ما هو مقياس النجاح في أي عملية انتخابية؟ الجواب بسيط: النجاح هو الحصول على أغلبية في الإطار أو المؤسسة التي تجري فيها الانتخابات، والأمر سيّان سواءً أكانت الانتخابات تتعلّق بمجلس إدارة لنادٍ رياضي أو لانتخاب البرلمان أو الرئيس.. لا مجال لتعريف الفوز إلا من هذا المنظور.. ويدرك المتابع للديمقراطيات المستقرّة أنَّ الشيء الوحيد الذي يمكن الجزم بحتميّته هو موعد الانتخابات، أمَّا النتائج فهي أولاً حصاد كثير من العوامل، وهي قبل كل شيء تبقى مجهولة حتى الانتهاء من لحظة الفرز.. ولا سبيل أمام أي حزب أو تنظيم أن يضمن لنفسه الفوز في كل الانتخابات التي تشملها العملية الديمقراطية، فشعبية كل حزب تتغيَّر بعامل الزمن وتتغيَّر حسب الشريحة التي تشملها الانتخابات، فهناك أحزاب أوروبية تحسم مسألة الفوز بأغلبية برلمانية بسهولة، لكنَّها تبقى عاجزة ولعشرات السنين عن الفوز في انتخابات تمس النقابات العمّالية مثلاً.

المسألة الأخرى المرتبطة بالعملية الديمقراطية هي أنَّ هذه الممارسة تشمل كافة مناحي الحياة المجتمعية، وبالتالي يصبح من واجب أي حزب أو قوة سياسية أن تخوض غمار الانتخابات في كل هيئة أو مؤسسة سياسية أو نقابية أو خدمية. أي أنَّ الانتقائية غير مقبولة، فهي استخفاف بعقول الناس، إذ ليس من مظاهر القوة أن أشارك في انتخابات أدرك سلفاً أن حظوظي فيها قوية وأن أعتكف حيثما كانت الهزيمة احتمالاً أكيداً أو ممكناً. بكلام واضح: مَن يشارك جزئياً في الانتخابات هو ببساطة لا يُؤمِن بالعملية الديمقراطية، بل هو يزدريها ويتعامل معها كسلعة رخيصة.

كلُّ ما سبق يتعلَّق بالديمقراطيات العريقة والمستقرة.. فماذا عن العملية الديمقراطية في فلسطين؟

1. "فتح" ملتزمة بالانتخابات، وملتزمة بنتائجها مهما كانت هذه النتائج، لأنَّ ترسيخ مفهوم الانتخاب الديمقراطي وتبَنيه والدفاع عنه والالتزام بنتائجه هو المكسب الحقيقي للمشروع الوطني الذي تقوده "فتح"

2. "حماس" غير مؤمنة بكل ما سبق، فهي التي تمنع الرجوع إلى الشعب وتعيق الانتخابات الديمقراطية حيثما كان بطشها وعسَسُها قادرين على ذلك، والأدلة على ذلك كثيرة يعرفها كل مَن يهتم بهذا الشأن ويتابعه.

3. بعيداً عن البرامج والكلام الشعبوي نحن أمام نهجين: نهج فتحوي يذهب بالديمقراطية إلى أبعد حدودها ونهج حمساوي "رباني" يتشدّق بالتعدُّدية وينمّق الكلام في وثيقته الجديدة القديمة حول أهدافه بالوصول إلى مجتمع يضمن حقوق الجميع، لكنَّه على أرض الواقع يعادي كل ما يمكن أن يكون منافساً له وقادراً على هزيمته في أي عمل انتخابي ديمقراطي.

4. "حماس" تعترف بـ"الديمقراطية" التي تضمن لها الفوز ولمرة واحدة فقط، وبعد ذلك تبذل كل ما تستطيع لعدم العودة مجدّداً للشعب، بينما تُؤمِن "فتح" بتداول السلطة والمواقع والأدوار، وتعتبر خسارتها في مكان لا يعدو كونها "مؤتة" جديدة نُسلِّم فيها الراية ليدٍ أخرى لتبقى مرفوعة خفاقة.

قد لا نفوز في بيرزيت لكن فلسطين تفوز على الظلاميين في كل مرة تجرّهم فيها للجوء إلى شعبنا ليختار بين البرامج والأفكار والأشخاص.

"فتح" بالممارسة اليومية تؤكِّد شعارها: ثورة حتى النصر، ونتحدّى "حماس" أن تختبر قوة "فتح" ومصداقيتها وقدرتها على الفوز.. ندعوهم للقاء في ساحة السرايا..


أمين سر حركة "فتح" في بولندا د.خليل نزّال