مفهوم الخشوع في الصلاة عند المسلمين يعني القدرة على نفض أعباء اللحظة الآنية وتداعياتها من أرق أو قلق أو ضيق أو شعور بالإحباط والانسحاب أو الخذلان أو غير ذلك من المشاعر السلبية، وعليه تخليص الذهن من كل السلبيات وعُقد المحيط وتصارع الأفكار الناشئ عن المشاكل أو عدم القدرة على حسم الخيارات.
الخشوع يعني أيضا فتح بوابة واكتساب مساحة جديدة بعيدة عن المادي والمحسوس عبر تكريس الفضاء الروحي فقط لتحقيق الاتصال وللعبادة وما قد ينتج عنها من تلقي.
عند تحقيق القطع عن المحيط والربط مع المحيط الجديد فإن الصلة بذلك تتجه نحو هدف واحد فقط هو تحقيق الطمأنينة والمحبة بالعبودية لله .
ويعني الخشوع تحقيقاً لمعاني التواصل الحقيقي ذو المرور باتجاه واحد أي باتجاه الذات العلية باتجاه المولى عز وجل الذي يتقبل ثم يُقبل.
الصلاة الخاشعة في حقيقتها أوسع نشاطاً من مفهوم التأمل الغربي، وفي حقيقة الخشوع سُكون للجوارح والأفكار، والانصراف عن فضاء المحسوس الضاغط إلى فضاء اللاملموس المتخيل، وهو الفضاء العلوي تحقيقاً لحالة الانجذاب للأخروي وهي حالة قد تصل بالمصلي لانجذاب كامل يزيد من الخشوع والخضوع والتيسير للتلقي: تلقي الأضاءات والأفكار والمفاتيح مفاتيح السعادة والطهرانية، ما يحقق السعادة.
إن أداة الخشوع في العرف الإسلامي يبتغي منها الإسلام حصول الفرد المؤمن على الراحة الذهنية والنفسية وتحقيق التوازن في ظل اختلالات النفس اليومية تخفيفاً عن أعباء اليوم وضغط الذنوب أو الهموم، وتخليصاً من شوائب الذات وخلجات النفس، وتنشيطاً لعمل الذاكرة والعقل بعد فترة راحة أو استرخاء وتأمل وخشوع وخضوع لله.
يقوم المسلم بذلك 5 مرات يومياً وهو ما يجب أن يتخذ شكل الخشوع للجوارح والنفس بالانقطاع عن المحيط والتواصل مع ما فوق الطبيعة أو مع الطبيعة من خلال تقديم الطلب للقدير.
وكذلك الأمر تجد نفس المعنى بالصلوات الثلاثة لدى المسيحيين، فإن كانت الصلاة عبارة عن أداء جسدي أو عبء يتم التخلص منه فإن مقدار الاستفادة للصحة الذهنية والنفسية سيكون صفرا.
وبناء على ما سبق فان الأفكار والإيديولوجيات والأديان الأخرى تسعى لتحقيق نفس الأمر، ولكن عدم الانتظام وبشكل متكرر ويومياً أكثر من مرة كما الحال لدى المسلمين والمسيحيين يجعل من فكرة التأمل البوذية تنكمش أمام حقيقة الخشوع الذي يشتمل على التأمل والاسترخاء ونفض الرواسب وتنقية النفس واستخدام الأفكار الايجابية والالتقاء مع منطقة الراحة العلوية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها