شكرا لليونيسكو، التي أصدرت ثلاثة قرارات خلال العامين الماضيين أكدت فيها على أن القدس وحوضها المقدس وفيها المسجد الأقصى وحائط البراق وكنيسة القيامة وكل ما يرتبط بها، هي ارض فلسطينية عربية، لا صلة لإسرائيل ولا لليهود بها لا من قريب او بعيد، وآخرها كان مطلع ايار الحالي. وهذه القرارات المعمدة بالتاريخ ووقائعه وحقائقه هي الرد على نتنياهو وأضرابه من الصهاينة، ولن تغير زيارة الرئيس ترامب من حقائق التاريخ شيء، وبالتالي ان يعبر نتنياهو عن "سعادته" بزيارة الرئيس الأميركي لحائط البراق، ويضع امانيه الخاصة والعامة بين حجارته، معتبرا ذلك ردا على اليونيسكو، فهو إعتقاد وإعتبار خاطىء لا يستقيم مع الموروث الإنساني في الأرض الفلسطينية العربية، وان يطلق نتنياهو والحريديم الصهاينة ما شاءوا من الأسماء والخرافات حوله (البراق) فهذا لن يغير من الرواية العربية الإسلامية للمكان. ولن يستطيع لا هو ولا إسرائيل الإستعمارية بقضها وقضيضها ان تغير من حقائق التاريخ.
وإذا كان لليهود علاقة بحائط البراق، فهي تخص اليهود الفلسطينيين العرب، الذين ولدوا في فلسطين التاريخية قبل العام 1947، بما هم فلسطينيون، وليس لإنهم يهود، وعلى اساس مواطنتهم وتابعيتهم للشعب العربي الفلسطيني، وليس لإعتبارات أخرى. لان لا علاقة للديانة اليهودية بالقدس، ولا يوجد اي هيكل ثالث او رابع او اي كانت الأرقام، التي يطلقونها على روايتهم المزورة. وبالتالي إصرار اليمين الصهيوني المتطرف بزعامة نتنياهو وبينت وليبرمان على إسقاط روايتهم الزائفة والمتصادمة مع الواقع والتاريخ، هو إقصاء متعمد وإستعماري لمكونات ومركبات المكان الفلسطيني العربي الإسلامي والمسيحي، وإنزال فوقي في الوعي الصهيوني والعالمي رواية فاقدة الشرعية والأهلية والمصداقية مع فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، التي اقام عليها الصهاينة دولتهم الإستعمارية على انقاض الشعب الفلسطيني في العام 1948 بدعم صريح وهادف من دول الغرب الإستعماري. ولولا ذلك الدعم المتواصل من قبل الولايات المتحدة الأميركية لما إستمرت الرواية الصهيونية من اصله. وبالتالي قبول الشعب العربي الفلسطيني السلام، والتمسك بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194، لا يعني بحال من الأحوال القبول بإسقاطات وتوهمات الرواية اليهودية الصهيونية الإستعمارية المزورة. وبغض النظر إن جاء ترامب او ذهب اوباما او غيرهم من الرؤساء الأميركيين والأوروبيين والعالميين، فلسطين التاريخية، هي ارض الشعب الفلسطيني.
ولكن حرصا من الفلسطينيين على بناء جسور السلام مع المستعمرين الإسرائيليين وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام ومبادرة السلام العربية، إرتضوا القبول بإستحقاقاته (السلام) لوقف نزيف الدم والإرهاب الصهيوني، ولرفع سيف الظلم التاريخي، الذي إستهدف الشعب الفلسطيني، وبهدف قطع الطريق على كل القوى التكفيرية الإرهابية اي كانت خلفياتها الدينية والطائفية او الإثنية وفي مقدمتها وعلى رأسها الإرهاب الصهيوني، قبلت القيادة الفلسطينية السلام الممكن والمقبول في ضوء المعطيات والوقائع القائمة. لكنها لم تتخلى عن روايتها الفلسطينية العربية ولا للحظة، ويخطىء من يعتقد أن القيادة والشعب الفلسطيني يمكن له التخلي عن موروثه التاريخي والحضاري في كل فلسطين.
غير ان الملفت للنظر وغير المقبول من اي مواطن فلسطيني او عربي او نصير للسلام، هو سقوط بعض الصحف الفلسطينية في متاهة حائط "المبكى"، وتساوقت مع ما تسعى إسرائيل لإملائه على الشعب العربي الفلسطيني. عناوين مركزية وعلى صدر الصفحات الأولى كشفت المستور في مواقف القائمين على تلك الصحف. ولم تعتذر عما بدر منها، لا بل انها تماهت مع المنطق النتنياهوي بقصد او بغير قصد، عندما وضعت حائط البراق بين قوسين، على اعتبار أنه التسمية المرفوضة؟؟! وإستخدمت تعبير وتسمية قادة إسرائيل الإستعمارية دون ان يرف لها جفن، وتجاهلت قرارات اليونيسكو والتاريخ المجيد للشعب العربي الفلسطيني، ولا يعرف المرء الثمن، الذي حصل عليه القائمون على تلك الصحف المركزية، التي يفترض انها المعبر عن مصالح وحقوق وهوية الشعب العربي الفلسطيني. أمر تلك الصحف متروك لفصائل العمل الوطني ولإصحاب الرأي والحقوقيين لملاحقتها قانونيا وسياسيا وثقافيا. هذا إن تنبهوا لذلك.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها