في اعقاب عملية باب الأسباط وأثناء هبة القدس أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء تبنيه لخيار افيغدور ليبرمان بشأن تبادل الأراضي والسكان وتحديدا ابناء الشعب الفلسطيني في المثلث. وهي المرة الأولى، التي يتحدث بها بيبي بشأن هذه المسألة، الأمر الذي يشير إلى ان رئيس الإئتلاف المتطرف الحاكم ماض في خلط الأوراق، وحرف الأنظار عن مرتكزات قضية السلام وخيار حل الدولتين. فضلا عن انه يتبنى بشكل صارخ تعميق سياسة التطهير العرقي ضد ابناء الشعب الفلسطيني المتجذرين في ارض وطنهم الأم، أضف إلى انه يسعى لإسترضاء أقطاب اليمين عموما والمتطرفين خصوصا، رغم ان بعض الأصوات من داخل الإئتلاف الحاكم امثال بينت، وزير التعليم رفضوا الفكرة، ليس حبا في الفلسطينيين العرب، إنما لإعتبارات تتعلق برؤيتهم الأيديولوجية الإستعمارية لمشروعهم الصهيوني الكبير.

ويعلم رئيس الحكومة الإستعمارية ان القيادة الفلسطينية ترفض رفضا قاطعا هذه الطروحات العدوانية. وليست مستعدة للتعاطي معها من قريب او بعيد. كما ان الجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل داخل ال48 ترفض من حيث المبدأ اية تغييرات تمس بمكانتها ووجودها على ارضها وفي مدنها وقراها، وستقاوم أية خطوة تمس حقوقها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والقانونية داخل دولة إسرائيل. لكن نتنياهو المأزوم، والمطارد بهزائمه امام الشعب الفلسطيني في القدس وعموم الأراضي المحتلة عام 67، وقضايا الفساد، التي تلاحقه، وبدأت تعطي أكلها بشأن إعتقاله وعزله، رغما عن إعلانه أمس عن إصراره على البقاء على رأس الحكم. لذا يبحث رجل الحكم المتهالك عن اي ذريعة او إفتعال قضايا تمس جوهر التسوية السياسية، وخلق حالة من البلبلة في الشارع الإسرائيلي، وعلى المسار الفلسطيني الإسرائيلي. لإنه يعتقد من وجهة نظره أن التغطية على أزماته، ستكون من خلال إثارة قضايا إشكالية، وفي نفس الوقت تدغدغ عواطف المستعمرين المتطرفين، الأمر الذي يطيل أمد بقائه في كرسي الحكم أطول فترة ممكنة.

لا يكفي الرد على سياسة التطهير العرقي النتنياهوية بالمواقف الواضحة والصريحة والحازمة من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ولا من جماهير وقوى الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل، بل يتطلب الأمر تنظيم فعاليات سياسية وجماهيرية على كل الصعد والمستويات من قبل ابناء الشعب الفلسطيني وقياداته ونخبه السياسية والثقافية والإعلامية والإقتصادية لمحاصرة النزعات الإستعمارية، والعمل على عزل الأئتلاف الحاكم وكل الأصوات الصهيونية المتطرفة الغارقة في مستنقع التطهير العرقي ضد الأغيار الفلسطينيين العرب. كما أنه مطلوب العمل داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه مع القوى الرافضة لخيار رئيس الوزراء إن كان من خلال لجنة التواصل الوطنية او القائمة المشتركة ولجنة المتابعة العربية العليا للجماهير الفلسطينية والمجالس البلدية والمحلية في داخل الداخل، وأيضا مطلوب من الأشقاء العرب ومن المجتمع الدولي برمته، وخاصة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، الراعي الأساسي لعملية السلام حتى الآن، لإلزام حكومة نتنياهو الإستعمارية بالتوقف عن العبث بعملية السلام، والإلتزام باستحقاقاتها، كما اقرتها القوانين والقرارات والمواثيق الدولية ومرجعيات عملية السلام. والكف عن سياسة التطهير العرقي، التي تهدد التعايش، وتضرب المنطقة عموما بنيران شظاياها من الإرهاب والفوضى والحروب. وبالتالي مطلوب مواقف جرئية وواضحة وضوح الشمس برفض تلك السياسات الإستعمارية.

اما ترك الأمر يمضي وكأن شيئا لم يكن، فهذا يسمح لرئيس حكومة الإستعمار الإسرائيلي وأقرانه في الإئتلاف الحاكم لمواصلة سياساته وانتهاكاته الخطيرة ضد ابناء الشعب الفلسطيني في ال48 وفي اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967. لذا لابد من حملة وطنية وقومية وأممية واسعة ومنظمة ووفق منهجية سياسية فاعلة لوأد وتصفية سياسة التطهير العرقي والعنصرية اليهودية المتغطرسة.