إحياءً للذكرى التاسعة والستين لنكبة شعبنا الفلسطيني، وتضامناً مع أسرانا البواسل الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية في وجه السجّان الصهيوني، نظَّمت حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في منطقة صيدا مهرجاناً حاشداً في قاعة اللّواء الشهيد زياد الأطرش في مخيَّم عين الحلوة اليوم الأحد 2017/5/14.

وتقدَّم المتوافدين إلى المهرجان عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" الحاج رفعت شناعة، وأمين سر حركة "فتح" – إقليم لبنان حسين فيّاض وأعضاء لجنة الإقليم، وعضو المكتب السياسي للتنظيم الشعبي الناصري محمد ظاهر، وممثِّلون عن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتحالف القوى الفلسطينية وأنصار الله وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، ولجنة المهجَّرين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، وأمناء سر وأعضاء قيادة الشُّعب التنظيمية لحركة "فتح" في منطقة صيدا، واللّجان الشعبية، والاتحادات، والمكتب الحركي للمرأة في صيدا، وأبناء شعبنا في منطقة صيدا ومخيّماتها، حيثُ كان في استقبالهم أمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في منطقة صيدا العميد ماهر شبايطة وأعضاء قيادة المنطقة، وأمين سر شعبة عين الحلوة ناصر ميعاري، على وقع موسيقى كشّافة المرشدات في شعبة عين الحلوة .

وبدأ المهرجان بالوقوف دقيقةَ صمتٍ مع قراءة سورة الفاتحة لأرواح الشهداء وعلى رأسهم الشهيد الرمز ياسر عرفات، ثُمَّ الاستماع للنشيدَين الوطنيَّين اللبناني والفلسطيني، تلا ذلك مقدمة وجدانية ثورية من عريفة المهرجان عضو المكتب الطلابي لحركة "فتح" - شعبة عين الحلوة عليا يوسف الخطيب، وبعدها كانت كلمة "م.ت.ف" ألقاها عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أبو بشّار، ممّا جاء فيها: "عامٌ جديدٌ مضى من عمر نكبتنا مُحمَّلاً بأثقال تسعة وستين عامًا من المعاناة والتشرُّد والآلام، ومن الصمود والإرادة والتحدي والإصرار على مواصلة طريق انتزاع حرية الشعب الفلسطيني، وبناء مستقبله فوق أرضه التي هُجِّر منها بقوة القتل والإرهاب على يد العصابات الصهيونية التي ما زالت تعيش هلوسات وأساطير وخرافات العنصرية التي انتهت بفعل نضال الشعوب، وستنتهي يومًا على يد شعبنا الفلسطيني المدعوم من كل الشعوب الحُرّة في العالم".

وأضاف: "في ذكرى النكبة يُجدِّد الشعب الفلسطيني في لبنان بجميع تيّاراته التأكيدَ على الموقف العام لأنَّه خارج إطار الصراعات في المنطقة انطلاقًا من أنَّ أولويّته كانت وستبقى النضال من أجل الحقوق الوطنية وفي مقدّمها حق العودة، ما يعني ضرورة بذل كلِّ الجهود من قِبَل جميع القوى الفلسطينية واللبنانية لضمان استقرار أوضاع المخيَّمات، وتعزيز علاقاتها بالجوار، ودعم الشعب الفلسطيني لكل ما من شأنه تعزيز مسيرة الأمن والاستقرار في لبنان، والأخذ بعين الاعتبار أنَّ تحصين الحالة الفلسطينية في لبنان يتطلَّب إقرار الحقوق الإنسانية انطلاقًا من حقيقةٍ مؤكَّدةٍ بأنَّ المدخل لتحصين الحالة الفلسطينية والمخيّمات في لبنان يجب أن يكون من البوابة الاقتصادية والاجتماعية، وبما يعزِّز موقف جميع الفلسطينيين المتمسّكين بحقهم في العودة وفق القرار 194 وبهويّتهم ووطنيّتهم، وبما يقطع الطريق على كلِّ مَن يسعى للعبث بأمن واستقرار الشعبَين الفلسطيني واللبناني".

وختم كلمته قائلاً: "المجد لأسرى الحرية والكرامة رمز الصمود الوطني، المجد لنضال شعبنا الفلسطيني في الوطن ومخيّمات اللّجوء والشتات، المجد لقوى التحرُّر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، المجد للشهداء والنّصر لشعبنا" .

ثُمَّ ألهبت عليا الخطيب حماسةَ الحاضرين بأبيات شعرية رنانة من وحي المناسبة، قبل أن تُقدِّم كلمة القوى والأحزاب السياسية اللبنانية الوطنية والإسلامية والتي ألقاها محمد ظاهر، إذ قال: "الثورة الفلسطينية حوَّلت النكبة إلى مسيرة نضالية ثورية. لقد تآمر العالم على فلسطين، يومَ أرادوا التخلُّص من الصهاينة من كل العالم فأتوا بهم إلى فلسطين، ولكن لا يفهم فلسطين إلّا مَن عاش في فلسطين. وبنضال شعب فلسطين وكلِّ أحرارا العالم سنستطيع العودة إلى فلسطين، والصهيوني الذي اغتصب فلسطين بالقوة ذات يوم، سيُجبَر على التخلي في يوم من الأيام عن أرض فلسطين بالقوة".

وأضاف: "للأسف فإنَّ الأسرى أُسِروا بقراراتٍ عربية متأخّرة، وبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع من معركة الأمعاء الخاوية لا نسمع من العرب شيئاً، ولا هم يحركون ساكناً!".

وأردف ظاهر: "الشعب اللبناني هو جزءٌ من القضية الفلسطينية، ونحن في صيدا تقاسمنا معكم الأمن والأمان، والدم الفلسطيني واللبناني توحَّدا في العام 1982، وسنبقى سويًا ومعًا لأنَّ الخطر يداهمنا جميعًا. وصيدا كانت وستبقى مدينة المقاومة الفلسطينية، ومدينة المقاومة الوطنية الإسلامية، وهي مدينة العبور إلى فلسطين... ومخيَّم عين الحلوة، هذا المخيم الذي احتضن أهلنا اللبنانيين أثناء الحرب الصهيونية عام 2006، هو رأس الحربة للدفاع عن الأُمّتين العربية والإسلامية، ولكن هناك أصابع تحرك المجموعات المشبوهة والإرهابية داخل المخيّم"، مضيفاً: "نؤكِّد المطالبة بإقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية للشعب الفلسطيني، وسنبقى معكم حتى تحقيق مطالبكم".

ثُمَّ كانت كلمة حركة "فتح" ألقاها الحاج رفعت شناعة، فقال: "نلتقي اليوم لنقرأ تاريخنا ولنؤكّد عظمة ثورتنا الفلسطينية. بدايةً أوجِّه التحية لشهداء النكبة في فلسطين، وشهداء النكبة على الشريط الحدودي هنا في لبنان. النكبة سببها سلسة من المؤمرات، وهي قيام الكيان الصهيوني على أرضنا، ووعد بلفور والتقسيم، ولكنَّنا شعبٌ لا نستسلم، ولا ننسى الشهيد عبدالقادر الحسيني وإخوانه الذين استشهدوا بعد نفاد الأسلحة والذخيرة منهم. إنَّ النكبة تعني الحرب والمجازر والاحتلال والإذلال، وهذا ما يختلف عن أي استعمار في العالم، فالاحتلال يعني أنَّ الحركة الصهيونية جمعت الصهاينة في جميع أقطار العالم لبناء دولة لهم على أرض فلسطين، وكانوا يريدون ضياع الهويّة الفلسطينية لتصبح قضية إنسانية لا قضية سياسية. لذا كان المطلوب من شعبنا أن يُعيد حضوره على الخارطة السياسية، فكانت حركة "فتح"، وبها الفصائل أعادت القضية إلى الخارطة السياسية".

وتابع: "إنَّ معاناة 69 عاماً كانت لا تكفي للعالم لأن يقول كفى قتلاً وعذابات لهذا الشعب الفلسطيني، أن يقول كفى لهذا التطرُّف العنصري.. وهنا نحن اليوم ما زلنا نصرخ لأُمّتنا العربية والإسلامية، لا بكاءً ولا استعطافًا، وإنَّما من جهة العلاقة الأخوية، ولا ننسى معركة الجيش العراقي في جنين، لكن هذا التاريخ المشرِّف يجب أن لا يتوقَّف".

وأضاف: "ونحن اليوم نقف أمام حدث تاريخي ومعقَّد، وهو معركة الكرامة للأسرى والمعتقلين، يجب علينا أن نضع كلَّ إمكانيّاتنا من أجل الانتصار في هذه المعركة على السجَّان الصهيوني. لقد حوّل الأسرى المعتقلات مدرسةً للثورة والمقاومة، فالتحية للأخ مروان البرغوثي وأحمد سعدات وكافة الأسرى من كافة الفصائل، ونقول لهم أنتم سبقتمونا إلى العزّة والكرامة". إنَّ المعتقل الفلسطيني يدرك تمامًا معنى المعركة والإضراب عن الطعام، ومطلوبٌ مِنّا اليوم أن نكون بحالة استنفار دائمة لنُصرتهم وعبر كافة المؤسسات للحفاظ على كرامتهم وانتصارهم. إنَّ هذه المسيرة قد انطلقت، والإضراب يجب أن يحقِّق الانتصار المنشود، ويجب أن تكون انتفاضة تضامنًا مع الأسرى، كما يجب أن يُحقِّق هذا الإضراب لنا وقف الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، لأنَّه في غياب الوحدة الوطنية لا توجد مقاومة للاحتلال، ونحن بأَمَسِّ الحاجة لهذه الوحدة، ولانطلاق انتخابات رئاسية وتشريعية حسب ما تم الاتفاق عليه".

وأنهى شناعة كلمته بالقول: "إنَّ هذا المخيَّم يمتلك قُدسيّة سياسية لأنَّه هو الذي احتضَنَنا عندما انطلقت الثورة، وأعادت شعبنا إلى الخارطة السياسية، ونطالبُ جميع القوى السياسية بالمحافظة على أمن وأمان هذا المخيم، ليكون قلعة وطنية للجميع، ولن نسمح لأحد بأن يخطف هذا المخيَّم، مخيَّم المناضلين والشهداء، فمشوارنا ما زال طويلاً.. وإنَّها لثورة حتى النّصر".

تصوير: فادي عناني