استعرض النّاطق الرسمي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، مفوَّض الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية، د.ناصر القدوة السياسات والإجراءات الإسرائيلية التصعيدية الخطيرة تجاه أبناء شعبنا، مؤكِّداً أنَّها تُشكِّل جزءًا من الانجراف العام في (إسرائيل) نحو اليمين المتطرِّف والإمعان في الأصولية الدينية حتى الفاشية والعداء للديمقراطية.

   وقال القدوة خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر مفوضية الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية في رام الله، اليوم الثلاثاء 7-11-2017، إنَّ (إسرائيل) "قوة الاحتلال" تحاول نقل الوضع إلى مستوى مختلف، مستفيدةً من قوّتها النسبية الحالية ومن الضعف العربي النسبي، وأشار إلى أنَّ سمات ذلك تتمثَّل في الإمعان في الاستعمار الاستيطاني بشكل محموم، مؤكِّدًا أنَّ الاستعمار الاستيطاني في الضفة الغربية يعتبر انتهاكاً جسيماً لاتفاقية "جنيف" الرابعة، أي جريمة حرب يجب محاسبة (إسرائيل) عليها، ولافتًا إلى أنَّ محاولات (إسرائيل) شرعنةَ المستعمرات إلى جانب تقويض صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية ستقود إلى الإطاحة بالوضع القائم.

   وعبَّر القدوة عن رفض حركة "فتح" للممارسات الإسرائيلية المتعلِّقة بمدينة القدس المحتلة والتي تهدف لإحداث تغيير ديمغرافي في المدينة، وإخراج أحياء مثل كفر عقب وشعفاط خارج القدس المحتلة، وشدَّد في السياق ذاته على رفض ضمِّ مستعمرات ومنها ما يعرف بـ"معالي أدوميم" لبلدية القدس، مؤكِّدًا أنَّ استمرار (إسرائيل) في سياساتها سينتج عنه مواجهات حقيقية بين الجانبين، وبطبيعة الحال الإطاحة بإمكانية إحداث الحل السياسي بالنسبة لجميع الأطراف.

   كما أكَّد القدوة رفضه المطلَق لتصريحات رئيس الوزير الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يريد من خلالها إرساء مفهوم مختلف للسيادة بالنسبة للدولة الفلسطينية، ومنها رفضه إزالة المستعمرين، ومحاولته المقارنة بينهم وبين الفلسطينيين العرب في الأرض المحتلّة، واصفًا تصريحاته بـ"الخرافات السياسية التي يجب أن تنتهي".

   وشدَّد على أنَّ دولة فلسطين قائمةٌ بحكم الحق الطبيعي والتاريخي لشعبنا، واستنادًا لاعتراف دول العالم بدولة فلسطين على حدود العام 1967م، الذي يفوق عددهم عدد الدولة المعترفة بدولة (إسرائيل)، وأكَّد أنّ الشعب الفلسطيني هو مصدرُ السيادة وصاحبها، مشيراً إلى أنَّه "لن يكون هناك تطبيعٌ من قِبَل الدول العربية مع (إسرائيل) قبل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولن يكون هناك تطبيق عكسي للمبادرة العربية"، مُطالبًا (إسرائيل) بالكفِّ عن الادعاء بأنَّها جزءٌ طبيعيٌّ من المنطقة، لأنَّ ذلك لا يمكن أن يحدث إلّا بعد حل وإنهاء الصراع.

   وفيما يتعلَّق بوعد "بلفور"، أشار القدوة إلى وجود غياب لأي تفهُّم بريطاني للألم والغضب الفلسطيني، وللمسؤولية التاريخية البريطانية تجاه القضية الفلسطينية، ونوَّه إلى وجود بعض المواقف الإيجابية من قِبَل بريطانيا تمثَّلت بالتصريحات المتعلّقة بالمستعمرات والحل على أساس حل الدولتين، لافتًا إلى أنَّ "ذلك لا يكفي"، وطالب الحكومة البريطانية بتحمُّل مسؤولياتها بالكامل، والعمل على تمكين شعبنا من إنجاز استقلاله الوطني في دولته المستقلة، من خلال الاعتراف بدولة فلسطين، والتحرُّك باتّجاه ما  تبنّاه وزير الخارجية لاستصدار قرارٍ من قبل مجلس الأمن الدولي. كما ثمَّن جهود جميع الأطراف البريطانية الداعمة لنضال شعبنا.

   ووصف القدوة قرار مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" المتعلِّق بأندية المستعمرات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأنّه فضيحة أكبر من الفضائح السابقة للاتحاد، ولفتَ إلى أنَّ القرار لم يتعامل مع الموضوع المطروح مشيرًا إلى أنَّ الكلمات المستخدَمة ودلالاتها تحاول تغيير المركز القانوني للأرض المحتلّة، داعيًّا إلى مواجهة ذلك بالتعاون مع الاتحادات الوطنية والدولية والأُطر القيادية للـ"فيفا"، ومؤكِّدًا أنَّ التحركات الإسرائيلية ستُمنَى بالفشل على المدى البعيد بالرغم من بعض النجاحات التكتيكية.

   وفيما يتعلق بملف المصالحة، أكَّد القدوة الترحيب بالخطوات التي تمَّت حتى الآن، معبِّرًا عن آماله بنجاح اجتماع الفصائل بتاريخ 21/11/ 2017. وأكَّد أنَّ الأولوية المطلقَة للعمل على استعادة الوحدة جغرافيَّا وسياسيَّا لتحقيق المصالحة الوطنية، مشدِّدًا على وجوب الاستفادة من الظروف الإقليمية والدولية ومن الجهد المصري المبارَك والمشكور.

   واستعرض الرؤية اللازمة لتحقيق المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة السياسية والوطنية، المتمثّلة في الاتفاق على إنهاء السيطرة أُحادية الجانب على القطاع وعلى حياة أهلنا هناك، وإعادة القطاع إلى النظام السياسي والإداري. والاتفاق على شراكة كاملة مع الأطراف كافة في النظام السياسي، والاتفاق السياسي والبرامجي على برنامج الإجماع الوطني الرامي إلى إنجاز الاستقلال الوطني لدولة فلسطين على حدود عام 1967م، والبرنامج الواقعي لعمل السلطة الوطنية الفلسطينية المتمثِّل بالتزامها بالاتفاقيات الموقَّعة مع الجانب الإسرائيلي.

وفيما يتعلَّق بموضوع الأمن، أشار القدوة إلى أنَّ الموضوع محسوم، وأنَّه يجب أن تكون الأجهزة الأمنية تحت السيطرة الكاملة للحكومة، مؤكّدًا ضرورة أن تتم إعادة الهيكلة والتقيُّد وَفْقَ اتفاق عام 2011، وما سيجري من اتفاق حول الخطوط العامة التفصيلية.

وفيما يتعلَّق بسلاح الفصائل، أشار القدوة إلى أنَّ الحديث يدور حول الفصائل المعترَف بها، وأشار إلى وجود مفاهيم مختلفة وقد تكون متناقضة، منها المفهوم الإسرائيلي والمفهوم الفلسطيني.

  ففيما يتعلَّق بالمفهوم الإسرائيلي الذي يتدخَّل بفظاظة في محاولة لإفساد المصالحة ويطالب بنزع السلاح، أكَّد القدوة أنَّ ذلك غير مقبول وغير واقعي وغير قابل للتطبيق. وقال إنَّ نزع السلاح عمومًا يكون إمّا بالحرب أو من خلال تسوية سياسية، مشيرًا إلى أن (إسرائيل) جرّبت الحرب ثلاث مرات ولم تنجح في نزع السلاح، وأنَّ لا تسوية تلوح في الأفق القريب، مضيفًا: "في حال وجود بوادر تسوية فإنَّنا سنتحدث في الموضوع في حينه".

  وحول المفهوم الفلسطيني لمسألة سلاح الفصائل، قال: "الموضوع مختلف، ولكن يجب ضبط السلاح وتحييده عن التأثير في الحياة الفلسطينية، وإخضاعه للقيادة السياسية، وضبط استخدامه بمعنى قرار الحرب والسّلم، وبما يحقّق فكرة ضرورة وجود سلطة واحدة وسلاح واحد".

  وفيما يتعلَّق بفعاليات إحياء الذكرى الثالثة عشرة لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات، قال القدوة أنه سيتم تنظيم مهرجان مركزي في قطاع غزة، فيما ستُنظِّم فعاليات في مدن الضفة المختلة، منوّهًا إلى أنَّ "مؤسسة ياسر عرفات" ستُحيي الذكرى بفاعلية تُنظِّمها يوم 10/11/2017 في قصر رام الله الثقافي، حيثُ ستُعلن خلالها عن جائزة "ياسر عرفات للإنجاز" للعام 2017.