الاسبوع الماضي وبمجرد ان انتهت ازمة البوابات الالكترونية في القدس بدأت العاصفة تهب باتجاه فساد نتنياهو والقضايا التي تلاحق مستقبله السياسي وقد تعصف به بالرغم من محاولاته الحثيثة للخروج من الازمة بأساليب ماكرة وشريرة والايحاء بان العاصفة لن تزيله من على كرسي الحكم فقد كتب على صفحته الخاصة بالفيس بوك للجمهور الاحتلالي "انه لا يعير الاهتمام للضوضاء في الخلفية وانه مستمر في مواصلة العمل كرئيس للحكومة", لا يبدو ان العاصفة التي تدور اليوم في اسرائيل حول نتنياهو بسيطة ولا اعتقد ان نتنياهو قد يستسلم لها ولن ينحني لها في ذات الوقت لأنها سوف لا تكون عابرة بل ان التحقيق في تهم الفساد سوف يستمر حتى يفصل القضاء الاسرائيلي في هذه القضايا باعتبار انها قضايا جنائية لا يتوجب ان يتم تجاهلها او التعامل معها خارج القانون, وخاصة ان النيابة الاسرائيلية ابلغت المحكمة المركزية ان نتنياهو يشتبه في ارتكابه جرائم رشوة واختيال وخيانة الامانة في اشارة للتهم الواردة في الملف 3000والخاص بتهم فساد في صفقة الغواصات الالمانية .
التحقيق مع نتنياهو وعائلته يتم بعيدا عن الاعلام الاسرائيلي وكل من تنشره الصحف العبرية هو مجرد معلومات تقديرية وغير دقيقة لان محكمة الصلح في "ريشون ليتسيون" حظرت نشر اي تفاصيل من ملفات التحقيقات التي يخضع لها نتنياهو على ان يشمل الحظر التحقيقات في القضية 1000 و القضية 2000 وعلى ان يستمر الحظر حتى 17 سبتمبر المقبل, لكن القناتان الثانية والعاشرة قالتا ان رجل الاعمال "ميكي غنور" الذي يعتبر شاهد ملك في قضية الغواصات الالمانية قال في شهادته انه وافق على دفع 10 مليون دولار كعمولة "لدافيد شمرون" محامي نتنياهو وقريبه من اجل استخدام نفوذه لإتمام صفقة الغواصات, وقالت الشرطة الاسرائيلية ايضا انها تحقق مع سارة نتنياهو في قضية مهاجع نتنياهو ويأتي ذلك استكمالا للتحقيق السابق باستغلال المال العام في تغطية نفقات شخصية لها وان القضية تعود لسنة 2015 حول معالجة طبية لوالد سارة نتنياهو على حساب تمويل مقر اقامة نتنياهو, هذا الاسبوع ايضا قالت الشرطة الاسرائيلية ستوصي مبدئيا بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في القضية 2000 و القضية 1000 حول تقديم تسهيلات حكومية لأثرياء مقابل مبالغ طائلة هدايا لعائلة نتنياهو واثارت الشرطة الاسرائيلية قضية شاهد ملك اخر وهو "آري هاري" مدير مكتب نتنياهو السابق باعتبارها شهادة ستقلب كل الموازين الدفاعية وتقضي بأثبات النيابة الاسرائيلية تهم فساد كبيرة بحق نتنياهو اقلها استغلال نتنياهو مكانته الحكومية لتحقيق اموال غير قانونية . 
حجم الملفات التي تكشف فساد نتنياهو مزلزلة وكفيلة بإسقاط اي رئيس وزراء ورميه بالسجن حتى لو كان سيحقق للمستوطنين دولة يهودية من البحر الى النهر ويغدق عليهم بملايين الشواقل من اموال الدولة, هذا ما يدور الان في الخفاء ان نتنياهو ذهب الى المستوطنين خوفا من ان ينتهي به الامر الى السجن على اعتقاد ان المستوطنين سوف يشكلوا له جدار حماية ما, وهذا ما يفسر اقدام نتنياهو على وضع حجر الاساس لبناء 1100 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "بيتار عليت" المقاومة على اراضي المواطنين تهيئة لضمها لأراضي الدولة لتكبير مساحة ورقعة القدس الجغرافية ولا يستبعد الاسراع في مخطط عزل القرى والبلدات الفلسطينية في محيط المدينة المقدسة لإخراج اكثر من 350 الف فلسطينيين من حدود المدينة, كما و يسارع نتنياهو هذه الايام بالمقابل لإثبات انتماءه القومي الكبير للمشروع الصهيوني القاضي بعزل كل المدن الفلسطينية بالضفة عن بعضها البعض وقطع التواصل الجغرافي من خلال اقامة المستوطنات بينها وهذا ما يحدث الان بإقامة ثلاث بؤر استيطانية على اراضي قرية جالود في اطار خطة لإنشاء ممر استيطاني يقطع التواصل بين مدينتي نابلس ورام الله, هذا بالإضافة سعيه لتشريع عشرات القوانين التي تحرم التفاوض حول القدس واعتبارها مدينة يهودية موحدة والتنازل عنها في اي مفاوضات قادمة يتطلب بتصويت 80 عضو كنيست لصالح اي مشروع تسوية وقد يقدم نتنياهو على ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الى السيادة الاسرائيلية. 
مهما فعل نتنياهو فان هذا لن يشفع له فسرعان ما يتخلى عنه حلفائه في الائتلاف بل وفي داخل الليكود الذين بدأوا يتململوا ويتنافسوا لاحتلال مكانة نتنياهو بعد دخوله السجن, لا اعتقد ان نتنياهو سيستطيع هذه المرة الافلات من التهم الموجهة اليه وحتى لو اشعل حربا مع غزة فان الثابت هو انه حاكم فاسد استغل مكانته لمصالح خاصة وتلقى اموال بطريق غير شرعية لتمرير صفقات عسكرية مشبوهة لإسرائيل, ما بقي بين نتنياهو ودخوله السجن هو انتهاء التحقيق وبالتالي ان يجبر على الاستقالة قبل ذلك, وقد تشهد الايام القادمة او الشهور القادمة مزيدا من اشتداد العاصفة السياسية في اسرائيل حول نتنياهو وخاصة المعسكر الصهيوني الذي طالب رسميا الائتلاف الحاكم التحلي بالشجاعة والطلب بانتخابات مبكرة, وقد لا تكون هذه المطالبة الوحيدة فقد يتفق قادة فصائل المعارضة واليسار وبعض من اقطاب اليمين الاسرائيلي وحزب العمل على المطالبة رسميا بامتثال نتنياهو للقضاء وذلك عبر اثارة وتحريك الجمهور الاسرائيلي الذي بدأ بالفعل يشكل ضغطا ويطالب المستشار القضائي للحكومة بالإسراع في انجاز التحقيق مع نتنياهو وعائلته في تهم الفساد التي تحوم حوله وتقديمه للمحاكمة وما بات مؤكداً ان الفساد سيطيح بنتنياهو وسيذهب للسجن اذا ما خضع للمحاكمة وبالتالي تدخل اسرائيل في جولة مبكرة من الانتخابات.