خاص مجلة "القدس" العدد 342 تشرين اول 2017
بقلم: محمود الأسدي
اخترتُ عنواناً للبحث الحالي رواية "وليم شكسبير" أعظم كاتب مسرحي عالمي، المعروفة في العالم العربي بـ "أسمع جعجعة ولا أرى طحناً"، واخترتُ لها عنواناً أقرب إلى اللياقة الأدبية والاجتماعية "كثير من الضجيج للاشيء".
تعددت لقاءاتُ المصالحة بين "فتح" و"حماس" الغاية منها إنهاء الانقسام في النفوس قبل إنزالها في النصوص، وكاد الأمل يعم كافة المواطنين الفلسطينيين ويعزز الأمل في نفوسهم، وحيث أن كافة اللقاءات السابقة لم تشهد ترجمة فعلية على الأرض، تسرب الإحباط إلى كثر من الفلسطينيين في مخيمات اللجوء وكذلك في الشتات، وترسخ لديهم فكرة المكتسبات الفئوية والحزبية إنها المحرك والدافع لعدم التقيد بكل ما في الاتفاقات السابقة منذ اتفاق القاهرة عام 2011 والذي تناول قرارات هامة ومنها:-
1- تشكيل حكومة وحدة وطنية.
2- تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية.
3- دمج الأجهزة الأمنية والشرطة في غزة والضفة الغربية بما يضمن وحدتها وتبعيتها لوزارة الداخلية.
4- إعادة بناء منظمة التحرير وغيرها من قضايا ذات شأن تمس الوطن والمجتمع الفلسطيني، هذا وسبق اتفاق القاهرة 2011 وتلاه اتفاقات عدة، ومنها اتفاق مكة في 28/2/2007، اتفاق القاهرة الأول في نيسان 2011، اتفاق الدوحة في شباط2014، اتفاق القاهرة الثاني في 23/4/2014، واليوم اتفاق القاهرة في 12/10/2017.
وكلها لم تعطِ النتيجة المتوخاة ولم تضع حداً للانقسام والتراشق والتخوين.. يبدو أن المكاسب الحزبية تطغى على التصالح لأن الهدف الرئيس لبعضهم تقطيع الوقت لا للحلحلة..
يظهر أن لقاءات الجامعة العربية وقراراتها التي تثلج الصدور وتزرع الأمل، لم تَرَ النور، كانت المثال الذي احتذته لقاءات المصالحة الفلسطينية.
يتساءل الفلسطينيون ومعهم أحرار العالم الذين يدينون الممارسات الصهيونية القمعية والعنصرية والاستيطانية عن أسباب الجفاء والانقسام بين الفلسطينيين!! ونحن والعديد من الأخوة والرفاق نتوجه إلى الحركتين: "متى يكون وضع حدٍ للانقسام؟ وكيف يكون التصدي لمن يحاول الإعاقة والتعطيل أو عرقلة انجاز المصالحة"؟.
شعار "الفوضى الخلاقة" التي رفعها الرئيس الأمريكي بوش وقادتها الآلة العسكرية الأمريكية أنتج وضعاً غير خلاّق، فلا ديمقراطية تحققت ولا شبه ديمقراطية، إنما دمار وخراب، قتل وتهجير وإقصاء وتداخلات خارجية متنوعة بلون قوس قزح، متى يا ترى يحين وقت إنهاء انقسام السلطة بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتوحيد البندقية وتوجيه البوصلة إلى فلسطين الوطن.. الهوية.. الشعب"!!.
تناولت وسائل الإعلام لقاء المصالحة بين حركيتي فتح وحماس وفندت ضرورة هذا اللقاء (11 تشرين أول 2017)، قائلة أن لكل منهما أجندة خاصة. تسعى حماس للمصالحة، كما تبث وسائل الإعلام، لوضع حد لحصار الصهاينة لغزة الذي امتّد لعشر سنوات وغطته ثلاث حروب مدمرة للقطاع، وتقليص الموارد المالية للحركة، وتضاؤل الدعم الخارجي لها وللمتغيرات المخيفة التي نزلت بالوطن العربي، ويحدد أحد الكتاب قائلاً: "إن اندفاع حركة حماس اليوم إلى المصالحة يعود إلى عاملين: أولهما، تخبطها في إدارة غزة، وثانيها، أنها لم تتمكن من فرض رؤاها كحركة مقاومة.
وفي الجانب الآخر، يذكر الكاتب أن فتح وافقت على المصالحة إثر فشل كافة الاتفاقات السابقة مع الصهاينة بداية مع اتفاقات أوسلو 1993، وثانيها إثر أزمة تعيشها كقيادة وسلطة وتعرضها لضغوطات خارجية، وإزاحة الضغوطات الخارجية الرامية إلى فرض صيغة معينة، وتماهياً مع موقف الرئيس محمود عباس في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في شهر أيلول الماضي.
الصراع الفلسطيني بين فتح وحماس، دفع نتنياهو إلى التشدد في "عيد المظلة" اليهودي مشترطاً على السلطة الفلسطينية الاعتراف "بيهودية الدولة" كشرط للسلام مع الفلسطينيين، بمعنى إنكار حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ورفضاً لقرار 194 الدولي، واعتبار الفلسطينيين داخل الخط الأخضر 1948، والأرض المحتلة عام 1967 مواطنين من الدرجة الثانية، وتغاضى عن تمدد الاستيطان وكونه عقبة كأداء في مسيرة السلام، ناهيك عن تدنيس الأقصى، وتقسيم المسجد الإبراهيمي في الخليل.
حان الوقت أن تدرك القوى الفلسطينية حالة التطبيع المستورة والمكشوفة لبعض الأنظمة العربية مع دول الاغتصاب، إن مسيرة "سارة وهاجر" التي شاركت فيها آلاف النساء الفلسطينيات والإسرائيليات هي أول الغيث وتزامن مع هذه المسيرة دعوة الوفد الصهيوني لزيارة المغرب برئاسة وزير الدفاع السابق عمير بيرتس لحضور "اللقاء في البرلمان المغربي"، لأنه يحظى بمكانة خاصة!!.
هل هناك جدية في إنجاز المصالحة في القاهرة؟!
الأيام القادمة هي المحك والمفصل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها