بقلم: يحيى رباح
برغم الخبرة التي تراكمت لدى حركة فتح بأن الإخوان المسلمين في فلسطين ليسوا جزءاً من المشروع الوطني الفلسطيني، و أن لهم رؤى خاصة بهم كجزء من التنظيم الدولي للإخوان، وأنهم رفضوا المشاركة في الكفاح الوطني الفلسطيني قرابة ثلاثة وعشرين عاماً، أي منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة على يد حركة فتح في الأول من يناير عام 1965 و حتى إنشاء حركة حماس في نهاية عام 1987، واستمر هذا الخروج الإسلامي من المشروع الوطني طوال فترة الانتفاضة الأولى، حيث رفضت حركة حماس ومجموعات الإسلام السياسي أن تكون جزءاً عضوياً مشاركاً في المشروع الوطني الذي يقوم مرحلياً على حق العودة و تقرير المصير و إقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشريف.
و لكن مع الأسف فإن هذا الأمل لم يتحقق، و بناء عليه فإن النوايا الوطنية الحسنة لحركة فتح أوقعتها في العلاقة مع حماس في الأخطاء التالية:
أولاً/ لم تقبل أن تدخل في مواجهة وجودية شاملة مع حماس و خاصة في السنوات الأولى من إنشاء السلطة الوطنية، و برغم من أن حماس تحالفت ضد السلطة الوطنية مع كل القوى المعادية للمشروع الوطني، بما في ذلك التواطؤ بأشكال مباشرة أو غير مباشرة في توافقات مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، لأن حماس ظلت تقدم الغطاء بالمجان لإسرائيل لتدمير البنية التحتية للسلطة الوطنية الوليدة.
ثانياً/ إننا سمحنا لحماس أن تدخل الانتخابات التشريعية في أوائل 2006 دون شروط على الإطلاق سوى النوايا الحسنة التي لا قيمة لها في السياسة.
ثالثاً/ لم تحصن السلطة الوطنية نفسها من خلال تعديل النظام السياسي بما يسنح للرئيس الفلسطيني أن يقيل الحكومة لأسباب موجبة، و ربما كان ذلك نوعاً من الأنانية الصغيرة لأعضاء حركة فتح "الأغلبية الساحقة" في المجلس التشريعي الأول الذي انتخب عام 1996.
رابعاً/ إن فتح بصفتها صاحبة المشروع الوطني، و من خلال تاريخها الوطني العريق، فإنها لم تقبل الدخول في مواجهة دموية مع حماس لا قبل الانقلاب في عام 2007 و لا بعده، و بقينا نغلب منطق الحرص و الحوار حتى هذه اللحظة.
وإذن ما هي آفاق الحل؟
يجب الاعتراف بأن كل مبررات هذا الانقسام و هذا الانقلاب الذي قامت به حماس عام 2007 قد سقطت على الصعيد السياسي و الديني و الوطني، بل إن هذا الانقسام – برغم آلامه – لم يقف عائقاً أمام فتح في تحقيق العديد من المكاسب للقيادة الفلسطينية و أبرزها انتصار الأمم المتحدة في نهاية العام الماضي و التغيير الكبير في المزاج السياسي الدولي لصالح الدولة الفلسطينية المستقلة، و فتح الأبواب أمامنا لاكتساب عضوية كاملة في ثلاث و ستين منظمة دولية، و اعتبار مشروع الدولة الفلسطينية هو الحاضر بقوة الآن على طاولة البحث الدولي.
بينما حماس تورطت أكثر في رهاناتها الخاطئة، و أصبحت الآن معزولة، تقفز من مركب إلى آخر، و تراهن من جديد على الأوهام، و تسيء إلى قطاع غزة و تسيء إلى علاقته مع الأشقاء العرب و خاصة مع الشقيقة مصر.
و ليس هناك سوى أفق واحد، و هو أن نمضي قدماً في مشروعنا، و تبقى حماس معزولة ترتكب المزيد من الأخطاء إلا إذا امتلكت حماس القدرة على أن تذهب دون قيد أو شرط لتكون جزءاً من الشرعية الوطنية الفلسطينية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها