؤوسِ المساومة، ..
تُرفعُ نخبًا على شرفِ الغياب، ..
وتُلقى على موائدِ الوصايةِ، ..
كفتاتِ وعودٍ بلا جذور ..
***
في الدوحةِ دوخةٌ …
الريحُ تَسري بلا وجهة، ..
والكلماتُ عرجاءُ، تترنَّحُ في الفراغ، ..
تُصاغُ بنَفَسٍ غيرِ الذي نعرفُه، ..
وتُلفظُ بلسانٍ لا يَفقَهُ العهد، ..
مؤتمِرونَ بلا أمرٍ، ..
ومتحدِّثونَ لا يملكونَ غيرَ الصدى ..!
***
في الدوحةِ دوخةٌ …
خُطى تتعثَّرُ بين الظلال، ..
سِلالٌ من وعودٍ مثقوبة، ..
تُحملُ كما يُحمَلُ الماءُ في الغربال، ..
وقاعةٌ تُصفِّقُ، ولا تدري لمن، ..
هل للمُستضيفِ أم للضيف؟ ..
أم لِلعَبثِ المعلَّقِ في الهواء ..؟
***
في الدوحةِ دوخةٌ …
نهرٌ يشقُّ الخريطةَ على استحياء، ..
يرسمُ دروبًا لا تصلُ، ..
وأبوابًا تُفتحُ للريحِ، ..
تُغلقُ دونَ الغائبينَ قسرًا، ..
ويُكتبُ على عتباتِها:
“هُنا لا مقامَ للحالمينَ بالوطنِ!”..
***
في الدوحةِ دوخةٌ …
والقدسُ هناكَ، ..
تصعدُ جِبالَ الصبرِ وحدَها، ..
تعانقُ الأسوارَ العتيقة، ..
تمسحُ عن جبينِها غبارَ الكلام، ..
تخلعُ عنها ثوبَ المؤتمرات، ..
وتكتفي بدمِ أبنائها، ..
كحبرٍ لا يُزوَّر، ..
وكصوتٍ لا يُشترى، ..
وكوعدٍ لا يُخلفُهُ الفجرُ ..!