اجتمع المفاوضون الاسرائيليون والفلسطينيون امس بشكل سري في القدس في جولة ثانية من مفاوضات السلام بين الطرفين تغيب عنها الوفد الاميركي بسبب الرفض الاسرائيلي لحضوره، حسب ما اعلن مسؤولون فلسطينيون. وقالت وزيرة القضاء الاسرائيلي تسيبي ليفني في وقت سابق امس انها تتوقع ان تؤدي المحادثات الى اتخاذ قرارات دراماتيكية من الجانب الاسرائيلي، داعية الى اخراج حزب "البيت اليهودي" المعارض لحل الدولتين من الحكومة وادخال حزب "العمل" مكانه. وفي موقف لافت، اعلن رئيس الكتلة البرلمانية لحزب "ييش عتيد" (هناك مستقبل)، الذي يتزعمه وزير المالية يائير لبيد، أنه لن يكون بالإمكان التوصل لتسوية سلمية دون أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
وقال مسؤول فلسطيني طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "عقد اجتماع اليوم (الثلاثاء) بين الوفد الفلسطيني برئاسة صائب عريقات والمفاوض محمد اشتية من جهة، وبين الوفد الاسرائيلي الذي ضم وزيرة العدل (القضاء) تسيبي ليفني والمفاوض اسحق مولخو من جهة ثانية".
واكد مسؤولون فلسطينيون كبار ان الاجتماع رفع عصرا على ان يستأنف في وقت لاحق في فندق الملك داود في القدس الغربية. وكان من المفترض عقد الاجتماع اليوم الاربعاء في اريحا ولكن تم تقديمه بسبب اضطرار عريقات للسفر الى روسيا.
واوضح مصدر فلسطيني ان المحادثات التي ستعقد في المساء (امس) ستركز على "كيفية بدء المحادثات حول الحدود والامن" مشيرا الى ان الحديث عن الحدود سيتطرق الى مواضيع القدس والاستيطان ونهر الاردن.
ولم يحضر المبعوث الاميركي الخاص لعملية السلام مارتين انديك الاجتماع الاول ظهر امس.
وبحسب المصادر، فان الرئيس محمود عباس خلال لقائه مع انديك الاثنين دعا الى مزيد من الضغط الاميركي على اسرائيل خلال الجولة القادمة من المحادثات ولكن الجانب الاسرائيلي اصر على عقد اجتماعات الثلاثاء دون حضور اميركي.
وقال مسؤول فلسطيني كبير لوكالة فرانس برس ان "المفاوضات ما زالت تراوح مكانها بسبب رفض الجانب الاسرائيلي حضور الوفد الاميركي لجلسات المفاوضات وهو امر كان متفقا عليه مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري". وتابع "القضية الاخرى التي تعيق استمرار المفاوضات هي استمرار العطاءات الاستيطانية بشكل يعتبر تحديا سافرا لكل الجهود الدولية التي تريد التقدم الى الامام بالمفاوضات" مؤكدا ان استمرار العطاءات الاستيطانية "رسالة اسرائيلية لمحاولة فرض امر واقع ونتائج مسبقة للمفاوضات".
ومن ناحيته، قال مسؤول فلسطيني آخر ان "المقدمات التي بدأت بها المفاوضات تشير الى عدم جدية اسرائيل بالتوصل الى حل" موضحا ان ما يطرحه الجانب الاسرائيلي "استفزازي ولا يمكن القبول به او استمرار المفاوضات على اساسه". وحذر المسؤول من انه في حال "عدم تدخل الادارة الاميركية وفق التعهدات التي قطعها وزير الخارجية الاميركي جون كيري فان المفاوضات سوف تنهار قبل ان تبدأ".
الا ان ليفني توقعت ان تؤدي محادثات السلام الى اتخاذ اسرائيل قرارات دراماتيكية، ورأت ان شريكا واحدا على الأقل في الائتلاف الحكومي اليميني يعارض الهدف الذي حددته الولايات المتحدة التي تقوم بدور الوسيط في محادثات ستقود الى اقامة الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل آمنة.
وقالت ليفني لراديو اسرائيل "سوف تكون هناك قرارات دراماتيكية" من جانب اسرائيل في النهاية، وان المفاوضين اتفقوا على عدم البوح بنقاشاتهم من أجل بناء الثقة. واضافت "نحن نتجادل، وولكننا نتجادل داخل الغرفة".
وفي حديثها للاذاعة، طالبت ليفني باخراج "البيت اليهودي" من الائتلاف الحكومي وادخال حزب العمل مكانه، وقالت "البيت اليهودي يعارض حل الدولتين وهذا مشكلة في سياق المفاوضات".
في غضون ذلك، نقل موقع "جيروزاليم بوست" عن عوفر شيلح رئيس الكتلة البرلمانية لحزب "ييش عتيد"، الذي يتزعمه لبيد، تقديره بأنه لن يكون بالإمكان التوصل لتسوية سلمية دون أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. وقال شيلح : "لا أرى أي تسوية ممكنة لا تتيح للفلسطينيين إعلان شرقي القدس عاصمة الدولة الفلسطينية".
ووفقا للتصريحات التي أدلى بها شيلح أمس الاول في مؤتمر عقدته حركة "السلام الآن" في تل أبيب، فإن :" الحل في القدس سيكون حلا شائكا ومركبا ، وسيكون حلا يرتكز إلى الكلمات بقدر لا يقل عن الأفعال، فلا يمكن ميدانيا أن نمرر سورا ونقول هذا لنا وهذا لهم". وأعرب شيلح عن تقديره بأن قضية القدس ستكون آخر قضية يناقشها المتفاوضون الإسرائيليون والفلسطينيون.
ولفت الموقع إلى أن تصريحات شيلح هذه، تناقض إلى حد كبير، مبادئ وأسس المفاوضات التي أعلنها حزب ييش عتيد الذي ينتمي إليه شيلح، خلال المعركة الانتخابية. إذ ينص برنامج "ييش عتيد" على بقاء "القدس موحدة تحت السيادة الإسرائيلية، وأن القدس ليست مجرد مكان أو مدينة بل هي رمز الشعب اليهودي- الإسرائيلي، والمكان المقدس الذي تطلع إليه اليهود على مر الأجيال".