نشرت منظمة "بتسيلم" مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة تقريرًا مفصلاً تناولت فيه ما أسمته بحكاية تحطيم وتدمير مجمل الفضاء والحيز القروي الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال.
وركزت خلال تقريرها على المسار الذي اجتازته ثلاث قرى فلسطينية تقع في محافظة نابلس هي عزموط، دير الحطب، وسالم منذ أن أقامت قوات الاحتلال مستوطنة "الون موريه" على أرضيها عام 1980.
واعتبر التقرير القرى الثلاث المذكورة مثال حسي على مسار اوسع واشمل تجتازه الضفة الغربية برمتها وحكايات هذه القرى تمثل حكايات مئات البلدات والقرى الفلسطينية الأخرى في أرجاء الضفة الغربية التي اقيمت على أراضيها المستوطنات محوله فضائها القروي والريفي الى شظايا .
ونشرت "بتسيليم" ملخصًا لهذا التقرير باللغة العربية على موقعها الإلكتروني.
وأفادت أن "هذه القرى الثلاث في محافظة نابلس، مثلها كمثل بلدات فلسطينية كثيرة أخرى، قد تطوّرت على مرّ مئات السنين ارتباطًا بالخصائص الجغرافيّة للمنطقة. من خلال الاعتماد على الأراضي الزراعيّة ومناطق الرعي وموارد المياه الطبيعية، نشأ في هذه القرى نسيج من اقتصاد محلّي وتراث حضاريّ يربطان بين السكان والبيئة المحيطة بهم".
وأضاف التقرير "كانت الزراعة في القرى - جلّها– تقليديّة إذ اشتملت في الأساس على زراعة الزيتون وأشجار الفاكهة والبقوليات والحبوب".
واعتمدت تربيةُ المواشي في الأساس على المراعي الطبيعية التي تمتدّ على سفوح الجبل الكبير والوديان المحيطة به، وهكذا، على مرّ مئات السنين، اعتمدت التجمّعات القروية على الزراعة والرعي كمصدر رئيسيّ لمعيشتها.
وبحسب التقرير، فإنه وعلى مر السنوات استخدمت "إسرائيل" سلسلة من الوسائل الرسميّة وغير الرسميّة لقطع الصلة بين القرويين وأراضيهم ومن ثمّ نقلها إلى أيدي المستوطنين.
وكانت الحلقة الأولى في هذه السلسلة إنشاء مستوطنة ألون موريه في عام 1980 على مساحة 1278 دونمًا من أراضي القرى الثلاث، ويشار هنا إلى أنّ الحكومة الأردنيّة كانت قد سجّلتها في الطابو ممتلكات حكوميّة (أراضي دولة) منذ ما قبل عام 1967.
وبعد نحو عامين فقط، أعلن القائد العسكري الأراضي المتبقّية، الواقعة غربيّ المستوطنة، "محمية طبيعية" فنشأ بذلك حيّز فعليّ - أكبر بكثير من المسطّح البلدي للمستوطنة - بحيث أصبحت كلّ عملية تطوير يرغب الفلسطينيّون القيام بها (بناء، زراعة جديدة، ورعي) تستوجب مصادقة "إسرائيل" مسبقًا.
ووفق التقرير، فإنه وفي عام 1987، أُعلن 1700 دونم من مساحة المحمية الطبيعية "أراضي دولة"، ومنذ عام 1998 تقوم ضمن هذا الحيّز بؤرة استيطانيّة.
وأفاد أن الحلقة التالية في سلسلة تجريد الفلسطينيين من أراضيهم كانت في أواخر أيلول 1995، بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو 2.
وأوضح أنه جرى توزيع أراضي قرى عزموط ودير الحطب وسالم على منطقتي B وC، بحيث صُنّفت المساحة المبنية في ذلك الوقت ضمن منطقة B، في حين صُنّف معظم احتياطي الأرض اللازم لتطوير القرى، أي أراضيها الزراعية والمراعي، ضمن منطقة C والتي بقيت تحت السيطرة التامّة لـ"إسرائيل".
وورد في التقرير "يكاد كلّ استخدام من قبَل سكّان القرى لأراضيهم - في الأساس لأغراض التطوير والبناء- يحتاج مصادقة إسرائيليّة، وهذه أشبه بالمستحيل الحصول عليها. هكذا وُضعت بنية تحتيّة إداريّة لفصل الجزء الأكبر من الأراضي الزراعيّة ومناطق الرعي التابعة للقرى الفلسطينيّة عن المساحات المبنيّة في القرى نفسها".
ولفت إلى أنه وفي عام 1996، شقّت "إسرائيل" الشارع الذي يربط بين مستوطنتي ألون موريه وايتمار، والذي يتيح للإسرائيليين تجنّب المرور عبر المنطقة المبنية في قرية سالم، وهو ما كانوا يفعلونه سابقًا.
بذلك أنشأت "إسرائيل" البنية التحتية المادّية، استمرارًا للبنية التحتية الإدارية التي أنشئت سنة قبل ذلك، للفصل بين المساحات المبنيّة في هذه القرى الثلاث وبين أراضي سكّانها. بعد مضيّ أربع سنوات على شقّ الشارع اندلعت الانتفاضة الثانية.
ومنذ ذلك الوقت حُظر على سكّان القرى السفر على الشارع أو عبوره. ورغم انعدام أيّ أساس قانونيّ لهذا الحظر، شكّل الشارع الالتفافي المؤدّي إلى ألون موريه، ومازال يشكّل، العامل الأكثر تأثيرًا وأهميّة في تقييد وصول سكّان عزموط ودير الحطب وسالم إلى أراضيهم الزراعية ومراعيهم وموارد المياه الطبيعية خاصّتهم.
ونوه التقرير إلى أن كلّ قيد من القيود التي فرضتها "اسرائيل" على سكّان القرى الفلسطينية أتاح في الواقع للمستوطنين الغزو والتوسّع.
وذكر "تحت جُنح الفصل الذي فرضته إسرائيل بين السكّان الفلسطينيين وأراضيهم الزراعية ومراعيهم، يبني المستوطنون منازل في المنطقة، ويقيمون بؤرًا استيطانية، يشقّون الطرق، يزرعون الحقول، يغرسون الكروم، يرعون قطعان الأغنام، ويستولون على موارد المياه الطبيعية".
وأضاف التقرير "كلّ هذه الأفعال يرافقها اعتداءات جسدية يمارسها المستوطنون يوميًّا ضدّ سكّان القرى الفلسطينية دون رقيب أو حسيب".
وأكد أيضًا سعي "إسرائيل" لإضفاء مظهر من الشرعية القانونية الزائفة على كلّ أفعالها سواء بالادّعاء أنّها أفعال تنسجم والقانون الدولي أو القانون السّاري في الضفة، أو بالادّعاء أنّ تلك الأفعال تأتي بمبادرات خاصّة من قبل المستوطنين. لكنّ هذه الأفعال، كلّها، تشكّل خرقًا لأحكام القانون الدوليّ، وتستند إلى تأويل مشوّه ومتلاعب للقوانين التي تطبّقها "إسرائيل" بنفسها في الضفة الغربية.
وشددت "بتسيلم" على أن عزل سكّان القرى الفلسطينية عن أراضيهم الزراعيّة ومراعيهم وموارد المياه الطبيعيّة خاصّتهم، شكل انتهاكًا حادًّا لحقوقهم، إذ أدى إلى انهيار اقتصادي، وفرض عليهم واقع الفقر، والتبعيّة لجهات خارجيّة، وانعدام الأمن الاقتصادي والغذائي والاجتماعي.
"بتسيلم": الاحتلال حطّم مجمل الفضاء القروي بالضفة
12-12-2016
مشاهدة: 1646
إعلام حركة فتح - إقليم لبنان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها