أقام المؤتمر الشعبي اللبناني (أمانة الشؤون الدينيّة) أمسية شعريّة في الذكرى المئويّة لوعد بلفور المشؤوم في منزل مسؤول الشؤون الدينيّة في المؤتمر الدكتور أسعد السحمراني في حلبا- عكّار، تقدّم الحضور فيها: كاهن حلبا الأبّ فؤاد مخّول ممثلاً سيادة المتروبوليت باسيليوس منصور مطران عكّار وتوابعها، ومسؤول التنمية العقاريّة في دائرة الأوقاف الإسلاميّة في عكّار الشيخ علي السحمراني، والشيخ فهمي كوجا، وأمين سرّ حركة "فتح" وفصائل "م.ت.ف" في الشمال أبو جهاد فيّاض على رأس وفد من قيادة الحركة في الشمال، ومسؤول حركة الجهاد الإسلامي في الشمال بسّام موعد، ومسؤول العلاقات السياسيّة لحركة الجهاد الإسلامي في لبنان أبو وسام محمود، وسفير النوايا الحسنة لفلسطينيي الشتات الشاعر شحادة الخطيب، ومسؤول عكّار في المؤتمر الشعبي اللبناني نور الدين مقصود مع وفد من قيادة محافظة عكّار، والعميد المتقاعد نعمة الله ابراهيم، وأمين سرّ اتّحاد الكتّاب اللبنانيين في مكتب عكّار الدكتور مصطفى عبد الفتّاح، ورئيس جمعيّة البيت السعيد المحامي عبّاس الملحم، وعدد من أعضاء المجالس البلدية ورؤسائها ومدراء وأساتذة المدارس والثانويات ومنسوبي المهن الحرّة والمهتمّين.

رحّب السحمراني بالحضور، ونقل لهم تحيّات رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا، وأشار إلى اهتمام المؤتمر بالقضايا الوطنيّة والقوميّة وفي طليعتها قضيّة الأمّة الكبرى فلسطين، وممّا جاء في كلمته:

"لقد أعطى البريطاني وعداً لشعب انتمى إلى منظّمة عنصريّة هي الصهيونيّة (تصنيف الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في 1975/11/10 بالقرار رقم (2279)، الذي جاء في نصّه: (إنّ الصهيونيّة شكل من أشكال العرقيّة والتمييز العنصري) وطناً هو للفلسطينيين العرب، أهل الأرض والبلد، وكان هذا الوعد جريمة تاريخيّة غير مسبوقة، تحتاج إلى مراجعة الخلفيّة الدينيّة والاستعماريّة التي هيّأت لمثل هذا الوعد والجريمة.

وبيّن أنّ الصهيونيّة غير اليهوديّة نشأت بتأثير من أخذوا بحرفيّة تفسير العهد القديم في أوروبا وأمريكا والذين سمّاهم عددٌ من الكتّاب: الصهيونيّة المسيحيّة وهذا مصطلح غير دقيق لأنّ الصهيونيّة عنصريّة والمسيحيّة ترفضها، والصحيح أن نقول الصهيونيّة غير اليهوديّة والصهيونيّة اليهوديّة.

ثمّ عرض لتطوّرات هذا التيّار وصولاً إلى المحافظين الجدد الداعمين للعنصريّة الصهيونيّة وجرائمها.

 وتحدّث تحت عنوان"من كامبل بنرمان إلى وعد بلفور"، وعرض الظروف والمخطّطات التآمريّة مورداً فقرة من وعد بلفور نصّها: "على الدول ذات المصلحة أن تعمل على استمرار تأخّر المنطقة (الأمّة العربيّة) وتجزئتها، وإبقاء شعوبها جاهلة متناحرة، وعلينا محاربة اتّحاد هذه الشعوب وارتباطها بأيّ نوع من أنواع الارتباط الفكري، أو الروحي، أو التاريخي، وإيجاد الوسائل العمليّة القويّة لفصلها بعضها عن بعض، وكوسيلة أساسيّة مستعجلة، ولدرء الخطر، توصي اللجنة بضرورة العمل على فصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن جزئها الآسيوي، وتقترح لذلك إقامة حاجز بشري قوي وغريب بحيث يشكّل في هذه المنطقة، وعلى مقربة من قناة السويس قوّة صديقة للاستعمار عدوّة لسكّان المنطقة."

ثمّ كان الوعد المشؤوم في 1917/11/2 وقد سلّمت بريطانية فلسطين للصهاينة واستمرّ الاحتلال بصيغة صهيوأوروبيّة وصهيوأمريكيّة.

أضاف السحمراني تحت عنوان ثالث: وقفة مع حال الكيان الصهيوني الغاصب، العرض لبعض ما أنجزته حركة خيار المقاومة وما فرضته على العدوّ من أشكال الحصار والضعف ومن ذلك دخول فلسطين في الأمم المتّحدة وفي المحكمة الجنائيّة الدوليّة وفي منظّمة الشرطة الدوليّة (الأنتربول).

وندّد السحمراني بالموقف المتغطرس المصرّ على الجريمة الذي أعلنته رئيسة حكومة بريطانية تيريزا ماي وأنّهم يتمسّكون بوعد بلفور وبدعم الكيان الغاصب وسيحتفلون معه هذا العام في الذكرى المئويّة.

ثمّ اقترح السحمراني تحت عنوان: "المهمّات المطلوبة" إنّ الأساس هو التزام خيار المقاومة، والمقاومة المطلوبة ميادينها السياسة، والفكر، والأدب، والفنون، والإعلام، والإقتصاد، ومقاومة التطبيع، والحراك الشعبي، وأعلى مستويات المقاومة إنّما هو استخدام القوّة بناء للقاعدة الذهبيّة التي أعلنها جمال عبد الناصر (ما أُخِذ بالقوّة لا يُستردّ بغير القوّة)،  تأسيساً على ما تقدّم يكون المطلوب ما يلي:

أ- مواصلة الحصار الدولي على العدوّ الإسرائيلي سواء في هيئة الأمم المتّحدة، أو مؤسّساتها استناداً إلى المواثيق الدوليّة، وما ينصّ عليه القانون الدولي الإنساني، هذا مع استخدام العضويّة في المحكمة الجنائيّة الدوليّة، ومنظّمة الشرطة الدوليّة (الأنتربول) لملاحقة قيادات كيان العدوّ بالمزيد من الشكاوى والملاحقات.

ب- واجب جامعة الدول العربيّة، ومنظّمة التعاون الإسلامي، أن توقفا هذه الحالة من الاستهتار بحقّ قضيّة العرب والمسلمين الأولى، قضيّة فلسطين، وأن تقوما بحركة ناشطة مع كلّ الأصدقاء في العالم ومع أنصار الحقوق الإنسانيّة لتشكيل حالة ضغط على العدوّ الإسرائيلي، ونشر ما يقوم به من جرائم وما قام به.

وواجبهما كذلك رفع شكوى أو أكثر أمام المحاكم الدوليّة، وأمام الأمم المتّحدة ضدّ بريطانية لإدانتها على إصدارها وعد بلفور، ومطالبتها بالاعتذار والتراجع، والتعويض على الفلسطينيين منذ وطئت أقدام المحتلّين أرض فلسطين إلى يومنا هذا.

ج- تنشيط حركات ومؤسّسات مقاومة التطبيع، وكذلك دعم حركة (B.D.S) العاملة لفرض المقاطعة على بضائع العدوّ، وسحب الاستثمارات من تحت سلطته الغاصبة، وفرض الحصار عليه والمطالبة بمعاقبة كلّ شركة تدعم مشروعاته الاستيطانيّة.

وتعزيز ثقافة المقاومة من خلال الأقلام والإعلام، وبشكل خاصّ تربية الأجيال وتنشئتها على هذه الثقافة.

د- تعزيز الدعم المادّي للشعب الفلسطيني في الداخل، وبشكل خاصّ المقدسيين الذين يعانون من حصار اقتصادي يفرضه العدوّ منذ سنوات، ودعم المؤسّسات التعليميّة والاستشفائيّة والأدبيّة والفنيّة، لتعزيز الصمود الفلسطيني في أرض فلسطين التاريخيّة. هذا إضافة إلى الدعم السياسي، ومن خلال الفعاليات الشعبيّة في مختلف الساحات، والأماكن المتاحة.

هـ- نشر المادّة الثقافيّة الوافية التي تبيّن هويّة القدس والمقدّسات وسائر التراث والواقع الفلسطيني، وذلك لمواجهة حملة التزوير التي يقوم بها العدوّ لتهويد القدس والمقدّسات وكلّ معالم فلسطين، وضرب للشخصيّة الفلسطينيّة العربيّة الحضاريّة.

و- إذا كان التقدّم العربي لا يقوم على التجزئة، والأمن العربي لا يتحقّق في ظلّ التجزئة، وإذا كان الاتّحاد العربي حقيقة وضرورة وفق الصيغة المتّفق عليها ديمقراطيًّا باعتماد الاتّحاد أو الولايات العربيّة المتّحدة أو تكامل الوطنيّات في إطار العروبة الحضاريّة الجامعة، فإنّ ذلك لا يتحوّل إلى حقيقة وواقع إلاّ بعد إزالة الحاجز المصطنع بين شطريّ الأمّة العربيّة في أفريقيا وآسيا، كما هي مؤامرة كامبل بنرمان. فإنّ تحرير فلسطين التاريخيّة وفي قلبها القدس واجب وطني فلسطيني وواجب قومي عربي.

تلاه قصائد من وحي المناسبة لكلّ من الشعراء: ميلاد نقولا، ونقولا عيسى، والدكتور مصطفى عبد الفتّاح وفاديا سابا بربر، ولينة السحمراني، والسفير شحادة الخطيب الذي قال في قصيدة له:

دمُ الثــوّار كالبركـان ينفجر لهيب النـار بالطوفـان يستعرُ

جمــالٌ إنّنا بتنـا على ضعفٍ وما أخـذوا بغير العـزم يندثرُ

فقُل للعـرب إن نامت عزائمهم ألا هبّوا بعبد الناصر انتصروا

وقد قال في قصيدة ثانية:

قد مرّ قرنٌ بعد وعـدٍ غـاشمٍ والقلب أقوى والعزيمة أكبرُ

ذا أسـعدٌ والسـحمراني كنيةٌ مـن كتلةٍ قـوميّةٍ تتصـدّر

من قـلبه يهدي فلسطين الوفا من بيته أدب العـروبة يُنشر

ثمّ كانت كلمة أبو جهاد فيّاض الذي أكّد على أهميّة مثل هذه اللقاءات التي تشحذ الهمم وتؤكّد على أنّ قضيّة فلسطين حيّة في الضمائر وأنّ عزائم المقاومين لن تهدأ حتّى استعادة الحقوق، وأكّد على أهميّة الحضانة الشعبيّة الوطنيّة اللبنانيّة والعربيّة للنضال الفلسطيني، فهي التي تمدّه بزيتٍ جديد.

وتحدّث كذلك أبو وسام محمود الذي أكّد على خيار المقاومة والوحدة الفلسطينيّة وأنّه لا تهاون في الحقوق، وأنّ الاستعداد لبذل كلّ التضحيات من أجل استعادة فلسطين وتحريرها، ويأتي في مقدّمة ذلك دماء الشهداء التي تروي التراب المقدسي والفلسطيني.

ثمّ كانت كلمة نور الدين مقصود الذي شكر الحضور على تلبية الدعوة، وأكّد بأنّ تقديم الملفّ الفلسطيني وإعطاءه الأولويّة إنّما هو في اهتمامات المؤتمر الشعبي كان وسيبقى.

ثمّ كانت كلمات لكلّ من: المربّي كامل الشعّار، والمربّي جورج فرح، والمربّي أحمد عبيد، والمربّي جورج الأسمر، والعميد المتقاعد نعمة الله ابراهيم، والناشط في حركة عكّار "لعيونك اتوحّدنا" محمد وجيه حمّود، وكلّ الكلمات باركت المصالحة الفلسطينيّة ونوهّت بها، كما كانت حالات تأكيد على أهميّة الوحدة الوطنيّة وغيره من الأقطار العربيّة في مواجهة الدعوات الأمريكيّة المتجدّدة لنشر الفتنة تحت شعار حماية الأقليّات لأنّ المواطنة لا أقليّات معها ولا أكثريّات، وكان تنويه بموقف قائد الجيش اللبناني في أمريكا العماد جوزيف عون الذي رفض حضور لقاء فيه رئيس أركان جيش العدوّ الإسرائيلي، وتحيّة له وللجيش.