يكاد يكون قدراً، ان عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية، حين يأتي عليها الدور لاستضافة القمة العربية في ظروف معقدة، فإنها تكون موعودة بالنجاح الباهر، وهذا ما يتطلع اليه ملايين العرب الذين يتجهون اليها بعقولهم وقلوبهم وأمنياتهم الكبيرة ان يكون النجاح الباهر هو جوهر هذه القمة التي تعقد في مطلع السنة السابعة من عمر الاحداث المأساوية التي اندلعت في عالمنا العربي وشهدنا فيها غرائبيات شاذة، وصال وجال فيها الإرهاب المنفلت من كل عقال والخارج عن كل خطوط حمر، والضار بقضايانا بنسبة كبيرة تفوق كل توقعاتنا وحتى توقعات اعدائنا المستفيدين الحقيقيين من كل ما جرى.

ولأن مستضيفة القمة عمان تتميز عربيا بعبقرية المكان وهي في القلب مما يجري في عالمنا العربي، ومطلة الى حد الشراكة الكاملة على مجريات وتطورات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعلى معرفة موضوعية بنتائج الاحداث العربية في السنوات الست السابقة، فإن جدول اعمال القمة الذي تم وضعه بتأنٍ من قبل وزراء الخارجية، قد راعى اهم الأولويات واهمها على الاطلاق صدارة القضية الفلسطينية بصفتها قضية العرب الأولى رغماً عن البعض الذي يحاول ان يهرب منها او يعبث بها او يؤخر حضورها الى مرتبة ادنى، فقد حضرت بكل ما تستحق والذين حاولوا القفز الى الحريق، وجدوها تطاردهم بإلحاح.

وقمة عمان امامها مجال قوي بما يتعلق بحضور القرار العربي بعد ان ضعف عبر فعاليات الإرهاب الماساوية، ومعسكرات المهجرين التي تملأ الأرض بعد ان شبعت البحار من جثثهم.

عمان دائما احدى عواصم الحكمة العميقة وهدوء العقول، ورؤية الحقائق دون ادنى خداع للنفس، وهذا المنهج هو الذي ساد في القمة وقراراتها المتوقعة.

وقد سبق لعمان ان استضافت القمة في زمن عصيب آخر، عندما كانت الشقيقة الكبرى مصر خارج الجامعة العربية على خلفيات كامب ديفيد، وقد نجحت قمة عمان في ذلك الوقت المعقد ان تعيد مصر الى موقعها الذي تستحقه في قيادة العمل العربي المشترك، فكانت قمة الوفاق والاتفاق. والآن فإن عمان موعودة من قبل الإرادة العربية الصادقة في عودة الاستقرار العربي، وعودة الوزن العربي الثمين والمؤثر الى معطيات القرار الدولي، اما الذين امتهنوا مهنة الإضرار بقضايا امتهم، فالأمة نبذتهم وسوف تنبذهم اكثر، والتحية للقمة العربية الثامنة والعشرين في عمان الحكمة والقرار الشجاع.