مع حلول الثامن من آذار/ مارس، يوم المرأة العالمي وعيدها السنوي تملي الضرورة تسليط الضوء على أهم المشاكل والهموم، التي تواجهها المرأة الفلسطينية بشكل خاص والعربية بشكل عام، لحث القوى والمؤسسات الرسمية والأهلية ذات الصلة جهودها لتأمين تلك الإستحقاقات في العام القادم أو وفق خطة زمنية محددة لإختراق العقبات القانونية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية.
مما لا شك فيه، ان المرأة العربية عموما أسوة بالنساء في العالم الثالث تعيش ظلما وتمييزا جليا بشكل عام. وإن كان هناك تمايز ما بين بلد عربي وآخر. فلا يمكن وضع النساء العربيات في سلة واحدة. فما حصلت عليه المرأة التونسية من حقوق لم تحصل عليه باقي النساء من الدول العربية. كما لا يمكن مقاربة وضع المرأة في دول الخليج العربي والسودان والصومال مع المرأة في لبنان او سورية او مصر او فلسطين او المغرب والجزائر، كونها تفتقر هناك لإبسط تلك الحقوق. وتخضع بشكل عميق لقوانين عفا عليها الزمن، لا تستجيب لإبسط الحقوق السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وتتناقض مع روح العصر. كما ان بروز التيارات التكفيرية في المشهد السياسي الديني العربي،القى بظلال كثيفة على مكانة ودور وحرية المرأة العربية. وفرض على بعض الدول العودة القهقرى للخلف لجهة تضييق الخناق على مكانة المرأة في المجتمع. مع أن الضرورة تملي منحها المزيد من الحريات وتأمين إستقلالها ومساواتها بالرجل في كل مناحي الحياة للرد على الهجمة التكفيرية السوداء، المدعومة من قبل قوى الشر والظلام في العالم.
وبالتوقف أمام التحديات، التي تواجهها المرأة الفلسطينية، تبرز ثلاث قضايا رئيسية تحتاج إلى حسم لتنسجم مع روح ومبادىء النظام الأساسي (الدستور)، هي: أولا إصدار برتوكول من جهات الإختصاص لتنفيذ "إتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة"، التي صادق عليها الرئيس محمود عباس. حيث لا يكفي مجرد التوقيع على الإتفاقية، بل لا بد من إقران ذلك بالبرتوكول التنفيذي ليصار لتطبيقها في الواقع؛ ثانيا توحيد وتصويب قوانين الأحوال الشخصية في الوطن الفلسطيني. فلا يجوز أن تستمر القوانين المصرية في غزة والأردنية في الضفة سارية المفعول إلى الآن، مع إنها تتناقض في الجوهر مع مواد النظام الأساسي، الذي أكد على مساواة المرأة بالرجل. فضلا عن المسؤولية الوطنية تحتم توحيد القوانين، والتخلص من الإزدواجية في المعايير القانونية؛ ثالثا المصادقة على مشروع قانون العقوبات المتعلق بحماية المرأة وحقوقها، والذي تم رفعه للرئيس محمود عباس منذ زمن. لا سيما وأن المرأة تخضع لقوانين شتى، يوحدها شيء واحد، هو مواصلة إضطهاد المرأة، وعدم إنصافها، وبالتالي إطلاق يد الجهل والأمية والقبلية العائلية لإستباحة حقوق المرأة دون رادع قانوني.
ورغم ان المجلس التشريعي معطل بسبب الإنقلاب الحمساوي الأسود منذ عشر سنوات خلت، إلآ ان المادة ال43 من النظام الأساسي تسمح للرئيس عباس بالمصادقة على القوانين المؤجلة، والتي تحتاج الضرورة إلى المصادقة عليها لتعزيز دور ومكانة المرأة، التي وقفت في الخندق الأمامي جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل للدفاع عن المصالح والأهداف الوطنية في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي والإنقلاب الحمساوي. كي تنسجم المبادىء مع القوانين والسياسات والأليات المعمول بها في مؤسسات السلطة تجاه المرأة.
في عيد المرأة لا يملك المرء، سوى ان يقف بقوة إلى جانب حقوقها الإجتماعية والقانونية والسياسية والإقتصادية، والإنتصار لمبدأ المساواة الكاملة ليس فقط في النظام الأساسي، إنما في الواقع، وعلى الأرض، وعلى إسس صلبة. لإن الدعم غير المشروط لمساواة المرأة بالرجل، يعتبر إنتصارا لإرادة التحرر والإنعتاق من الإستعمار الإسرائيلي ومن لوثة الإنقلاب الحمساوي الأسود، إضف إلى انه يمثل الرد الواضح والصريح على كل المدارس والفرق التكفيرية المنتشرة في ربوع الوطن العربي. وكل عام والمرأة الفلسطينية والعربية وحيثما وجدت على الأرض بخير.