بقلم: حسـن بـكيـر

في هذا السياق، واستنكاراً للعدوان الأمريكي على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتضامناً مع فلسطين وشعبها في دفاعهم عن أرضهم ضد الإحتلال الصهيوني، وتحت شعار "إنتصاراً للقدس عاصمة أبدية لفلسطين"، نظَّمت الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية وتحالف القوى والفصائل الفلسطينية، إعتصاماً أمام بيت الأمم المتحدة ( الإسكوا), في الوسط التجاري لمدينة بيروت، عصر الثلاثاء 2017/12/19.

شارك في الإعتصام ممثلو الأحزاب والقوى الوطنية والسياسية اللبنانية؛ وقادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وقيادة حركة "فتح"؛ وتحالف القوى الفلسطينية؛ والقوى الإسلامية الفلسطينية؛ وممثلو الجمعيات والروابط والإتحادت اللبنانية؛ وممثلو اللجان الشعبية، وقوى الأمن الوطني الفلسطيني؛ ولفيف من رجال الدين والأئمة والمشايخ؛ وحشد شعبي من بيروت، والضاحية الجنوبية، ومخيمات بيروت، وحشود من جمهورحركة "أمل" وحزب الله.

بدأ الإعتصام بالنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني، ثمَّ ألقى كلمة الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية منسق اللقاء محمد خواجة، أكد فيها تمسك الأحزاب والقوى والشخصيات اللبنانية بخيار المقاومة، ولا سيما المقاومة المسلحة، القادرة على مواجهة الغطرسة الإسرائيلية. كما أكَّد على حق العودة، ورفض التوطين، واعتبار القدس عاصمة أبدية لفلسطين.

وأشار الخواجة أن ردود فعل الأنظمة الرسمية كانت دون مستوى التحدي، وإدراك حجم المخاطر الناجمة عن القرار الأمريكي الذي وصفه الرئيس نبيه بري أنه وعد بلفور ثاني وقرار تمهيدي لتمرير صفقة القرن التي يمكن توصيفها بتصفية القضية الفلسطينية.

وفي كلمة التيار الوطني الحر التي ألقاها ممثله الأستاذ طارق الخطيب أكد على تشبث التيار في الدفاع عن القضايا المحقة، وأولها قضية القدس التي هي قلب القضية الفلسطينية، والحرص على أن تبقى القدس عربية، ولتبقى القضية حية، وذلك لن يحصل هذا إلا بالغاء هذا القرار. .

كما أكَّد الخطيب على التمسك بالمبادئ التي أعلنها رئيس التيار الوزير جبران باسيل في مؤتمر وزراء الخارجية العرب وهي:

- إعلان موحَّد من قبل جميع الدول العربية على أن القدس تمثل شرف هذه الأمة وأن فقدانها هو فقدان لهذا الشرف.

- اعتبار إجراءات ردعية موحَّدة رداً على القرار الأمريكي وكل قرار مماثل لأي دولة أخرى بنقل سفارتها إلى القدس.

- القيام بانتفاضة شعبية واحدة في جميع بلداننا العربية على أن لا تتوقف هذه الانتفاضة إلا بتطبيق كافة مندرجات المبادرة العربية للسَّلام بدون أي انتقاص.

- القيام بحملة دبلوماسية عربية موحدة تهدف إلى زيادة عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين، وإلى اعتبارها دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة مع اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتكريس القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.

ثمَّ ألقى سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور كلمة منظمة التحرير الفلسطينية إذ قال: "نمر في زمن خَطِر من تاريخ قضيتنا الفلسطينية، يهدف إلى إنهاء مشروعنا الوطني الفلسطيني وتطلعات شعبنا الفلسطيني المشروعة بالحرية والاستقلال، ويبلغ ذروته بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا اعتداء على الحقوق التاريخية والقانونية للمكانة الطبيعية للأماكن المقدّسة الإسلامية والمسيحية".

وتابع: "وهنا نعبِّر عن اعتزازنا وفخرنا بأبناء شعبنا الفلسطيني، وبخاصة المرابطين في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، الذين وقفوا بوجه هذا القرار، وأعلنوها مدوية، جنباً إلى جنب مع إخوتهم في كافّة أماكن تواجدهم في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات وفي العالم أجمع، ويساندهم الأحرار المؤمنين بحرية الشعوب واستقلالها، ويعلنون بأن مثل هكذا قرار لن يمر، وسيسقط على صخرة صمود وبسالة وعزيمة وإرادة شعبنا المستند إلى حقه الطبيعي، وما أقرته القوانين والشَّرائع الدولية، لا ولن تكون القدس الإ عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة". مطالباً كافّة الدول التي اعترفت بإسرائيل وفق القرار 181 أن تراجع اعترافها بوجودها أصلاً، فهذه الدولة خرقت كاّفّة القواعد والقوانين التي قامت على أساسها الباطل.

وأضاف: "نحن اليوم نتواجد في جَميع الساحات والميادين وعلى كل المنابر، نصدح جميعاً بصوت واحد:

"الــــــقـــدس عــــــاصمــــــة دولــــتـــنــــــا الأبـــديــــــة، الــــــقـــدس مــــــديـــنــــــة عـــــربــيـــــة إســـلامــيـــة ومــسيــحــيـــــة، إنّ الــــــقـــدس لا ولـــــن تـــكـــــــون يــــــــومـــــاً مــــن الأيــــــــام كــــمــــا أعلن صــــــاحــــــب الصفقات، ولا يـــكــــون لإعلانه وتــــــوقـــيـــعــــه بتـــبـــجُــــح أي شــــرعـــيـــــة أو اعـــــتـــبـــار، ولـــــن يـــمــــر هــــذا الـــقـــــرار الجــائـــر وسنــــواجـــهـــه بـــإرادة القـــابضـــيــــن عــلـــى الجــــمـــر المــتمـــسكيـــن بالحق الــتــــاريـــــخــــي والـــوطنـــي والــــسيــــادي عـــلــى أرضــــنـــا الفـــلـــســـطــينيــة".

مضيفاً: "إنّ مواقف فخامة الرئيس محمود عباس في مواجهة المؤامرة الخطيرة الوعد شكلت استراتيجية فلسطينية جامعة لإطار فلسطيني موحَّد، مستنداً للمصالح الوطنية الفلسطينية، ومتسلحاً بحق شعبه في التصدي لأية مشاريع تهدف إلى تقويض مشروعنا الوطني، وأسس لصياغة برنامج وطني كامل لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بنا وبقضيتنا، ما يقتضي منَّا جميعاً موقِف وطني موحد وعريض وشامِل وتشكيل حاضِنة شعبية لتنفيذ هذه الإستراتيجية الوطنية".

واستطرد السفير دبور قائلاً: "أمام هذا المفترق الخطير لقضيتنا، فإن الواجب يُحتّم علينا جميعاً تعزيز وحدتنا الوطنية التي تجلَّت بأبهى صورها على الأرض الفلسطينية، من خلال بسالة وتصدي شعبنا في انتفاضته الباسِلَة لآلة القتل الإسرائيلية، ووقوفه بعزمِ وثبات دفاعاً عن قُدسِنا الشريف عاصمة دولة فلسطين الأبدية".

لافتاً أن القيادة الفلسطينية ماضيةُ في نِضالِها السياسي والدبلوماسي والقانوني في كافَّة المحافل والمنتديات الدولية لفضح جرائم الاحتلال العنصرية، ومحاصَرة وعزل إرهاب الدولة الذي تمارسه الحكومة الصهيونية والتي لا تُقيم وزناً لأي رأي عام، لا على الصعيد الإنساني، ولا الدولي.

وتابع: "كما رُفع علم فلسطين عالياً خفاقاً فوق الأمم المتحدة، واعتُرف بنا دولة، سننضم لكافة المنظمات الدولية، وسنقاضي الظلمة قتلة الأطفال والشيوخ والنساء أمام المحاكم الدولية".

وختم السفير دبور قائلاً: "هنا أشيد بكل من يقرأ السطور ويفهم ما بينها، وأرثي حال كل مستغرب أو مستهجن، بقصد أو بغيره. وما التشكيك في هذا الوقت بالذات إلا خدمة لمن لا يريدون أن يروا فينا خيراً أو نوراً يضئ مأذن وكنائس القدس".

وكانت كلمة لرئيس حزب التوحيد الديمقراطي العربي الوزير وئام وهّاب جاء فيها: "القدس اليوم عادت عروس الأمة ومحور الصراع وجوهر القضية، اليوم تزحف بيروت وبغداد ودمشق، وتعد لك حيفا وعكا ورام الله وغزة موعد زفاف، اليوم عادت الندرة وجهز المهر، فدتكِ الأرواح والدماء يا قدس، فأنت بوابة الدخول لملاقاة الله، وجسر العبور للسلام على أولياء الله وطريق لعودة الحياة بجسدك الطاهر، اليوم استفاقت الأمة من سباتها فكانت إرادة المقاومة والتحرير ودحر العدوان والإرهاب والتكفير، وعاد الياسمين يعطر الشام وأشجار الزيتون ارتوت بدماء شباب فلسطين".

وألقي الأمين المساعد للجبهة الشعبية القيادة العامة الدكتور طلال ناجي كلمة جاء فيها: "هي القدس؛ القدس كما وصفت بأنها زهرة المدائن؛ وبأنها عروس العروب؛ وبأنها أكبر المدن؛ كيف لا وقد ورد ذكرها بأهم ما فيها في القرآن الكريم عندما قال رب العزة (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) رب سائل يسأل، بالأمس مندوبة الولايات المتحدة الأميركية تدّعي أن القدس عاصمة لليهود منذ آلاف السنين، ونحن نرد عليها بالتالي: سئل سيدنا محمد من قبل الصحابي النعماني قال: من الذي بنى المسجد الحرام في مكة، فأجابه سيدنا آدم وأبناؤه. ثم قال: ما هو المسجد الثاني بعد المسجد الحرام، قال له المسجد الأقصى، وقال متى بني المسجد الأقصى؟ بعد كم سنة من المسجد الحرام، فأجابه بعد ٤٠ عاماً من بناء المسجد الحرام، إذا كانت تؤمن بما ورد في الإنجيل أن سيدنا آدم أبو البشرية فإذاً من هو الأقدم؟ سيدنا آدم أم هؤلاء الذين جاءوا بهم إلى فلسطين؟".

وتابع ناجي: "نحن نفتخر بالقدس ونعتز بأبنائها وأبنائنا، وبأخوتكم الذين يكافحون ويقاومون ويتصدون للعدو الصهيوني بصدور عارية، القدس التي قال عنها سيدنا محمد "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يهمهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله، قالوا يا رسول الله أين هم؟ قال في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، وهم في رباط إلى يوم الدين".

واستطرد ناجي: القدس هذه المدينة، عروس المدائن، يتآمرون عليها منذ مئة سنة، منذ وعد بلفور الذين قال عنه الرئيس أبو مازن بأنه كان صنيع أمريكا وبريطانيا، وليس بريطانيا فقط. بريطانيا لم تكن لتجرؤ على إصداره قبل قرن من الزمن، لولا تواطؤ وموافقة الولايات المتحدة الأمريكية منذ ذلك الوقت وهم يتآمرون علينا، يريدون أن يتخلصوا من اليهود عندهم. كان هناك مسألة في أوروبا إسمها المسألة اليهودية، يريدون أن يتخلصوا من هؤلاء ليس حباً بهم، بل من أجل تنفيذ أهدافهم بأن يكونوا أدوات من أجل خدمة مآربهم في هذه المنطقة.

وأضاف ناجي: القدس عاصمة أبدية لفلسطين والدفاع عنها واجب شرعي ووطني وقومي وإنساني ويجب علينا هزيمة المؤامرة التي أعلنها الرئيس الأحمق ترامب، وأن نتمثل بالبطل إبراهيم أبو ثريا الذي فقد ساقيه بعدوان سابق على غزة، وهذا البطل الآن تحدى إعاقته وإصابته وقتل بدم بارد من العدو الصهيوني وهو يدافع عن أرضه ومقدساته، والمؤامره التي تحاك هي عملية غدر من الإدارة الأمريكية التي كانت تدعى أنها وسيط محايد، وأنها حريصة على إيجاد حلول في المنطقة، فأسفرت عن حقيقة وجهها ونواياها العدوانية ضد شعبنا، ولكن علينا الرد جميعاً على ترامب في الوحدة الوطنية، وبناء منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس، ونقول للرئيس أبو مازن نحن نشد على أيديكم، وتمسك بالصمود في وجه الإدارة الأمريكية وفي وجه العدو، وكل المؤمرات التي تحاك، وعلى كل من يقف إلى جانب ترامب.

وفي ختام كلمته تمنى ناجي أن يوظف هذا الصمود الجماهيري لخدمة القضية الفلسطينية، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء العدو الغاصب بالنصر.